أخبر موظفو القصر، السلطان سليمان القانوني (1520-1566) باستيلاء النمل على جذوع الأشجار في قصر طوب قابي.. وبعد استشارة أهل الخبرة خلص الأمر إلى دهن جذوعها بالجير.. ولكن لم يكن من عادة السلطان أن يقدم على أمرٍ دون الحصول على فتوى من شيخ الإسلام.. فذهب إلى أبي السعود أفندي بنفسه يطلب منه الفتوى، فلم يجده في مقامه فكتَب له رسالة شعرية يقول فيها:
إذا دبّ النمل على الشجرِ
فهل في قتله من ضررِ؟
فأجابه الشيخ حال رؤيته الرسالة بنفس الأسلوب قائلاً: إذا نُصِب ميزانُ العدل غدًا
يأخذ النمل حقه بلا خجلِ
وهكذا كان دأب السلطان سليمان.. إذ لم ينفّذ أمرًا إلا بفتوى من شيخ الإسلام أو من الهيئة العليا للعلماء في الدولة العثمانية.
توفي السلطان في معركة “زيكتور” أثناء سفره إلى فيينا.. فعادوا بجثمانه إلى إسطنبول.. وأثناء التشييع وجدوا أنه قد أوصى بوضع صندوق معه في القبر.. فتحير العلماء وظنوا أنه مليء بالمال فلم يجيزوا إتلافه تحت التراب وقرروا فتحه.. أخذتهم الدهشة عندما رأوا أن الصندوق ممتلئًا بفتاواهم.. فراح الشيخ أبو السعود يبكي قائلاً: لقد أنقذتَ نفسك يا سليمان، فأي سماء تظلنا وأي أرض تُقِلّنا إن كنا مخطئين في فتاوانا؟!