يتميز الإنسان عن الحيوانات الأدنى رقيًّا بموقع العينين، ففي الإنسان تقع العينان في مقدمة الرأس وليس على جانبيه. وهذا الموقع يتيح للعينين الفرصة أن ترى العين اليمنى صورة مشابهة جدًّا لما تراه العين اليسرى، أي أن العينان تريان ذات الشيء من زاوية مختلفة. ويمكن للمخ هنا مزج هاتين الصورتين في صورة واحدة مجسمة (أي لها عرض وطول وارتفاع) وعلى هذا يستطيع الإنسان بالنظر الموحد بالعينين أن يقدر بُعد الأشياء بعضها عن البعض الآخر. وهذه القدرة على النظر الموحد بالعينين يكتسبها الإنسان منذ الولادة أثناء النمو، ويخزن المخ خبرة رؤية الأشياء بأبعادها وأعماقها بشرط أن تكون العينان سليمتين ودرجة إبصارهما متقاربة. أما إذا حدث ضعف بصر إحدى العينين بدرجة كبيرة عن العين الأخرى في فترة الطفولة المبكرة فإن الطفل يفقد القدرة على النظر الموحد بالعينين.
ويمكنك التأكد من قدرة المخ على مزج الصورتين الواصلتين إليه من العينين من خلال تجربة بسيطة… انظر إلى جسم أبيض بعينك، ثم ضع زجاجًا أحمر أمام العين اليمنى مثلاً، هنا سنرى الجسم ولونه أحمر فاتح وذلك لأنه حدث مزج بين الصورتين الحمراء والبيضاء.
(Stages of Binocular Vision) وتندرج هذه القدرة في ثلاثة مراحل:
الأولى: Perception: وهي قدرة العين على استقبال صورتين مختلفتين في ذات الوقت… مثلاً صورة عصفور على العين اليمنى وصورة قفص على العين اليسرى.
الثانية: Fusion : وهي القدرة على دمج صورتين مختلفتين قليلاً لتكتمل الصورة… مثل صورة أرنب ناقص الذيل أمام العين اليمنى… وصورة أرنب ناقص الأذن أمام العين اليسرى.
الثالثة: Steropsis: وهي قدرة تقدير الأبعاد والأعماق.
ويمكن للطبيب قياس هذه القدرة على النظر الموحد بالعينين وتحديد درجتها بواسطة جهاز خاص يستعمل في التشخيص وفي التدريب على استعادة هذه القدرة في بعض حالات الحول. (Synaptophore).
أما عالم الحيوانات الأدنى رقيًّا كالطيور فهو عالم لا عمق له، فعين الطائر اليمنى لا ترى شيئًا مما تراه العين اليسرى، وعلى ذلك فما تراه العين اليمنى للطائر تختلف عما تراه العين اليسرى وبالتالي فإن مخ الطائر لا يستطيع مزج الصورتين المختلفتين اللتين تصلان إلى العينين، بل يهمل إحدى الصورتين… وعلى ذلك فإن عالم هذه المخلوقات لا عمق له.