نامت أوراق الشجر..
واستعفَّت شقوق الحجر..
واندثر الشاطئ مع لون البحر..
واستوطن عجيج النهر..
أسدلت ستارتي حتى لا يسلبني الديك ليلتي..
فليلتي طويلة كشعرها، ونحيلة كخصرها
أحرقت كتاباتي حتى لا أدرك هذياني قبل النوم..
وأعدت ترتيب غرفتي حتى لا تُخِلد عبثية اليوم
أشعلت قنديلي حتى أبصر ظلي فلا أغتال غفلةً..
وشددت لحافي حتى لا تكون عظامي هشةً..
وأصغيت لإيقاع أنفاسي لذةً
أغمضتُ عينيَّ الاثنتين..
وتقمصتُ ذاتيَ مرتين: مرةً حين كنت طفلا، ومرة حين أُصبحَ كهلا
أسرني لحنُ ليلتيَ المطرية..
أطربني وأثار شهيتي..
ثم أيقظتني حروف روايتي السردية..
فتأملت زينتها، وراقصت ايقاعها
من أنا؟
سألملمُ رماديَ وسأَحْيى هنا، في حلم خذلته أضواء المدينة فَبَدا
أتقنَ طقوسَ النجوم فاهتدى..
وغازلَ جدائلَ الدجى..
وحملَ أجزاءَ جسده حتى نال المرتجَى.
سأقصُ حكايات بلدتنا..
وأحلام الطفولة تحت لوزتنا..
سأزرع جدائل شعرها في أرضنا
سألاحق هديل الحمام في المدى الفسيح..
وأراقص الريح..
وأجمع خيوط البخور في بيتنا المليح
سأحاصر حجر النرد..
وسأسرد حكايات بطولتنا لأملٍ.. يسكن المهد..
وسأنشرُ تضاريسَ وطني على حائطنا.. كصدى لذلك الوعد
سأناجي السماء بابتهالات أعيادنا..
وسأخاطب النجوم بحفيف أشجارنا..
وسأزين جدائلها بأزهارنا..
وسأنثرُ النهارَ بضحكاتنا
سأقدس حديقةَ مولدي..
وأروي حنينَ قلبي..
وأحيي مهدَ رجولتي..
وأقبل سراجَ عمري، سأقدس أمي ..
سأقف فخرا..
وسأسابق الزمن
وربما سبقته أنا غدر
شيبٌ معتقٌ يروي سر الحياة جهرا
سأسلمُ عليه، وسأكتب بحروف أبي شعرا
سأقرأ آيات الكتاب فجرا،
ثم أستريح تحت ظلال المسجد عصرا،
ثم أداعب حجارة الأرض ضجرا،
ثم أعد شواهد الذكريات … قبرا قبرا
وأختم حكايتي بأن أزور النجوم في المقهى .. سرا
أهديت ذاكرتي قبلةً،
وأهدتني ملاذًا وعطرًا،
وكلمات حب وصدى يتردد سرًا وجهرًا
سأقبل جدائل شعرك شكرا،
أسطر ذاكرتي نثرا،
أداعب حروف اسمك .. وترا وترا،
ثم أسكن أحضانك دهرا
من أنا؟
الآن، مضى الزمان، وتناثر المكان، وحان الآوان .. سأعود لحلمي فجرا