تُعد السياحة أكبر صناعة في العالم وأكثرها تنوعًا، وتستفيد منها بلدان كثيرة كمصدر رئيسٍ للدخل والعمالة ونمو القطاع الخاص وتنمية الهياكل الأساسية.
ويساعد بناء بيوت الضيافة ومراكز الترفيه في أماكن مختلفة على خلق ميزانيات كبيرة للمدن التي تتنافس على إنشاء مثل تلك المراكز، بجانب المطارات والمراكز الريفية، والخدمات التي تقدمها وكالات السفر، وتلك المشاركة في صناعة السياحة، وكذلك التسهيلات التي تمنحها المكاتب السياحية للدولة. وأخيرًا، فإن التكنولوجيا المتقدمة تجعل الرحلات السياحية آمنة وصحية وسليمة وممتعة للسياح.
يسافر السائحون إلى الوجهات المختلفة لأسباب متباينة، لا سيما لتغيير المكان مؤقتًا، والاسترخاء، والاستجمام، والتعرف على العادات والتقاليد المختلفة، وقضاء وقت الفراغ. وفي الوقت الحاضر، تحولت السياحة الريفية إلى نشاط اقتصادي رائد، وتُظهر الدراسات وجود علاقة إيجابية بين تنمية السياحة الريفية وزيادة الدخل، ويمكن أن تكون طريقة مناسبة لتعزيز الخصائص الاقتصادية وفرص التوظيف بالنظر إلى إمكانات السياحة الريفية.
وقليل من السياح من يدرجون السياحة الريفية في برامجهم السياحية؛ إذ لا يوجد تسويق أو إعداد كافٍ لها، إلا في مناسبات بعينها، وعلى سبيل الزيارات الفردية لا الجماعية، حيث يعمد السائح إلى النزول ضيفًا في إحدى القرى المصرية، فيتمتع بالمناخ الصحي، والمياه من “الطرمبة”، والطعام المحلي مثل الفطير المشلتت، والجبن، والقِشْطة، و”القُرص”، وشوي الذرة في الحقول، والاستضافة في المسكن الريفي البسيط بمكوناته الأصيلة، وغيرها من مظاهر الإبداع الريفي.
إن مساهمة المجتمع في السياحة جزء ضروري من تنميته، والهدف الرئيس للبحوث الأساسية في هذا الميدان هو تقديم مبادئ توجيهية يمكن لصناعة السياحة والمجتمع من خلالها أن يتمتعا بفوائد ثنائية في هذه المساهمة طويلة الأجل. وتتوافق تنمية السياحة الريفية مع التعديلات الاجتماعية والاقتصادية في المناطق الريفية، وفي المناطق الأوروبية تمثل السياحة وسيلة هامة وجديدة لتعزيز فرص العمل وخلق رأس المال، مع الناتج الثانوي المتمثل في كسر العزلة الاجتماعية الريفية، وإعادة تعبئة هذه المناطق التي فقدت جزءًا من سكانها. وبعبارة أخرى، هي حل للعديد من المشاكل التي يواجهها المزارعون في أنحاء العالم.
إن تعزيز أنشطة السياحة الريفية التي تغطي نطاقًا واسعًا من الفعاليات في مثل هذه الأماكن له فوائد كثيرة يمكن أن تؤدي إلى التنمية الريفية، كما أن الأضرار التي تلحق بالبيئة الريفية نتيجة وصول السياح تجعل المسؤولين في قطاع السياحة يفكرون في تحسين الإشراف والرقابة، كما هو الحال بالنسبة للوجهات السياحية الأخرى. غير أن فكرة السيطرة أو الرقابة النسبية لا تتفق مع المعنى الحقيقي للسياحة الريفية، لأن الدافع وراء معظم الزائرين لهذه المناطق هو الهروب من القيود والحياة الروتينية واللوائح الحضرية.
يأخذ الجانب الجغرافي للتنمية في الاعتبار الاستخدام الأمثل للموارد البيئية؛ ففي الواقع يُطلب من الناس استخدام الموارد البيئية بشكل منطقي ومنظّم، فالوصول إلى تنمية جيدة في السياحة الريفية يعني النظر في عوامل مثل الهيكل التنظيمي المناسب، والتخطيط للقوة البشرية وتدريبها، ووضع الأنظمة السياحية، وزيادة رأس المال. وللحصول على تنمية مستقرة في صناعة السياحة، هناك حاجة ماسة إلى توليف الإدارة والتنسيق بين الدولة والقطاع الخاص.
وتُبين البحوث أن الدافع وراء زيارة المناطق الريفية يرتبط أكثر بالسمات النفسية، مثل السلام، والحرية، والتقاليد الريفية التي تُعد نقيض الحياة الحضرية الحديثة. ولصناعة السياحة صلة لا تنفصل بعدد من المنظمات الحكومية وغير الحكومية، لذا يجب عند تنفيذ أي مبادرة أو وضع استراتيجية أو مبادئ توجيهية التعاون مع تلك المنظمات.
ويشكّل استهلاك الطاقة الريفية في البلدان النامية الجزء الأكبر من إجمالي استخدام الطاقة على الصعيد الوطني، كما أن العديد من المناطق الريفية في هذه البلدان تُعد من عوامل الجذب السياحي الرئيسة. إلا أن النمو غير المنضبط للسياحة يفرض ضغطًا إضافيًّا على الموارد المحلية الثمينة مثل خشب الوقود، الذي يُعد مصدرًا رئيسًا للطاقة المستهلكة في أعمال الإسكان والطعام في المقاصد السياحية الريفية النائية. وقد أكّد النمو الكبير للسياحة الريفية في أواخر الستينيات الحاجة إلى التخطيط لتفادي الضغط على الموارد.
وينبغي لمشاريع السياحة البيئية – من الناحية النظرية – أن تسعى إلى تمكين المجتمعات المحلية، ويمكن تحقيق هذا التمكين بطرق متنوعة، مثل المشاركة النشطة في عملية السياحة البيئية، والحفاظ على السيطرة على مشروعاتها، وإيجاد تجربة تكون فيها آليات اتخاذ القرار مناسبة ثقافيًا.
وفي إسبانيا تم تطوير المنازل الريفية كاستراتيجية لبقاء المزارع الأسرية الصغيرة، وهي اليوم تلعب دورًا هامًّا في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للوجهات الريفية. وينبغي إيلاء مزيد من الاهتمام لتيسير التنسيق وترتيبات الشراكة على الصعيدين الإقليمي ودون الإقليمي، مع إنشاء هياكل أساسية جديدة لتجنب المنافسة الهدّامة وتشجيع المنافسة الإيجابية.
والمقياس الأكثر شيوعًا للأثر الاجتماعي والثقافي للسياحة هو نسبة الزوار إلى السكان المحليين، وهو مؤشر أكثر دقة من عدد مرات بقاء الزوار أو متوسط مدة إقامتهم. وتتمثل أهم المواقع البحرية السياحية في أماكن صيد الأسماك والمواقع المنعزلة للاسترخاء.
ويمكن أن يكون التفاعل ديناميكيًّا أو بنّاءً أو هدّامًا؛ فمن ناحية يمكن أن يساعد على إنعاش الاقتصاد المحلي من خلال المساهمة في زيادة فرص العمل وخلق الدخل، كما يمكن أن يسهم في تعزيز الثقافات المحلية والحفاظ على البيئة أو إعادة بناء الهياكل التي هي من صنع الإنسان. ومن ناحية أخرى، قد يؤدي إلى جعل الاقتصادات المحلية تسير قدمًا، لكنه قد يخفض نوعية الحياة والوضع البيئي للمجتمعات المحلية. ولذلك فإن الهدف النهائي للسياحة هو إقامة توازن بين هذه العناصر الثلاثة، فضلاً عن الحفاظ على البيئة على المدى الطويل، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال ممارسة المبادئ التي تقدمها السياحة والمنظمات البيئية.
ويُعد التزويد بالمعلومات من العوامل التي تعزز تنمية السياحة الريفية، فالإعلانات واهتمام السلطات بالقرى، فضلاً عن عقد الاجتماعات والمعارض الخاصة بالمنتجات الريفية، كلها تؤدي دورًا هامًّا في جذب السياح والزوار إلى هذه المناطق.
ويمكن للمرافق أن تعزز تنمية السياحة الريفية، وتشمل هذه المرافق: الكهرباء، والمياه، والمدارس، والمساجد، والكنائس، والمستوصفات، ومراكز الاتصالات، والإنترنت، والمصارف، وأماكن الإقامة ودور الضيافة، والفيلات التي تحتوي على أماكن جيدة، والمناطق المهنية والسكنية لتنظيم الاستثمار الخاص والحكومي، بالإضافة إلى متوسط دخل السكان الريفيين وقرب الريف من مركز المدينة. كما تشمل البنية التحتية الريفية طرق النقل، والتخطيط التنظيمي والمؤسسي، واهتمام الدولة بالمستثمرين، وسهولة الوصول المحلي، وتنمية الصناعات الريفية الصغيرة.
إلى جانب ذلك، تسهم العوامل الطبيعية في تطوير السياحة الريفية، مثل موقع القرى، ووجود الينابيع المعدنية الدافئة، والشلالات، والمناطق الجبلية، ومناخ القرى الذي يتميز بتساقط الثلوج. ولهذا تُعد القرى في كثير من الأحيان منزلاً ثانيًا للزوار.
كما تؤثر العوامل الثقافية في تنمية السياحة الريفية، وتشمل هذه العوامل الأماكن الدينية، والأضرحة المقدسة، والآثار التاريخية، والمعالم الريفية، والتقاليد، والمجالس الإسلامية، وأسلوب تحية القرويين، والمناسبات الخاصة مثل الحداد وحفلات الزفاف، ومعتقدات الناس. وتُعد التنمية السياحية الريفية فعالة في القرى النامية، إذ يمكن أن تتحقق التنمية الريفية من خلال دعم التعليم الريفي، وتعزيز ربط الطرق، وبناء الأماكن السكنية.
وقد أسهمت السياحة الريفية في الحد من الهجرة من الريف إلى المدينة، ورفعت الحافز على البقاء في القرى، وخاصة لدى الشباب الذين أصبحوا أكثر رغبة في البقاء لمساعدة والديهم في أعمال الضيافة. كما أدت إلى زيادة العمالة الريفية، والقضاء على البطالة، وتوظيف الشباب والنساء، فضلاً عن تطوير الجانب الثقافي للقرى، ومساهمة السكان في تغيير النظرة إلى الحياة الريفية، وزيادة المستوى الثقافي والوعي العام، وإحياء التقاليد الريفية الأصيلة.
وثمة اقتراحات عديدة لتنمية السياحة الريفية تتمثل فيما يلي:
- تعزيز شبكات النقل، فضلاً عن إنتاج وتوريد السلع اللازمة للزوار.
- إنشاء مجمعات سياحية في المناطق الجذابة.
- إقامة معرض دائم للحرف اليدوية.
- المشاركة النشطة في المعارض المحلية والأجنبية ووسائل الجذب السياحي.
- إنشاء ونشر شبكات الهواتف الثابتة والمحمولة في المناطق السياحية في مقاطعة سمنان.
- عقد دورات تدريبية لتوعية سكان القرى بمزايا السياحة.
- إدخال برامج تلفزيونية عن معالم الجذب الطبيعية والتاريخية في القرى.
- تنظيم حلقات دراسية ومؤتمرات في القرى التي تضم أماكن سياحية، وتعريف السكان بمقومات الجذب السياحي فيها.
- توفير مرشدين سياحيين ماهرين عند مداخل المدن والقرى التي تحتوي على مواقع سياحية.
- إنشاء مخيمات في المراكز التاريخية ومراكز علم الآثار.
- تعزيز النقل في المناطق السياحية.
- تخطيط وتنمية وإدارة السياحة الريفية على أساس مبادئ التنمية المستدامة.
- توفير المرافق العامة مثل المياه والكهرباء والاتصالات، وجمع القمامة، والمراحيض العامة، لدعم وتعزيز المجالات الرئيسة لتنمية السياحة الريفية.
- إقناع القطاع الخاص بالمشاركة في إدارة المناطق وتصميم خطط السياحة البيئية.
- تنظيم جولات غير مكلفة للمؤسسات والوكالات الخاصة.
- بناء القرى حول المناظر الطبيعية والأماكن التاريخية.
- الاستفادة من تجارب البلدان أو المقاطعات الأخرى في جذب الزوار.
- توفير الأراضي للعمالة الريفية من خلال تعزيز مناطق الجذب السياحي.
- وضع خطط لقضاء أوقات الفراغ في عطلات نهاية الأسبوع في المناطق الريفية.


