نحن أمة ما خلقت إلا للحياة؛ لا فرق بين أحدنا و بين أي فصيل من هذه المخلوقات التي على الأرض، إن كان لنا لغة فهي لها أيضًا لغات، أو جسمًا فلها أجسام، تحس كما نحس، وتبحث عن أرزاقها ليلاً و نهارًا.
إن كنا فطرنا على التوحيد فهي كذلك فطرت عليه، تتناسل كما يتناسل البشر، تعيش بالملايين في أعماق البحار تمامًا كما هو الحال على سطح الأرض، منها ما يفوقنا قوة ونشاطًا، بل منها تعلم الإنسان الطيران، ورفع الأثقال وتسلق الجبال والسباحة؛ المدنية الحديثة مدينة للنمل في حركتها وحسن تنظيمها وللأرض وحشراتها في ابتكار الأدوية الفعالة وللنهر في بناء الصهاريج وللشهب ووحداتها في عزل الطاقة الذرية، وللشمس في بناء السفن الفضائية النفاثة السابحة في جو السماء، والنازلة تحت الماء؛ نحن قوم تعلمنا من الحيوان كثيرًا ثم تجد منا من يسخر منه، ومن لا يقيم له وزنًا، أتفهم ذلك ممن يجهل منافعه لا ممن ركب الله فيه العقل وزوده بالحكمة، فيا أيتها الخليقة اعلموا أن فوق كل ذي علم عليم، تواضعوا قدر المستطاع، إن كانت بينكم طبقية ظاهرة فهي في الحيوان أظهر وإن كان منكم شجاع فمن الأسد استمد شجاعته وإن كان منكم العسس فلستم أمهر من سرب القطا ولستم أدق بصرًا من الحدأة، هذا ما استقرت عليه الفطر قديمًا، أما حديثا فقد ارتفعت روح الإنسان درجات عالية حتى أفرط فطغى وتجبر فحاكى أمما سبقته في ذلك فكانت نهايتها تحت سمع وبصر الجميع.
إذًا لا بد من تقدير العواقب، كل ما على الأرض إخوة لا بد من وضع حد للإنقلابات لا بد من دفن العنصريات لا بد من التخطيط للنهايات و عدم الإغترار بالإنتصارات.. لعمارة الأرض كما ينبغي بالنسبة للجنس البشري لا بد من وضع الأماني جانبًا والإقبال على العمل حسب سنن عالم الغيب و الشهادة.