أجرى العلماء أبحاثًا حول حشرة “اليعسوب”، فاندهشوا عندما رأوها تتمتع بتصاميم مبهرة في جسمها وجناحها، وبتقنية عالية في طريقة طيرانها… وجدوا أن هذه الطائرة الحية تمتلك أنظمة طيران مذهلة، ولديها حيوية كبيرة وسرعة فائقة في المناورة والطيران واتخاذ طريق معيّنة… إنها تقف في الهواء، وتطير نحو الخلف، وتملك قدرة الهبوط والصعود العمودي، وتتحلى بنظام رؤية خارقة.
نعم، حشرة اليعسوب تتحلى بزوجين من الأجنحة الغشائية التي تتحرك باستقلالية تامة عن بعضها البعض، الأمر الذي يُكسِبها نظامَ طيران مدهش. تطير حشرة اليعسوب بسرعة تصل إلى 50 كم في الساعة الواحدة. وقابلية المناورة لديها تفوق أحدث المروحيات المتطورة لدى الإنسان، حيث تتمكن بواسطة هذه القابلية من التخلص بنفسها من الطيور والحيوانات الأخرى بكل سهولة.
هذه الحشرة لها عيون كبيرة جدًّا تغطي معظم رأسها، وبين هذه العيون يوجد 30 ألف عين دقيقة كل منها ترى نقطة معينة، فضلاً عن أن هذه الحشرة تملك موهبة خارقة في رؤية الكائنات الساكنة على بُعد مترين، ورؤية الكائنات المتحركة على بُعدٍ يعادل ثلاثة أضعاف هذه المسافة.
هذا وقد زُوّدت حشرة اليعسوب أيضًا أمام عيونها بنظام يمكّنها من إبقاء رأسها موازيًا سطح الأرض، تمامًا مثل الـ”جراسكوب” الذي يُستخدَم في الطائرات، لتحديد خط أفق اصطناعي يعرف الطيارُ من خلاله خطّ الأفق الحقيقي ويحدد موقع الطائرة بعد المناورة وفقًا لسطح اليابسة وينجو من السقوط.
واللافت للنظر أنه إذا وقع أيّ تغيّر في موضع جسم اليعسوب، فسرعان ما يتم تنبيه الشعيرات الكائنة بين رأسها وجسمها؛ فتقوم الخلايا العصبية في جذور هذه الشعيرات، بإرسال الإنذارات إلى عضلات اليعسوب لإخبارها عن موضعها في الهواء، عندها تقوم عضلات الأجنحة ببرمجة سرعةِ وعدد رفرفة الأجنحة أوتوماتيكيًّا… وهذا يساعدها على التحكم بجسمها، ويحفظ لها توازنها ووجهة طيرانها حتى في أصعب المناورات… وهذا النظام بحدّ ذاته أمر خارق في هندسة الطيران.
قام العلماء بعد كل ما توصلوا إليه من اكتشافات حول حشرة اليعسوب، بتصميم مروحية “سيكورسكي” التي تعدّ الأولى في العالم، محاولين بها محاكاة حشرة اليعسوب الصغيرة.