تتعدد أنواع الهلوسة، كالهلوسة السمعية، والهلوسة البصرية، وهناك الهلوسة الشمية، -أي إدراك رائحة ما غير موجودة- والهلوسة التذوقية، كأن يشعر المصاب بمذاق غريب لطعام أو شراب معين، هذا إلى جانب الهلوسة الحسية، التي تجعل المصاب يشعر بوجود حشرات تزحف على جلده أو داخله، أو يشعر أحيانًا بصفعة حارة على وجهه.
وتعد المخدرات التي هي كل مادة طبيعية أو مستحضرة في المعامل، من شأنها إذا استخدمت في غير الأغراض الطبيـــــــة أو (الصناعية الموجهة) أن تؤدي إلى فقدان كلي أو جزئي للإدراك بصفة مؤقتة، وهذا الفقدان الكلي أو الجزئي تكون درجته بحسب نوع المخدر وبحسب الكمية المتعاطاة. كما يؤدي الاعتياد أو الإدمان بالشكل الذي يضر بالصحة الجسمية والنفسية والاجتماعية للفرد.
وتعرف منظمة الصحة العالمية المخدرات بأنها: “كل مادة خام أو مستحضرة أو تخليقية تحتوي على عناصر منومة أو مسكنة أو مفترة، من شأنها إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية أن تؤدي إلى حالة من التعود أو الإدمان، مسببة الضرر النفسي أو الجسماني للفرد والمجتمع”.
الآثار الجانبية للمخدرات
الآثار الجانبية للمخدرات على الصحة العامة للمتعاطي، تحدث حين تقوم المادة الفعالة THC المسببة للإدمان، بالتأثير على مستقبلات القنب في المخ وإحداث تغيير في وظائف الجهاز العصبي، ويظهر ذلك التأثير في غضون دقائق من التعاطي، ولكنها تختلف حسب نوع المخدر فالماريجوانا تسبب تراكم مادة القطران على الرئة؛ الأمر الذي يؤدي إلى الإصابة بسرطان الرئة.
الأعراض الشائعة لتعاطي المخدرات
الاسترخاء والنشوة. التبلد واللامبالاة. زيادة الشهية. خلل في تقدير المسافات والزمن. مشاكل في الرئة والتنفس. اضطراب في معدل ضربات القلب. ضعف التركيز والذاكرة. القلق. وزيادة الإحساس بالحواس.
على المدى الطويل يؤدي تعاطي المخدرات إلى الإصابة بالفصام، الاكتئاب، الهلاوس وجنون العظمة.
يجب أن يتم علاج المريض في المراكز المتخصصة وتحت إشراف الطبيب، لما تسببه من أعراض انسحابية ومضاعفات نفسية. ولا بد من خضوع المريض لبرنامج علاجي متكامل، ومتابعة إرشادات الطبيب ومساندة الأهل والأصدقاء، حتى يتعافى ويبدأ في الشفاء والرجوع إلى حياته الطبيعية.
هناك تصنيف تفصيلي للمخدرات يمكن تقسيمه بطرق مختلفة عديدة نختار منها التالي:-
1- مخدرات طبيعية، وأهمها وأكثرها انتشارًا: الحشيش والأفيون والقات والكوكا.
2- المخدرات المصنعة، وأهمها المورفين والهيروين والكودايين والسيدول والديوكامفين والكوكايين والكراك.
3- المخدرات التخليقية، وأهمها عقاقير الهلوسة والعقاقير المنشطة والمنبهات والعقاقير المهدئة.
ومن المعتقدات الخاطئة لدى البعض.. معتقد أن تعاطي المواد المخدرة يساعد على التركيز لفترات طويلة أو تنشيط الذاكرة، أو تساعد على القدرة البدنية وغيرها من المفاهيم المغلوطة. وخاصة المخدرات التخليقية كالشابو وأيس وأسبيد وكريستال ميت، التي تسبب العديد من الأضرار على الصحة الجسدية والنفسية معًا، وأهمها الهلوسة والهذيان والانفصال عن الواقع والشعور بالاحتضار، كما تسبب تليف خلايا المخ وتليف الكبد، والفشل الكلوي، والسكتة الدماغية، وانهيار المناعة.
نتائج مبشرة لدراسات نهضة المخدرات
الآن يوجد عدد متزايد من المركبات المُخدّرة يتم دراسته سريريًّا، لاستخدامه في معالجة بعض الأمراض العصبية، كالاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة.
يعتبر عقار ثنائي ميثيل التربتامين من المواد الكيميائية الواعدة في “نهضة المخدرات” وهو مركب مخدر، استعمل في الطقوس الدينية لآلاف السنين، ويُنتَج طبيعيًّا من أنواع نباتية مختلفة، وهو المكون الأساسي المخدر في “الآياهواسكا” ويعرف باسم مشروب مُهلوِس.
عام 1931 صنَّع الكيميائي “ريتشارد مانسكي” مركب “دي.أم.تي” في المختبر من خلال التفاعلات الكيميائية، ولكن لم تُكتشف آثاره المُهلوِسة أو تُنشر إلا بعد عشرين عامًا من تصنيعه أي حتى عام 1951.
ويُسبب تناول هذا المركب هلوسة قصيرة ولكنها قوية، تستمر بضع دقائق فقط اعتمادًا على الجرعة، وهذا ما جعله مخدرًا مثيرًا للاهتمام، مقارنةً مع المركبات الأخرى من نفس الفئة، فالمدة القصيرة لتأثيراته تعد ميزة جذابة لاستخدامه كعلاج مخدر.
أجرت شركة التكنولوجيا الحيوية “سمول فارما” تجربة سريرية، لاختبار التأثير الدوائي للتركيبة الصُنعية منه على المشاركين المصابين باضطراب الاكتئاب الشديد، وأعلنت مؤخرًا عن نتائج إيجابية مبكرة، كما تُجرى أيضًا تجارب أخرى تهدف إلى تقييم أمان وفعالية لدى المشاركين الأصحاء، والمصابين بالسكتة الدماغية، والذين يعانون من اضطراب تعاطي الكحول، وحالات أخرى غيرها.
وهناك مركب “دي.أم.تي” ليس من الواضح تمامًا حتى الآن كيف يغير وظيفة الدماغ، ويسبب تلك التأثيرات المُلاحظة في التجارب السريرية، رغم أن دراسة حديثة أجراها علماء في جامعة “إمبريال” في لندن، قد ألقت بعض الضوء على ذلك، إذ أشرف “كريس تيمرمان” وهو دكتور باحث في مركز أبحاث أدوية التخدير في “إمبريال”، على بحث جمع فيه بين التخطيط الكهربائي للدماغ والتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، لاكتشاف تأثيرات “دي.أم.تي” على الدماغ البشري، وقد نُشر هذا البحث في المجلة الطبية المرموقة “ذي لانست” اللندنية.
كما نشطت الأبحاث والتقنيات العلمية الجديدة، في مجالي التخطيط الكهربائي للدماغ والتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، حيث تعتبر تقنية التخطيط الكهربائي للدماغ شكل من أشكال المراقبة الكهروحيوية غير الباضعة (لا تتطلب إدخال أدوات في الجسم)، التي تقيس النشاط الكهربائي أو ما يشار إليه أيضًا بالموجات الدماغية، التي يولدها عن طريق الأقطاب الكهربائية الموضوعة على فروة الرأس، فعندما تستثار الخلايا العصبية معًا، يتولد حقل كهربائي ينتشر بسرعة عبر الأنسجة والعظام وفروة الرأس، ويتم اكشاف هذا النشاط بواسطة الأقطاب الكهربائية، ثم يسجل ويتحول إلى شكل رقمي، وأخيرًا تُضخّم الإشارة المكتشفة.
تعد هذه التقنية ذات دقة زمنية عالية، أي إنها تمكننا من معرفة التغيرات التي تحدث في الدماغ بدقة مع مرور الوقت، وهذا مهم لفهم ديناميكيات النشاط الدماغي، أما دقتها المكانية فهي ضعيفة نوعًا ما، أي إنها قد تفشل في إعطاء بيانات حول مكان حدوث تغيرات النشاط الدماغي.
أما تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي فهي لا تقيس ردود الأفعال الكهربائية، كما هو الحال في تقنية التخطيط الكهربائي للدماغ، بل هي تقنية ترتكز على مبدأ أنه كلما كانت المنطقة الدماغية أكثر نشاطًا، كلما زادت كمية الدم المتدفق إليها. وهي تقنية تقيس تغيرات تدفق الدم والأكسجة في مناطق دماغية مختلفة، ونتيجةً لذلك، توفر دقة زمانية مكانية عالية.
جمع التقنيتين في واحدة متكاملة
لقد تم الجمع بين التقنيتين السابقتين لتصوير الدماغ أثناء مروره بتجربة مخدرة شيقة للغاية. يقول البروفيسور “روبن كارهات هاريس” عالم الأعصاب بجامعة ” كليفورنيا” وكبير مؤلفي وباحثي الدراسة: “إن جمع العمل الحالي بين طريقتين متكاملتين لتصوير الدماغ يعد تصويرًا متعدد الوسائط، بالاعتماد على أبحاثنا السابقة المتعلقة بالمخدرات، بناء عليها”.
وقد تمكنّا بعد استخدام تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي من رؤية الدماغ بأكمله، بما في القيود الزمانية والمكانية عند استخدام كلًّا منها على حدة، فكانت التقنية المتكاملة بهذا الجمع، تعد تقنية متكاملة في علم الأعصاب الإدراكي، لتصوير عصبي متعدد الوسائط للدماغ.
لم تكن دراسة “تيمرمان” وزملاؤه الدراسة الأولى لتصوير دماغ إنسان تحت تأثير المخدرات، إلا أنها الأولى في تصوير أعمق المناطق، كما سمح استخدام تقنية التخطيط الكهربائي للدماغ بفحص النشاط الإيقاعي للدماغ بدقة بالغة.
كما قام الفريق باختبار تأثيرات “دي.أم.تي” على الدماغ، حيث اختار فريق العمل في جامعة “إمبريال”، عشرين فرد للمشاركة في التجربة، بعد تقييمات أولية ضمنت استيفاء معايير الصحة العقلية والجسدية من أجل الدراسة، كان متوسط أعمارهم 33.5 عام، وزار المشاركون مركز التصوير السريري في جامعة إمبريال مرتين بينهما فاصل أسبوعين.
تألفت الجلسة الأولى من فحص تقنيتي التخطيط الكهربائي للدماغ والتصوير بالرنين المغناطيسي مجتمعتين لفترة متواصلة لمدة 28 دقيقة، والمشارك كان في وضع الراحة، ثم أعطي المشاركون مادة “دي.أم.تي” أو دواء وهمي بعد 8 دقائق، وبحسب شرح تيمرمان وزملاؤه: في الجلسة الأولى تم استخدم الموازنة لضمان أن التأثيرات الملاحظة في دراسة ما، ليست ناتجة عن الترتيب الذي ظهرت فيه التداخلات. وبعد الفحص، طُلب من المشاركين تعبئة استبيان، مصمم لتقييم التأثيرات الشخصية التي مروا بها.
في الجلسة الثانية، تكررت نفس خطوات الأولى، باستثناء أنه طُلب من المشاركين تقييم شدة الدواء بصوت مسموع كل دقيقة خلال الفحص. وقال الباحثون: “تشير النتائج المتعلقة بالفحص في حالة الراحة، والتي لم يُطلب فيها تقييم الشدة، ومع استخدام الشدة التي جُمعت في عمليات فحص أخرى (لم تُدرس) كمتغيرات للتحليلات الديناميكية المجمعة”.
إن مادة “دي.أم.تي” تحطم شبكات الدماغ المعزولة المسؤولة عن النشاط، فقد وجد الباحثون أن هذه المادة قد أثارت تغييرات داخل مناطق دماغية مختلفة فيما بينها، ففي الحالات الطبيعية، يكون نشاط الدماغ معزولاً في شبكات خاصة، وبعد إعطائها تحطمت حدود هذه الشبكات، مما أدَّى إلى ما يصفه المؤلفون بالاتصال الوظيفي الشامل.
في الجلسة الأولية، حين أعطى المشاركون وريديًّا، إما دواء وهمي (10 مل محلول ملحي معقم) أو (20 مل من دي.أم.تي) على شكل فومارات مذابة في 10 مل محلول ملحي معقم خلال 30 ثانية، ثم حُقن المشاركون ب10 مل من المحلول الملحي لمدة 15 ثانية، وكانت طريقة الإعطاء بالموازنة أي تلقى نصف المشاركين دواء وهمي، والنصف الآخر “دي.أم.تي”. ومقارنةً مع الدواء الوهمي، قلل إعطاء المادة بشكل كبير من سلامة الجزء الداخلي لكل الشبكات في حالة الراحة، باستثناء الشبكتين البارزة والحوفية.
كانت تغيرات النشاط أكثر وضوحًا في المناطق الدماغية المرتبطة مع وظائف عالية المستوى مثل التخيل. ومن خلال تسجيل بيانات التقنية المجمعة “التخطيط الكهربائي للدماغ والتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي” معًا، وفي وقت واحد، تمكن الباحثون من دراسة كل تغيير في أنواع النشاط الكهربائي الناتجة عن الدماغ بالتزامن مع قياس التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي للاتصال الوظيفي.
يقول “كارهارت هاريس”: “كشفت النتائج التي توصلنا إليها أنه قد حدث خلل ملحوظ في بعض إيقاعات الدماغ حين تناول المتطوع عقار”دي.أم.تي”، التي تكون عادةً سائدة، وتحول الدماغ في أسلوب عمله إلى شيء أكثر فوضوية تمامًا”، وأضاف: “سيكون من الرائع متابعة هذه الأفكار في السنوات القادمة، إذ أثبتت المخدرات أنها أدوات علمية مفيدة للغاية، لتعزيز فهمنا لكيفية ارتباط نشاط الدماغ في حالة الوعي”.