بعد الانطلاقة الأولى الناجحة لإصدارة “نسمات” الورقية يأتي العدد الجديد (الثاني) الذي صدر في مارس 2017 محتويًا على باقة متنوعة ومتميزة من الدراسات والمقالات والرحلات الوثائقية والحوارات (تسعة موضوعات) ليتواصل “الحفر الدقيق” في ثنايا مشروع الخدمة الحضاري سواء في جوانبه الفكرية أو مجالاته التطبيقية.
ففي دراسة بعنوان:” صناعة الأجيال رافعة الانبعاث الحضاري” تناول الأكاديمي المغربي البارز الدكتور عبد المجيد بو شبكة قضية الانبعاث الحضاري في مشروع الخدمة من زاوية صناعة الأجيال وذلك عبر ستة محاور ذكرها تفصيلا في الدراسة.
كما تحدث المفكر والأستاذ الجامعي الجزائري سليمان عشراتي عن مكانة السنة عموما ودورها في إرساء قواعد التوازن العالمي، ثم تعرض للموقع الذي تحتله السنة في منهج كولن وتجليات ذلك فكريًّا وتطبيقيًّا.
أما الموضوع الثالث فهو حوار أجراه “نوزاد صواش” مع شخصيتين أكاديميتين وازنتين من المغرب والجزائر؛ الأستاذ الدكتور محمد إقبال عروي، والأستاذ الدكتور سعيد بويزري، عبَّرا فيه -بعد زيارة ميدانية لمناشط “الخدمة” في إقليم كردستان العراق-عن مشاهداتهما وتحليلهما لما رأوه هناك، واستنباط الرؤى والأفكار التي ولَّدت هذا النشاط، وتداعياته الإيجابية ومدى تفاعل المجتمع معه.
كما طرح الدكتور محمد بابا عمي مدير معهد المناهج للدراسات العليا بالجزائر العاصمة إشكاليته حول العلاقة بين ثلاثية (الدين/الأخلاق/ الحضارة)، ثم تناول مكانة الأخلاق ودورها المحوري في البناء الحضاري عند المفكِّرَين العَلَمَين “مالك بن نبي وفتح الله كولن” مستعرضًا أهم ما دونَّاه في هذا الشأن من خلال كتاباتهم ومدوناتهم العلمية والتجريبية.
وفي الحقل التربوي عرضت الدكتورة باربرا س.بويد عضو هيئة التدريس بجامعة أوكلاهوما بالولايات المتحدة الأمريكية دراسة مقارنة بين “كولن” الذي يُعَدُّ رائد أحد الحركات التعليمية الأكثر إبداعية في عالم اليوم، و”باركر بالمر” التربوي والمُحفِّز الروحي الأمريكي الذي يُقدِّم واحدًا من أكثر النماذج التعليمية المُلهِمة في الولايات المتحدة، “على حد تعبير الكاتبة”.
أما محمد شتين عالم الاجتماع التركي، وصاحب كتاب: “حركة كولن: خدمة مدنية بلا حدود”، فيلقي أضواء كاشفة حول فكرة تعددية انتماءات المشاركين في حركة الخدمة باعتبارها إحدى السمات البارزة لهذه الحركة، وطريقة عمل المجموعات فيها، كما يتعرض للآثار المترتبة على هذه التعددية، وما تتيحه من فرص ومهارات.
ويتابع الأستاذ الدكتور محمد جكيب الحلقة الثانية من رحلته الوثائقية في الولايات المتحدة الأمريكية يتحدث فيها عن أبناء الخدمة الذين يسهمون في البناء الحضاري في هذه الربوع من العالم، وقد أطلق عليهم “بلابل الخدمة”، وقال عنهم: “تقرأ في عيونهم محبة جمَّة لما يقومون به، ومحبة جمَّة لهجرتهم”.
أما الأستاذة الدكتورة سعاد الناصر، فتستجلي “الأسس الفاعلة في الانبعاث الحضاري” من خلال الكتاب الماتع للأستاذ كولن “ونحن نبني حضارتنا” الذي يصوغ فيه رؤيته للانبعاث من منطلق مقومين أساسيين: الإيمان والهدف، من أجل أن يعيش الإنسان الحقيقة، في توازن مع فطرته ومع الكون من حوله.
ويختتم العدد تطوافه مع الأكاديمي الأمريكي التربوي أ.د. صامويل د. هنري، في دراسة تطبيقية ميدانية تَتبَّع فيها سرد المسار التعليمي لأحد شباب حركة الخدمة في المراحل التعليمية المختلفة كما تبدَّى في ثلاثة أسئلةٍ رئيسية طرحها داخل الدراسة، محاولا تعقُّب وإلقاء الضوء على نموذجٍ حياتيٍّ يرتبط بحركةٍ اجتماعيةٍ دينيةٍ وفلسفية.