أعاجيب عملية الهضم (1)

(قطوف كونية)

لديمومة حياة المرء.. يتغذى على مواد أساسية: بروتينات، وكربوهيدرات، ودهون، وفيتامينات، وأملاح، وماء. لكن لا فائدة من هذه العناصر الغذائية دون هضم للوصول لمكوّناتها البسيطة، ليُمكن امتصاصها، والاستفادة منها. ويُسبب انخفاض مستوى السكر في الدم، أو مستوى دهون الخلايا الدهنية، صدور إشارات لمركز الشهية بالدماغ، مما يولد شعورًا بالجوع، والحاجة إلى الطعام. فنسعى لنأكل.. إرادة ـربماـ وحيدة نمارسها.

وفور تناول الطعام بالفم.. يتحرك الفكان وعضلاتهما ـميكانيكيًّاـ لمضغه. وذلك بأسنان تقطع، وأنياب تمزق، وضروس تطحن، ولسان يُقلب، ويُحرك، ويُمرر. وكاد المضغ أن يكون “عادة فطرية”، فالطفل يمضغ، وهو لا يدري لِمَ يمضغ. ويـُختبر الطعام ـ كيفًاـ ببراعم/ حلمات التذوق على اللسان، فيتم رفض غير المستساغ.

وبمجرد تفكير الشخص في الطعام، أو رؤيته، أو شمه، أو تذوقه يبدأ إفراز اللعاب والعصارة المعدية. وعند وضعه بالفم يستثير أعصابًا بجدران الفم، واللسان. فيُفرز اللعاب (بمعدل 1,5 لتر/ يوميًّا) من ثلاثة أزواج من غدد لعابية رئيسة (اثنتان تحت اللسان، ومثلهما تحت الفك الأسفل، واحدة قرب كل أذن).

وهذه الأعصاب شبكة طرفية/ وجزء متواضع من جهاز عصبي يعمل لا إراديًّا. ومع سبل أخرى، كالهرمونات تنشأ وسائل هامة، و”رسائل كيماوية” لنقل الأخبار الهضمية، ومجريات الأحداث الزمنية، وتتابعها حتى ونحن نيام، ويـُرطب اللعاب الطعام، ويُلينه ليسهل تذوقه، وبلعه. 

كما يساعد على تطهير الفم، والأسنان، ويحتوي على خمائر (إنزيمات) الأميليز، والليبيز. فأما الأول فيحول النشا إلى سكر بسيط (كالجلوكوز، والمالتوز). وأما “الليبيز” فيكسير الدهون، وهو يُنتج، أيضًا، في البنكرياس ليكمل هضمها في الأمعاء الدقيقة.

ووجود “الليبيز اللعابي” في الرضع هام لتأخر تكوين النوع البنكرياسي، ولهذا الإنزيم أيضًا دور مناعي، ويساعد على منع التهاب الغدد اللعابية (وبخاصة الغدد النكفية).

المعدة

يؤمن البلعوم مرور الطعام إلى المريء الذي يعتصره  بحركته الدودية لينقله إلي المعدة، ويتمدد المريء لتمر البلعة الغذائية، متكئًا على الجزء الرخو الخلفي من غضاريف القصبة الهوائية (غير مكتملة الاستدارة).

والمعدة.. وعاء عضلي قوي لتخزين الطعام ومزجه ميكانيكيًّا، وهضمه، كيميائيًّا، بعصارتها المعدية (حامض الهيدرو كلوريك، وخميرة “الببسين”). ومن ثم يتم تحلل المواد البروتينية لعناصرها الأولية (الأحماض الأمينية).

وباطن المعدة محمي بغشاء مخاطي قوي يقي جدارها (إلا في حالات قرحة المعدة) من هضمه بالحامض القوي، وفي المعدة يتحول الطعام إلى سائل “الكيموس”، كما تفرز الخلايا قرب “البواب” (مخرج الطعام من المعدة) هرمون “الجاسترين”، الذي يزيد من إفراز عصارة المعدة.