يعد تعريف الناس بالله تعالى أسمى الأهداف الدعوية وذلك لقوله تعالى: (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ۚ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ)[الأنعام: 48]، فالدعوة لا تكون إلا لله تعالى وإلى التوحيد الذي دعا به كل الأنبياء، لأن أي دعوة أخرى كما وضحت الآية تكون سرابًا، وكما شبهها القرآن كمن هو عطشان يطلب ماءً فيبسط يده يطلب من الماء أن يبلغ فاه فلا يستطيع، والماء جماد لا يشعر ببسط كفيه ولا بعطشه ولا يقدر أن يجيب دعاءه ويبلغ فاه.
إذن فأي دعوة لا تكون لله تعالى، فهي ليست من الدعوة الإسلامية المطلوبة وصاحبها داعية لمن يدعو إليه، ودعوة الحق المطلوبة هي كلمة التوحيد التي هي الأساس.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي يقول أحدهما لصاحبه اضرب له مثلاً فقال اسمع سمعت أذنك واعقل عقل قلبك إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ دارًا ثم بنى فيها بيتًا ثم جعل فيها مأدبة ثم بعث رسولاً يدعو الناس إلى طعامه فمنهم من أجاب الرسول ومنهم من تركه فالله هو الملك والدار الإسلام والبيت الجنة وأنت يا محمد من أجابك دخل الإسلام ومن دخل الإسلام دخل الجنة ومن دخل الجنة أكل ما فيها” [ رواه البخاري].
التبشير والإنذار
وهذه دعوة جميع الأنبياء والرسل، لقوله تعالى: (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “مثلي ومثل ما بعثني الله به، كمثل رجل أتى قومًا، فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان، فالنجاء النجاء، فأطاعه طائفة من قومه، فأدلجوا وانطلقوا على مهلهم فنجوا وكذبته طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبّحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق”[رواه البخاري].
فمن مهام وأهداف الداعية تبشير الناس بما أعده الله لهم من النعيم إن هم أطاعوه، وإنذارهم من العذاب إن هم عصوه. فتكون لهم البشارة في الدنيا لقوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)[النحل: 97]، ولهم البشارة في الآخرة: (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[النساء: 13].
وأما الإنذار فيكون في الدنيا لقوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا)[ طه: 124]، وقوله أيضًا: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ)[فصلت:13]، وفي الآخرة يكون لهم العذاب المهين، قال تعالى: (مَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ)[ النساء:14].
الدعوة إلى الإصلاح والنهي عن الفساد
الإصلاح هو منهج الأنبياء والمرسلين وهدفهم على مر التاريخ، فهو يشمل كل ما أفسده الحاقدون على الإسلام، أو من المسلمين الذين ينشرون الفساد في الأرض مهما كان نوعه، قد يكون فسادًا سياسيًّا أو اجتماعيًّا أو تربويًّا أو دينيًّا أو اقتصاديًّا، كما في قصة شعيب عليه السلام مع قومه إذ يريد من قومه بدعوته إصلاح أنفسهم وإصلاح أمرهم من المعاملات وغيرها فقال تعالى: (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)[هود: 88]، فقد دعاهم إلى التوحيد وعبادة الله وحده، ونهاهم عن التطفيف في الكيل والميزان، والوصول إلى هذا الهدف لا يكون إلا بالتوفيق الرباني، لذا وجب الرجوع إليه دائمًا لتحقيق الأهداف الدعوية. وفي قصة موسى مع قومه، حيث أوصى أخاه بالإصلاح، قال تعالى: (وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)[النساء: 142].
فالإصلاح هو منهج الإسلام في تحقيق مصالح العباد في العاجل والآجل، وفي السعي إلى إرشادهم وهدايتهم إلى ما فيه صلاحهم في الدارين، والإصلاح له أساليبه ووسائله وطرقه ينبغي للداعية أن يعلمها ويعمل بها ويطبقها على نفسه أولاً، لتتحقق أهدافه الدعوية.
نشر الوعي ومواجهة الغزو الفكري
علاقة الوعي بالغزو الفكري، كعلاقة الهدف بالوسيلة، فأعداء الدين الإسلامي مهما كان صنفهم أو صفتهم يستخدمون الغزو الفكري أو الثقافي كوسيلة من أجل تدمير الوعي لدى المسلم، فالقرآن الكريم قد بين لنا طبيعة الإنسان وكيفية تلقِّيه للحق وكيف يتعامل معه، من خلال ما ذكرنا من تلك النماذج التي نجدها حاضرة في المجتمعات الإنسانية اليوم، وتتمتع وسائل الإعلام المبرمجة والممنهجة بتأثير قوي جدًّا في تغيير وعي الناس، تعتمد على دراسات نفسية واجتماعية عميقة، مما يجعل موقف كثيرٍ من الناس تجاهها التسليم والاستسلام. وقد صوَّر لنا القرآن الكريم هذا المشهد التضليلي للحقائق في قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)[الأنعام: 123]، وأمام هذا التضليل والمغالطة والتزييف للحقائق، دعا القرآن الكريم الإنسان المؤمن الواعي المتيقن إلى ضرورة مجاهدة النفس من أجل توجيه وعْيِه نحو الحق، والاجتهاد في البحث عنه من مصادره الحقيقية، وعدم الاكتفاء بوسائل الترويج والتضليل، ولهذا قال تعالى: (بَلِ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ)[القيامة: 14-15].
وقلة الوعي ترجع لسبب الاعتماد على ظواهر الأشياء، واللجوء إلى التقليد، والجهل بمنهجية التفكير وعدم فقه الواقع، وأحيانًا ترجع للتعصُّب للرأي الفكري أو المذهب السياسي أو المنهج العلمي، كل هذه الأسباب تُعيق الفهم الواعي، والذي بدوره يُعيق البناء المعرفي للإنسان الذي يريد أن يبني الحضارة.
فالداعية الواعي إذا تعرَّض للتضليل والأذى والتزييف للحقائق، يجب أن يواجهه بمزيد من الإيمان والإصرار على مواصلة الطريق بثبات وصبر، وأما من كان ضحية اللاوعي ووقع في شباك الغدر، فيجب أن يستعيد وعيه ويستمد طاقته من الله تعالى، فهو الواهب للهداية والمعين عليها بالدعاء والتأمل في القرآن الكريم واستنباط المواعظ والعبر منه.
منطلقات الدعوة
قبل أن نتحدث عن الأهداف الدعوية، ما هي المنطلقات الدعوية؟ يجب أن نعلم أن الدعوة هي عبادة يتعبد بها الداعية إلى الله تعالى، ويتقرب بها إليه ليثيبه عليها، لأنها طريق الأنبياء والمرسلين، قال تعالى: (قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[يوسف: 108]، فقد بينت الآية الكريمة سبيل الدعوة وفقه الدعوة ومنطلقات الدعوة، وكذلك أهدافها بوضوح، فالمنطلقات تكون على بصيرة ويقين ودليل شرعي أو عقلي، ويمكن أن نلخص هذه المنطلقات فيما يلي:
– الدعوة سبيل الأنبياء والمرسلين:
منطلق دعوة الداعية هو دعوة الأنبياء والمرسلين، فبهداهم يهتدي، فالله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم، فقال تعالى: (أوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)[الأنعام: 90]، وأرشد المؤمنين جميعًا إلى التأسي به عليه السلام فقال: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ)[الممتحنة: 4]، والمنطلق الأساس في الدعوة هو قوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)[النحل: 123] فمضمون هذه الآية هو المنطلق والمنهج والهدف والوسيلة فقد جمعت أصول الدعوة كلها.
– الدعوة عبادة:
من المؤكد أن الداعية مأجور على دعوته وله الثواب والأجر الوفير، وكل خطواته نحو الدعوة عبادة يتقرب بها إلى الله قال تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ)[الزلزلة: 7]، وقال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ، وَمَا يُلَقَّاهَا إلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)[فصلت: 33-34]، وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه: “فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم” [ رواه البخاري].
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا” [رواه مسلم].
ثم جاء ما يشبه ترسيم الدعوة إلى الله في قوله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[ آل عمران: 104].
الداعي إلى الله يؤدي واجبًا ويقوم بعادة امتثالاً لأمر الله، والأجر يناله من الله تعالى، فلا يطلب الداعي أجرًا من أحد قال تعالى: (فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[يونس: 72] وهكذا شأن رسل الله، يدعون إلى الله ولا يبغون منهم جزاءً ولا شكورًا.
– الدعوة مطلب شرعي وضرورة حضارية:
كل العلوم الشرعية تتطلب التخصص والتفنن في علم من العلوم، إلا أن علم الدعوة هو مطلب شرعي وضرورة حضارية تخص الجميع، فجميع المسلمين بكل أصنافهم مطالبون بالدعوة إلى الله كل حسب تخصصه وموقعه، وشأن الهّم الدعوي الإسلامي فهو شأن الأمة كلها، وهو هَمُّ مهندسها وطبيبها وعالمها الاجتماعي والنفسي، بل هو كذلك همّ الزراع والصناع والتجار كل حسب طاقته من الفقه بالإسلام، والقدرة على تمثيله قولاً وعملاً؛ فالدعوة بالقول والعمل، والنفس والمال والعلم.. ونحن نجد بين أيدينا نماذج لمواقف بعث حضاري إسلامي قام بها علماء ودعاة مصلحون.. مهندسون ومربون.. عرفوا كيف يمزجون في بعثهم للأمة، وإحيائهم لها، وإخراجها من مرحلة الاستعمار أو القابلية للاستعمار إلى مرحلة القيادة الحضارية التي تمزج بين العمل الحضاري والتوجيه القرآني.
فبناء حضارة مجتمع أو أمة يتطلب نشر الدعوة والإصلاح في المجتمعات، وفي هذا المعنى، يضرب لنا سليمان عليه السلام أروع المثال في التقدم الحضاري، واستغلال ذلك التقدم في الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله، فقد سخر الله له الريح، والجن، وعُلِّم منطق الطير والحيوان، وكان الجن يبنون له ويغوصون له في البحار، ليستخرجوا له من خيراتها، كما هو معلوم في قصته، ولم يُوقِفه ذلك عن الدعوة ولا الجهاد، بل لما أخبره الهدهد عن ملكة سبأ، كتب إليهم كتابًا يدعوهم فيه إلى الإسلام وألا يتكبروا، فأرادت أن ترشيه فبعثت له بهدية (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ * فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ)[النمل: 35].
– إقامة الحجة وإبراء الذمة:
منطلق الدعوة هو تبليغ دعوة الحق للناس، وإقامة الحجة وإبراء الذمة، قال تعالى: (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً)[النساء: 165]، ونظير إقامة تلك الحجة قوله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)[الإسراء: 15]، وقد جاء في حق النبي محمد صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً)[ الأحزاب: 45]، ثم يأتي غبراء الذمة وإقامة الحجة في قوله تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً)[النساء: 41]، وهكذا يمكن القول إن الداعية إذا أراد أن ينجح في دعوته يجب أن يستلهم رسالته ومضمون دعوته إلى الله تعالى من الدّاعي الأول رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء على مستوى المضمون أو على مستوى الأداء.