صناعة الحلال العالمية من القطاعات الواعدة حيث تنمو بمعدل سنوي يقدر بـ 20٪ مما يجعلها واحدة من أسرع قطاعات المستهلكين في العالم. ولم يعد يقتصر سوق الحلال العالمي على نحو 1.8 مليار مسلم في الغذاء والمنتجات الغذائية ذات الصلة؛ بل توسعت صناعة الحلال الآن خارج قطاع المواد الغذائية لتشمل الصناعات الدوائية ومستحضرات التجميل والمنتجات الصحية ومستلزمات وأجهزة طبية، وكذلك مكونات قطاع الخدمات مثل الخدمات اللوجستية والتسويق ووسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية، والتعبئة والتغليف، والعلامات التجارية، والتمويل.
صناعة الحلال العالمية من القطاعات الواعدة حيث تنمو بمعدل سنوي يقدر بـ 20٪ مما يجعلها واحدة من أسرع قطاعات المستهلكين في العالم.
ويُعرّف مصطلح “الحلال” على أنه ميزة تصف منتج استهلاكي ما أو مجموعة منتجات استهلاكية تراعي مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية خلال كافة مراحل سلسلة الإمداد الخاصة بها، بما في ذلك الإنتاج، والنقل، والتوزيع. وتُمنح “شهادة الحلال” حاليًّا على مستوى العالم لأكثر من 500 منتج من الأغذية، ومستحضرات التجميل، والمستحضرات الصيدلانية، والمنسوجات، والمنتجات الجلدية.
وتشير التوقعات إلى أن عدد المسلمين في العالم سوف يصل إلى 2,2 مليار في2030 مما يعنى زيادة الطلب على قطاع المنتجات الحلال وتتزايد السلع التي لا تحتوي على لحم الخنزير أو الكحول، إضافة إلى الخدمات المالية والسياحة الإسلامية مع تزايد أعداد المسلمين في العالم، وقد دفع ارتفاع الطلب على المنتجات الحلال بالشركات والمطاعم والفنادق في أنحاء العالم إلى السعي في تلبية احتياجات الزبائن المسلمين، وفي هذا الاتجاه، تقود دول مثل اليابان وكوريا الطريق لتحويل مطاعمها وفنادقها إلى أماكن تقدم المنتجات الحلال حتى تتمكن من استقطاب المزيد من السياح من الدول الإسلامية، ومؤخرًا دخلت الصين هذا المضمار الجديد كلاعب رئيسي على أمل إيجاد سوق جديد قادر على استيعاب المنتجات الصينية في هذه الصناعة الغذائية القادرة -حال نجاح بكين في اختراقها – على إعادة التوازن من جديد لمنظومة الاقتصاد الصيني .
وعلى هذا الصعيد جندت باكستان سلطاتها لمحاربة المنتجات غير الحلال، ووضعت بهذا الشأن قائمة بنحو 20 مادة مستوردة تعتبرها مخالفة للتشريع. وتستهدف الحملة خاصة المنتجات المحتوية على مشتقات من لحم الخنزير أو مواد كحولية أو لحوم حيوانات لم تذبح وفق الشريعة الإسلامية، وتريد من ذلك أن تستفيد اقتصاديًّا من سوق الحلال في منطقة الخليج، ويلاحظ أن متاجر باكستان لا يوجد بها أنواع عدة من المنتجات الغذائية المستوردة، من قطع الحلوى بطعم الفاكهة إلى الحساء السريع التحضير، للاشتباه في إمكانية احتوائها على عناصر غذائية مخالفة للشريعة الإسلامية، فيما تستعد البلاد لتصدير منتجاتها المصنفة على أنها “حلال” إلى دول الخليج.
وتشير التوقعات إلى أن عدد المسلمين في العالم سوف يصل إلى 2,2 مليار في2030 مما يعنى زيادة الطلب على قطاع المنتجات الحلال.
أما ماليزيا فقد قررت أن تتعدى اقتصاد بلدها لتجعل من الحلال مفهوما جديدًا ذا مكانة في عالم الاقتصاد الديني، على غرار البنوك الإسلامية. فمفهوم “الحلال” في ماليزيا يشمل مجالات مختلفة، أهمها الصناعات الغذائية، حيث تخضع كل المنتجات الغذائية إلى هذه الرقابة قبل أن يسمح لها بالتسويق (ذلك أن جميع المتاجر الغذائية في ماليزيا تصنف بين قسم الحلال وقسم غير الحلال)، إلى جانب مواد التنظيف أو الصيدلة أو حتى التجميل. وكي يحظى المنتج بشهادة “حلال”، يجب أن تكون مكوناته خالية من أي جزء من حيوان محرم على المسلمين أو من غير الذبيحة، وأن لا تتضمن عملية تصنيعه أي مكون أو منتج يعتبر نجاسة بالنسبة للمسلمين (كالدم أو الكحول) وأن لا تقوم الشركة المسؤولة عن تصنيعه بإنتاج أي سلع أخرى تتضمن مكونات محرمة شرعًا.
ويعد قطاع الأغذية الحلال أسرع القطاعات الغذائية نموًا في العالم وهو يشكل حوالي17% من السوق العالمي، وقد بلغ حجم الإنفاق على هذا القطاع نحو 1.8 تريليون دولار عام 2014، ويقدر أن يصل إلى 2.6 تريليون دولار عام 2020، وقد عرضت العديد من الشركات والعلامات التجارية المختصة بالأغذية الحلال آلاف المنتجات الغذائية الحلال، التي تندرج تحت فئات مشروبات الطاقة، والأطعمة النباتية التقليدية والنباتية التامة الخالية من منتجات الألبان والبيض، واللحوم والدواجن والأغذية المعلبة والأطعمة الفاخرة والممتازة. وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية -المصدر الأبرز للأغذية إلى المنطقة- إلى دعم حصتها من منتجات السوق الحلال، ولا تزال الكثير من شركات الأغذية العالمية الكبرى تبحث في الفرص التي تتحها سوق الأغذية الحلال المتوقع أن تصل قيمتها إلى 10 تريليونات دولار في العام 2030.
وبالرغم من انتشار هذه الصناعة دوليًّا، إلا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لازالت تمثل أهمية كبيرة في هذا المجال بفعل الكثافة السكانية للمسلمين فيها، فحجم سوق الأغذية وحده يبلغ 85 مليار دولار في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي و237 مليار دولار فيما تبقى من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ولعل أبرز تطور لآفاق اقتصاديات الحلال هو السياحة التي طالما ما ارتبطت في أذهان كثيرين بالشواطئ المختلطة والمشروبات الكحولية وربما البحث عن المتعة بلا ضوابط، لكن مفاهيم مثل “السياحة الحلال” أو “السياحة الإسلامية” بدأت تجذب انتباه أصحاب الفنادق الكبرى ووكالات السياحة مع تنامي الطلب على هذا النوع من السياحة الملتزم بتعاليم الإسلام. وتنوع المصطلحات التي تصف هذا النوع من السياحة وتختلف من مجتمع لآخر لكن أكثرها انتشارًا هي السياحة الحلال والسياحة الإسلامية والسياحة الملتزمة بالشريعة الإسلامية والسياحة العائلية وسياحة المسلمين. ويرى خبراء السياحة الدينية أن السياحة الحلال لا تهتم فقط بتوفير هذه الاحتياجات وإنما تمتد لتوفير أماكن مخصصة للترفيه للنساء ومنع وجود الخمور ولحم الخنزير في الطعام، وإيجاد أماكن ملائمة للصلاة. ويقدر تقرير لتومسون رويترز عن الاقتصاد الإسلامي حجم الإنفاق العالمي للمسلمين على السفر إلى الخارج بقيمة 142 مليار دولار في عام 2014 باستثناء الحج والعمرة، مما يجعل هذا السوق يشكل 11% من الإنفاق العالمي على أسواق السفر، ويتوقع هذا التقرير أن يزيد الإنفاق العالمي للمسلمين على السفر إلى الخارج إلى 233 مليار دولار في سنة 2020 معتبرا “أن سفر المسلمين لقضاء العطلات والترفيه قد تجاوز إطار الاقتصاد الإسلامي وأصبح في حد ذاته قطاعًا رئيسيًّا في الاقتصاد العالمي الأوسع”.
ويعد قطاع الأغذية الحلال أسرع القطاعات الغذائية نموًا في العالم وهو يشكل حوالي17% من السوق العالمي، وقد بلغ حجم الإنفاق على هذا القطاع نحو 1.8 تريليون دولار عام 2014، ويقدر أن يصل إلى 2.6 تريليون دولار عام 2020.
وتواصل الأزياء المحافظة مسيرة التوسع والازدهار المتنامي، ويمثل هذا القطاع اليوم 11 % من حجم الصناعة الإجمالي، وسينمو بنسبة 6 % بحلول عام 2020. وبلغ الإنفاق العالمي للمستهلكين المسلمين على المستحضرات الصيدلانية 72 بليون دولار عام 2013، ويُتوقع أن يصل إلى 103 بلايين بحلول عام 2019.
علاوة على الجانب الدّيني والاقتصادي الذي تحترمه هذه المنظومة الجديدة والذي من شأنه أن يستقطب المستهلكين المسلمين، فإن شهادة “حلال” تحمل كذلك بعدًا أخلاقيًّا في مجال تتبع عملية التصنيع، إذ أنها تطمئن المستهلك حيال جميع مراحل الإنتاج وحيال المكونات التي يتضمنها المنتج، في عالم بات فيه المستهلك متطلعًا لمزيد من الشفافية.
وفي ظل ما يحمله قطاع الأغذية الحلال من فرص استثمارية واعدة، بات قبلة المئات من الدول والجهات الاستثمارية الدولية، إلا أن هناك عدد من التحديات التي يرى الخبراء أنها ستواجه هذا القطاع الغني، يتقدمها فقدان المصداقية في الشهادات التي تمنحها الجهات المعنية بهذه الصناعة، وافتقار هذه الجهات إلى الشفافية والكفاءة في ظل وجود العديد من الهيئات المانحة حول العالم لتتبع آلية توثيق محددة. أيضا عدم وعي المستهلكين بمفهوم المنتج الحلال نتيجة لغموض المعلومات من منشأ مكونات المواد الخام المستخدمة في المنتج، والتفسير غير الموحد لمعنى الحلال؛ نتيجة لعدم وضوح الفتاوى الإسلامية المتعلقة بالمنتج الحلال بالنسبة للمستهلك والصانع والتاجر، والانعكاس السلبي أحيانًا لمفهوم الحلال نتيجة التخوف الغربي من الإسلام، وجهل المنشآت الغربية بمعايير الحلال، ولذا تواجه أسواق الحلال في الدول الغربية أزمة في ظل صراعات الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط، مما يجعل بعض الدول تتشدد في إنتاج وتوزيع اللحوم الحلال مثل بولندا وهولندا على وجه خاص.
أمام هذه التحديات، وأيضًا للتغلب على استحواذ دول غير إسلامية على الجزء الأكبر من اقتصاد الحلال، يجب توفير التمويل اللازم لدعم مشروعات ومبادرات هذا الاقتصاد من مجموعة البنك الإسلامي للتنمية ومن المؤسسات التمويلية وتأسيس مركز أبحاث يتولى أعداد المؤشرات الخاصة بالتجارة الحلال ويوفر المعلومات والدراسات، وتأسيس مركز تدريب يهدف إلى تأهيل المواطنين المسلمين وغيرهم من أجل تهيئتهم وتوظيفهم وفق الشريعة الإسلامية. وضرورة ووجود جهة مرجعية عالمية واحدة لاعتماد الجهات التي تصدر شهادات الحلال، وأيضا وجود هيئة موحدة للمواصفات والمعايير الحلال ووضع منظومة تشريعية موحدة لمتطلبات ومعايير المنتجات الحلال وتطوير معايير ومواصفات الحلال وضبطها فقهيًّا.
وفي ظل ما يحمله قطاع الأغذية الحلال من فرص استثمارية واعدة، بات قبلة المئات من الدول والجهات الاستثمارية الدولية.
وأخيرًا وعلى الرغم من أن صناعة الحلال أصبحت أكثر ازدهارًا، لكنها أصبحت في الوقت نفسه أكثر تعقيدًا وتحديًّا، ووسط هذا كله لا يستطيع أحد أن ينكر ضعف المشاركة العربية سواء على الصعيد الرسمي أو القطاع الخاص أو حتى على مستوى علماء الدين في سوق صناعة الحلال.
إضافة إلى أن كل تلك الجهود لابد أن تتكاتف من أجل استراتيجية واحدة وهى اختراق الأسواق الكبيرة مثل الولايات المتحدة وأوروبا واليابان والصين ودول أسيا، من خلال إغراقها بمنتجات “حلال” ولاتخاذ خطوة مثل هذا لابد أن يتم توظيف الجهود توظيفًا جيًّدا، ليس بعلماء الدين وحدهم، بل بإشراك خبراء التجارة، والعلماء والمعاهد المتخصصة وحتى الحكومات من أجل التوصل إلى معايير موحدة تتطابق مع المقاييس الدولية، ليصبح هناك استفادة حقيقة لدول العالم الإسلامي من تلك الصناعة، وفى نفس الوقت طمأنة المستهلك وحمايته من الغش في ظل زيادة واضحة لسوق الحلال. ومن هنا تأتى أهمية توحيد معايير وشهادات الحلال بين دول العالم، والتي تعتبر من أهم التحديات التي تواجه صناعة الحلال الدولية، ويتفرع منها تحديات أخرى، لعل أهمها معاناة سوق الحلال الدولي من نقص كبير في التزود بمنتجات الحلال غير الغذائية لتغطية النمو المتزايد للطلب على تلك المنتجات، حيث إن معظم قطاعات الحلال تتركز على الأغذية، إلا أن هناك طلبًا كبيرًا في قطاعات أخرى مثل مستحضرات التجميل والرعاية الصحية والسياحة.
ويبقى السؤال: إذا كان قطاع الاقتصاد الحلال ينمو ويزدهر بهذه الصورة، فكيف يترك هكذا عرضة لأطماع الشركات الدولية ومتعددة الجنسيات، والتي قد تنتمي لدول لا تعرف عن الإسلام شيئًا، فضلاً عن أخرى قد تكن بداخلها العداء للإسلام ليل نهار، فأين الشركات المسلمة من هذا المضمار الحيوي؟ ولماذا يترك خير بلاد المسلمين لغير المسلمين؟
نمو اقتصاد الحلال خلال الفترة (2020-2014) المبالغ بالبليون دولار
البيان | عام 2014 | النسبة من السوق العالمي % | عام 2020 |
الأغذية الحلال | 1.128 | 17 | 1.585 |
التمويل الإسلامي | 1346 | 1.3 | 3247 |
السياحة | 142 | 11 | 233 |
الأزياء | 230 | 11 | 327 |
الإعلام والترفيه | 179 | 5 | 247 |
المستحضرات الدوائية | 75 | 7 | 106 |
مستحضرات التجميل | 54 | 7 | 80 |
المصدر: تقرير واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي 2015/2016