(حراء أونلاين) صدر مؤخرًا عن دار النيل كتاب جديد بعنوان “جهود التجديد” للأستاذ فتح الله كولن، ويعد هذا الكتاب هو الكتاب الثالث من سلسة الجرة المشروخة.
الكتاب عبارة عن مجموعة أسئلة مهمة وجهت إلى الأستاذ كولن في فترات مختلفة، تمس هذه الأسئلة القضايا الشائكة في العالم الإسلامي، وترفع العائق أمام تغذية الروح والعقل.
يتناول الأستاذ كولن في هذا الكتاب مسألة إحياء الآخرين، والشغف بمحاولة انتشالهم من رقدتهم، ويفرق فيه الأستاذ كولن بين التدين والحساسيّة الدينية، فينظر إلى الحساسية الدينية نظرة أوسع وأعمق، ويرى أن أول حدود الحساسية الدينية تبدأ عند آخر حدود التدين.
ويعرّج الأستاذ كولن في هذا الكتاب عن العمل التطوعي وساعات العمل التطوعية لدى أرباب الخدمة إلى منهج ورثة النبوة في تنظيم الحياة، فيعرضُ منهجين ويقارن بينهما ويؤصل لأحدهما كمنهج يجب اتباعه لاسيما في ظروف عصرنا الحالي، أما الأول فهو منهج الاعتزال والانقطاع عن الغير والانغلاق على النفس بالعبادة الفردية في الخلوة، والتجرد عن كل الإمكانيات المادية والدنيوية لصالح الدعوة، أما الثاني فالفاعلية والمشاركة والمعاشرة والتبليغ، والموازنة بين الدين والدنيا.
ولا ينسى الأستاذ كولن كما عهدناه أن يصرخ صرخة إخاء نادرة في زمن العداوة، فيدعو إلى تشكيل مناخ سلمي على مستوى الإنسانية، وذلك عبر إقامة جسور من التواصل بين الثقافات والحضارات، وتهيئة مناخ مناسب للتبادل المفيد بين الحضارات.
ويركز الأستاذ كولن على احترام الإنسان، حتى لو كان هذا الإنسان متجاوزًا حدوده، ويعتبر ذلك فرصة لعرض وإظهار الأدب المحمدي الفريد في احترام الأخر كائنًا من كان.
ويرى الأستاذ كولن أنه ليس من الصحيح أن ينسب الإنسان لنفسه النجاحات التي أُحرزت نتيجة مساعي وجهود الملايين من الناس، ولا أن يعتبر توجه الناس إليه حقًّا له، وهذا الوضع يعد غلولاً وذنبًا عظيمًا وخيانة للأمانة.
ويوضح الأستاذ كولن أن السبيل الذي يجب اتباعه والكمال الحقيقي بالنسبة للمؤمنين المكلفين بمعايشة الدين وتبليغه –ولاسيما وارثي دعوة النبوة- هو أن تكون مع الحق بين الخلق، وإن معية الحق بين الخلق سلوك نبوي، ووظيفة المؤمن الأساسية هي أن يجعل المكان الذي يعيش فهي يحاكي القاعدة بقدر الإمكان.
ويجب الأستاذ كولن في هذا الكتاب عن الأسئلة التي وجهت له في أماكن متفرقة والتي تشغل العالم الإسلامي خاصة في أيامنا الحالية، ليشخص فيها الداء الذي أصاب الأمة ويحاول معالجته بموضوعية وواقعية بعيدا عن المثالية الخيالية.
إن هذا الكتاب كتاب فريد في محتواه غزير في علمه، لا يستغني عنه مفكر ولا طالب علم أو متعلم، فمن خلاله سيطلع على معنى جديد للتجديد خلافًا للمعنى المعهود من الناحية الفقهية، يسعى الأستاذ كولن من خلال هذا الكتاب إلى تجديد الذات والرقي بها إلى الكمالات، ليصير الإنسان بعد ذلك نموذجًا حقيقًا يصلح أن يكون من وارثي النبوة حقًا.