عملية التعرق عملية توازنية وُضعت في الجسم لتحقيق بقاء حرارته ضمن الحرارة المطلوبة له، أي تبريد له لتأمين راحته.
ويعود فضل اتزان هذه الحرارة إلى غدة “هايبوتلاموس” (Hypothalamus). وهذه الغدة جزء من القسم الوسطي للدماغ، وتزن (4) جم تقريبًا، وقد وُضع فيها مركزان، المركز الأول في القسم الأمامي منها ووظيفته حماية الجسم من ازدياد الحرارة، والمركز الثاني في مؤخرتها لحمايته من انخفاض الحرارة.
عندما لا تكون هناك حرارة كافية حول الجسم، تبدأ آلية التعرق بالعمل فتتوسع شرايين الدم، ويزداد انسياب الدم في العروق بنسبة ضعفين أو ثلاثة أضعاف، وهكذا يتم نقل الحرارة من الأقسام الداخلية للجسم إلى الأغشية الخارجية له.
وعندما يكون الجسم في حالة راحة وفي ظروفه طبيعية، يرسل القلب إلى الجلد ما يقارب (5-10%) من الدم في الثانية الواحدة. وعندما تزداد الحرارة زيادة كبيرة، يرسل القلب (50-60%) ما يأتيه من الدم إلى الجلد، فإن استمرت درجة الحرارة في الارتفاع داخل الجسم على الرغم من هذا، يبدأ الجسم بإفراز العرق. ويؤدي كل جرام من الماء المتبخر، إلى فقدان الجسم (580) سعرًا حراريًّا. وحتى إن لم يشعر الإنسان بأنه يعرق، فهو يعرق في الحقيقة؛ حيث يتبخر من الرئة كل يوم من (450-600) ملجم من الماء.
ولكن هناك عوامل أخرى تؤثر على عملية التعرق ، منها الملابس وكذلك نسبة الرطوبة في الجو.
وقد نجح الإنسان بواسطة مخترعات عديدة، في تخطي مشاكل الحرارة السائدة في مختلف المناطق الجغرافية. فيحاول سكان الصحراء المحافظة على أنفسهم من الحرارة الزائدة، لذا يلبسون ملابس فضفاضة تغطي الجسم كله وهي تزيد من العزل الحراري؛ لأنها تزيد من سمك الطبقة الهوائية الموجودة بين الجسم والملابس… فإن كانت الملابس ضيقة يَحدث العكس، أي يزيد فَقْد الحرارة ويصعب المحافظة على حرارة الجسم؛ حيث يبدأ الجسم بالشعور بالبرد.
وإن تبللت الملابس فقدت كل قابليتها تقريبًا على الاحتفاظ بالحرارة؛ لأن الماء يقوم بزيادة فَقْد الحرارة إلى أكثر من عشرين ضعفًا. لذا ففي المناطق الباردة يتم الاهتمام والعناية بحفظ الملابس من البلل من أجل حماية الجسم من البرد. ويتم الأخذ بنظر الاعتبار عدم التعرض إلى الريح عندما تكون ملابس الإنسان الداخلية مبتلة بالعرق؛ لأن هذا البلل يخفض من قابلية العزل الحراري كما قلنا.
ومن جانب آخر تقوم الملابس الصوفية بامتصاص العرق وتسهيل عملية التبخر، بينما تمتاز الملابس القطنية بأن لها قابلية أكبر من الملابس الصوفية في الاحتفاظ بالعرق.
أما الحيوانات التي تعيش في المناطق القطبية؛ مثل الدب القطبي وطائر البطريق والفقمة… فقد وهبها الخالق جلدًا ملائمًا لتلك البيئة الباردة، وريشًا عازلًا للحرارة، وطبقة دهنية سميكة تحت الجلد.
فسبحان الخالق الذي وضع منظومات عديدة في الجسم تعمل بشكل مشترك لتحقيق حفظ حرارة الجسم في حدود معينة وباستمرار.