الحشرات من أكثر الأحياء انتشارًا وتنوعًا على سطح الأرض فقد ألهمها الله تعالى مقدرة على البقاء والتأقلم والتكوين البنيوي والتكاثر ومنازلة الخصوم إلخ. إنك تجد “الزنبور” ينخر بإبرته السامة في المركز العصبي “للجندب النطاط” بحيث “يخدره”، ويُفقده وعيه، فلا يستطيع الفرار، كما لا يسبب هلاكه، فيبقى لحمًا محفوظًا تبيض عليه الأنثى، ومن ثم تغطي الحفرة وتموت. بعد أن تكون قد وفرت الغذاء لصغارها قبل أن يولدوا، وهكذا الحال مع كل الزنابير منذ أن خلقهم الله تعالى. وتمامًا في 24 مايو من بلوغه السنة السابعة عشر من عمره، ترى ذلك الجراد البالغ في ولاية “نيو انجلاند” عادة ما يغادر شقوقه المظلمة تحت الأرض، فيظهر بالملايين في ذلك التوقيت. وحشرة” أبي دقيق” عادة لا تتغذى على أوراق الكرنب، بل تختاره ـ دون غيره ـ لتضع عليه بيضها، ومن ثم تخرج الديدان الصغيرة وتأكل من تلك الأوراق المناسبة لها. لقد وهبت “مهارة” حسن اختيار الغذاء المناسب لديدانها.
و“هديت” البعوضة لقوانين “ارشميدس” في الطفو، فنجدها تزود كل بيضة من بيوضها بكيسين من الهواء كي تطفو بهما على سطح الماء. وهذا الذي “لا يورث غذاءً، بل سلاحًا”. جراد الصحراء (يكثر في سوريا والشرق الأدنى) يتغذي على نبات Calotrpus procers الذي تحتوي أوراقه على مادتين سامتين يريدهما الجراد (دون سائر سميات النبات) للدفاع عن نفسه ضد أعدائه. وهو يترك منهما مخزونًا بجانب بيضه حتى تفقس حشراته الصغيرة فتجد” الأسلحة” التي تدافع بهما عن نفسها.
وللنحل والنمل في بناء بيوته المعقدة الإنشاء، البالغة الدقة، ذات الغرف والدهاليز والمخازن والبدرومات، “هداية ربانية” لقوانين الهندسة المعمارية. فضلا عن نظام العمل الاجتماعي التعاوني المدهش في تلك الخلايا. فلسبعة أمتار قد يصل ارتفاع عش النمل الأبيض، ونحو 30 ألف بيضة في اليوم من “الملكة”، وما سيتتبعه من بناء غرف جديدة لتسع هؤلاء القادمين الجدد من النمل، فأي هداية وأي جهد وعمل دؤؤب مبذول؟ وهذه حشرة “الترميت” الإفريقية تبني بيوتًا كالقباب والتلال والمسلات وتزودها بقنوات وفتحات خاصة كي يرتفع الهواء الساخن لأعلى ليحل بدلاً منه الهواء البارد من أسفل. إنه لأمر رائع من حيث تكييف الهواء Air conditioning.