حينما يفشو الوباء والطاعون فلا بد من وصف طبيعته وأعراضه بلغة الحقيقة لا المجاز، حتى يفهم الجميع مقتضى الخطاب. وحينما تصبح ما يسمى بهيئة الأمم المتحدة والدول الكبرى هي من تروج للطاعون والخمج الجنسي فاستبشروا بنهاية العالم وانقراض الجنس – شبه البشري – انقراضًا لا رجعة فيه. كما أن هذا التبني الشاذ لهذه الظاهرة الشاذة والمصطلح عليها توهيمًا وتعريضًا بالمثلية الجنسية لهو مؤشر على أن هذه المؤسسة، التي كان من المفترض أن تنشر السلام والصحة العامة للعالم، قد أصبحت موبوءة ومأبونة برجالها ونسائها ودولها ورؤسائها في الغالب…
مبدئيًّا يمكن لنا تعريف الشذوذ الجنسي وبكل صراحة وواقعية بأنه: “العوم في النجاسة” أو بعبارة أخرى “الغطس في النجاسة المركَّزة” أو “التنجُّس الجنسي”، وهو يشمل الجنسين معًا أي شذوذ الرجال والنساء. بحيث إن الاصطلاح الديني والتاريخي لشذوذ الرجال هو ما يعرف باللواط، وهي تلك الممارسات الخبيثة والمنافية للطبيعة البشرية العادية التي كان يمارسها قوم لوط على شكل تواطؤ جماعي شامل سواء بين الرجال أو حتى النساء اللواتي كن على علم بما يجري هناك.
بحيث إنهن لم يقمن بعملية استنكار أو اعتراض رسمي على هذا الشذوذ الذي هو ضد مصلحتهن في النوع والبقاء، بل على العكس من ذلك فقد كان البعض منهن يسعين إلى الإخبار بالوافدين الجدد من الرجال الغرباء على مدينة أو قرية لوط لكي يهرعوا إلى ممارسة الشذوذ عليهم وهذا ما ذكره بعض المفسرين حول سلوك امرأة لوط وإخبارها قومه بقدوم الضيوف رغم علمها جزمًا بنزعاتهم الخبيثة وأنهم سوف لن يترددوا بالإسراع إلى ممارسة الشذوذ على كل رجل يطرق باب مدينتهم.
واللوطية قد تنقسم إلى قسمين هما: اللوطية الكبرى التي تكون بين الرجال واللوطية الصغرى التي تمارس بين رجل وامرأة من حيث إتيانها في دبرها، وهذا ما يمكن تسميته بالجنس الاشتراكي أي أنه من جهة يكون غير مثلي ومن جهة أخرى يكون في غير محله الطبيعي والشرعي وهو إهلاك للحرث وإفساد للنسل كما أنه يكون علامة قوية على استعداد كلا الجنسين للاستجابة السريعة إلى الشذوذ المطلق. إذ أن قبول المرأة لهذا الوضع المشين يكون مؤشرًا ومشجعًا على اللِّواطة الكبرى وإهدار قيمة الجماع الطبيعي ذي خاصية الطهارة والغاية الشريفة منه على رأسها تحقيق النسل وتناسب اللذة بين الرجل والمرأة على سبيل المساواة في نيلها.
فإذا كانت المرأة مهيأة لهذا التواطؤ على تكريس شذوذ الرجال فإنها بالطبع وكَرَد فعل معاكس ومتناسب ستعمل على ممارسة شذوذ النساء عمليًّا والذي سيعرف لغة وفعلاً بالسحاق فيما ذهب بعض المفسرين إلى أن تاريخ بداية ظهوره كان انطلاقًا من قوم تبع باليمن. وهذا إن صح تاريخيًّا فإنه قد يبين لنا مدى عمق التغير الاجتماعي سلبيًّا لدى هؤلاء القوم حتى أصبحت تحكمهم امرأة. إذ سلطية المرأة على الرجل من غير ضوابط عقدية وتشريعية قد تكون عاملاً نفسيًّا لا شعوريًّا في الميل إلى هذا النوع من الشذوذ النسوي والاستغناء عن العنصر الذكوري لا لإشباع غرائزها الشهوية على أتم وجه، ولكن لإشباع نزعتها النفسية في التعويض عن التفوق السلطوي وكذلك الجسدي والجنسي المتوهم بالنزوح نحو الانحراف الجنسي وطلب المثلية الشذوذية.
لكن في نظرنا أن الأصل في سحاق النساء يعود بالدرجة الأولى إلى لواط الرجال، وذلك كردة فعل على الفراغ الجنسي لدى المرأة بانصراف الرجل نحو مثله وكضعف سلطوي لديه لضبط غرائزه قبل التحكم في غرائز أنثاه.
من هنا فالقرآن الكريم لما ذكر قوم لوط كرجال شاذين فقد ذكر بجانبهم عنصرًا نسويًّا متأثرًا بالظاهرة إن لم يكن على مستوى الممارسة الشاذة عمليًّا فسيكون من باب تكريس تفشي واستمرارية الشذوذ بين الرجال وذلك كمقدمة لإحلال شذوذ النساء في مقابله على مستوى المنافسة ومنطق: كلنا في الهم سواء والمصيبة إذا عمت هانت! وأيضًا ذلك التفسير المنحرف لقاعدة: إذا عم الحرام جاز التعامل به! وبالتالي فسيصبح الشذوذ عامًّا وبعده سيصير نمطًا اجتماعيًّا معترفًا به في بلد ما وهو مما تسعى للوصول إليه كثير من المنظمات والجمعيات الشذوذية الغربية الخبيثة من خلال الدعوة إلى تطبيع الشذوذ في المجتمعات وخاصة العربية والإسلامية من بينها المغرب رغم علمها بأن هذه الأخيرة شديدة التمنع في هذا الباب ،وليس من السهل جعل الظاهرة الخبيثة قاعدة اجتماعية متداولة حتى ولو لم تكن الدولة تطبق الشريعة الإسلامية بالكامل مع أحكام الحدود المناسبة لردع هذه المفاسد القاتلة لقيمة الإنسان واستقراره الغريزي والنفسي والسلوكي.
وذلك لأن هذا التمنع ينبني على بقايا عقدية وإيمان مقتنع به ومتوارث لدى فئات عريضة من المجتمع العربي والإسلامي بصفة عامة تذكرها بالمآل والنهاية المدمرة والخاطفة عن قرب لكل قوم سلكوا هذا المسلك الخبيث على نمط قوم لوط، كما يقول الله تعالى عن حالهم ومصيرهم: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ، إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ﴾ (القمر:33- 34).
﴿قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ (هود:81).
﴿وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ، إِلاَّ عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ، ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِينَ﴾ (الصافات:133-136).