تعد المخطوطات أول وأهم مصادر تسجيل تاريخ العلوم العربية الإسلامية وتصحيحه. فبالمخطوطات نستطيع أن نثبت أسبقية علماء الحضارة العربية الإسلامية على علماء الغرب فيما يختص بنسبة الاكتشافات والابتكارات العلمية العربية الإسلامية إلى الآخرين. ومن باب “شهد شاهد من أهلها” عرض التليفزيون الألماني في سلسلة المعجزات فيلما وثائقيا بعنوان: علوم الاسلام الدفينة” يثبت ويعترف بالتطور التكنولوجي الكبير الذي شهدته الحضارة الإسلامية، فقبل ألف سنة تقريبا –كما يقول أحد الباحثين في الفيلم– كان العالم الإسلامى متطورًا لدرجة كبيرة، بينما كانت أوربا تعيش في حالة تخلف وجهل. فالمسلمون وضعوا المؤلفات العلمية والاكتشافات والاختراعات، ففي مجال الطب مثلاً كان المسلمون يتبعون الطرق العلمية والأدوية، ويجرون عمليات جراحية، بينما كان الغرب يتبع أسلوب السحر والشعوذة للشفاء. وفى مجال الهندسة اخترعوا ساعات دقيقة جدا، وأساليب حربية متطورة مثل أول فكرة للصاروخ، وأول فكرة للدبابة، وأول شفرة سرية، وأول أسلوب لقفل سرى يعمل بالشفرة.. وهكذا. والشيء المميز أن علماء المسلمين كانوا يعتمدوا أسلوب التوثيق العلمي، فكانوا يضعون اسم المرجع الذي اعتمدوا عليه في كتبهم. والشيء الذي فعله الغرب ببساطة -كما يقول الباحث- أنهم سرقوا هذه العلوم بعد انهزام المسلمين، وطمسوا أسماء المؤلفين، ونسبوا هذه العلوم والاكتشافات والاختراعات لأنفسهم. ويستطرد الباحث قائلا: “إنها أكبر سرقة في تاريخ العلم“.
وقد وقفت على جوانب كثيرة من هذه العمليات في مؤلفات وتحقيقات كثيرة منشورة. وفي كتابي “علوم الإسلام إبداعات واكتشافات مغتصبة في طبعته العربية الصادرة عن معهد الشارقة للتراث2016” قدمت الأدلة العلمية (مخطوطات وشهادات غربية) على ما ادعاه الغربيون من إبداعات واكتشافات العلماء المسلمين، ونسبوه إلى أنفسهم، لعلنا نبصر العالم بفضل وقدر الحضارة الإسلامية، فيصحح العالم حلقات مهمة في سلسلة الحضارة الإنسانية في عمومها. ولعلنا نستنهض همة الأمة العربية الإسلامية كخير أمة أُخرجت للناس بـ “إقرأ”، وذلك بدمج كل الإبداعات والاكتشافات العربية الإسلامية المستردة من الغرب في المنظومة التعليمية العربية الإسلامية الحديثة ووسائل الإعلام والثقافة المقروءة والمسموعة والمرئية.
والجدير بالاعتبار أن مؤسسات الغرب العلمية لا تجد حرجًا في الاعتراف بأسبقية أحد علماء المسلمين في هذا الكشف العلمي أو ذاك، إذا ما تم تقديم دليل ذلك وهو مخطوط هذا العالم المسلم. فقد ثبت بالمخطوطات في أكاديمية العلوم الفرنسية مؤخرا أن الاختلاف الثالث في حركة القمر هو من اكتشاف العالم المسلم أبى الوفاء البوزجانى (329- 388هـ / 940- 998م)، وليس -كما عرف العالم زوراً لقرون عدة– تيكو براهى الدنماركي. ورفعت أكاديمية العلوم الفرنسية اسم تيكوبراهى ووضعت بدلا منه اسم البوزجانى المكتشف الحقيقي للاختلاف القمري الثالث”.
ومع ذلك مازالت معظم مناهج المدارس والجامعات ووسائل الإعلام والثقافة العربية والإسلامية تحتفظ باسم تيكوبراهى (المغتصب) بدلاً من البوزجانى المكتشف الحقيقي. وما زال أيضًا بعض الأكاديميين يظن أن ديكارت ابتكر الهندسة التحليلية، وابتكر هو وليبنتز علمي التفاضل والتكامل، وهذه الاكتشافات وأعنى بها: ابتكار علمي التفاضل والتكامل والهندسة التحليلية، هي إبداعات واكتشافات عربية مغتصبة، وهاك الأدلة مؤيدة بشهادات غربية، يعد ثابت بن قرة (221- 288هـ / 835- 900م)، على حد قول علماء الغرب أعظم هندسي عربي على الإطلاق، فهو الذى ترجم الكتب السبعة من أجزاء المخروطات في كتب أبللونيوس الثمانية إلى العربية فحفظ لنا بذلك ثلاثة كتب من مخروطات أبللونيوس فقدت أصولها اليونانية. وكتب ثابت عدد من المؤلفات في الهندسة مبسطاً فيها ما غمض من الفكر والعبارات في كتب الأقدمين ومستنبطاً مسائل جديدة في الهندسة، والجذور الصم. وتوضح مخطوطات مؤلفات ثابت الموجودة حاليًّا أنه أول من أبدع علم التفاضل والتكامل. ولا ينحصر دليلنا في ذلك على مؤلفات ثابت فحسب، بل يتسع لشهادات علماء الغرب، فثابت تبعا لديفيد سميث في كتابه تاريخ الرياضيات قد اكتشف علم التفاضل والتكامل حينما استطاع إيجاد حجم الجسم المتولد من دوران القطع المكافئ حول محوره.
وفى كتاب كل منهما والذي يحمل نفس الاسم “تاريخ الرياضيات” أورد كل من هورد إيفز وكارل بوبر تجديد ثابت بن قرة وتطويره لنظرية فيثاغورث القائلة: “إن مربع الوتر في المثلث قائم الزاوية يساوى مجموع مربعي الضلعين القائمين” فبعد أن نقح ثابت برهان فيثاغورث على هذه النظرية، وأدخل عليه بعض التعديلات، استطاع أن يدشن نظرية جديدة تسمح بتعميم نظرية فيثاغورث لأي مثلث أ ب جـ مختلف الأضلاع.
وبعد ثابت يأتي أبو الوفاء البوزجانى (329- 388هـ / 940- 998م) ليطور إبداع علم التفاضل والتكامل وباعتراف علماء الغرب الذين ينظرون إلى أبي الوفاء كأحد الأئمة المعدودين في الرياضيات والفلك، وألف فيهما مؤلفات مهمة أفادت منها الإنسانية. فلقد برع أبو الوفاء في الهندسة، واكتشف فيها كشوفاً لم يسبقه إليها أحد، وكذلك الجبر، حيث زاد في بحوث الخوارزمي زيادات تعد أساساً لعلاقة الهندسة والجبر، ومنها أنه حل هندسياً معادلات من الدرجة الرابعة، وأوجد حلولاً تتعلق بالقطع المكافئ، أخذها بعض الغربيين وادعوا تقدمهم خطوات واسعة أدت إلى أروع ما وصل إليه العقل البشرى، وهو التفاضل والتكامل، وينكشف ادعاؤهم بمخطوطات البوزجانى الذي طوَر فيها علم التفاضل والتكامل استكمالاً لمبدعه الأول ثابت بن قرة. ويستطرد علماء الغرب) أمثال: سارتون، وكرادى فو، وسميث وغيرهم) في الاعتراف بأن أبا الوفاء هو أول من وضع النسبة المثلثية “ظل” وأول من استعملها في حلول المسائل الرياضياتية، وأدخل القاطع، والقاطع تمام ودرس تربيع القطع المخروطي المكافئ بأنواعه الثلاثة: قطع مكافئ Parabola، وقطع ناقص Ellipse، وقطع زائد Hyperbola، كما درس المساحة الحجمية للقطع المكافئ المجسم Paraboloid، وأوجد طريقة جديدة لحساب جداول الجيب التى امتازت بدقتها، حتى أن جيب الزاوية 30 درجة كان صحيحًا إلى ثمانية أرقام عشرية. كما وضع البوزجانى الجداول للمماس، ووضع المعادلات التى تتعلق بجيب زاويتين. وبهذه الاكتشافات، وخاصة وضع “ظل” في عداد النسبة المثلثية أصبح البوزجانى في نظر علماء الغرب من الخالدين، حيث أسس بذلك ووضع أحد الأركان التى قام عليها علم حساب المثلثات الحديث، وأصبح أكثر بساطة ووضوحاً بوضعه هذا القانون: جا (أ + ب) = جا أ جتا + جا ب جتا أ ك (الكمية)
هذا فيما يتعلق بعلم التفاضل والتكامل الذي يتضح بالمخطوطات وبالشهادات الغربية أنه إبداع عربي خالص إبدعه ثابت بن قرة وطوَره أبو الوفاء البوزجانى. أما الهندسة التحليلية الحديثة فقد دشنها أيضا علماء العرب والمسلمين، ويمكن الوقوف على تفاصيل ذلك فيما يلي:
تعد المصادرة الخامسة لإقليدس الخاصة بالخطوط المتوازية، من الأسس المهمة في علم الهندسة، وليس أدل على ذلك من أنها شغلت تفكير علماء الرياضيات منذ القرن الثالث قبل الميلاد وحتى القرن التاسع عشر الميلادي. وقد تصدى علماء الحضارة الإسلامية للبرهنة على هذه المصادرة، وبذلوا جهوداً كبيرة في إثباتها أدت إلى ظهور الهندسة اللاإقليديسية أوالتحليلية في العصر الحديث، تلك التى اقترنت بأسماء غربية، مع أن علماء الحضارة الإسلامية هم الرواد الأُول لهذه الهندسة، ومنهم، عمر الخيّام، ونصير الدين الطوسي. ويمكن الوقوف على إسهام كل منهما في تدشين الهندسة التحليلية الحديثة بصورة موجزة فيما يلى: أما عمر الخيّام (ت 515هـ – 1121م) فقد اطلع على أعمال الخوارزمي، وتناولها بالدرس جاعلاً من نفسه منافساً للخوارزمي يحاول أن يصل إلى أشياء جديدة لم يصل إليها، واستمر الخيام على هذا الوضع إلى أن وضع كتابه: “في الجبر” الذى فاق كتاب الخوارزمي في نظر بعضهم”.
فلئن كانت المعادلة البسيطة ذات الحدين (ص – س) و (م س = س2) بأشكلها الستة معروفة منذ عصر الخوارزمي، إلا أن التوسع في تقسيم المعادلات وتصنيفها لم يعرف قبل الخيام. كذلك تمكن عمر الخيام من حل المعادلات من الدرجتين الثالثة والرابعة، وهذه قمة ما وصل إليه الرياضيون المسلمون، فكتابه في “الجبر” يعتبر من الدرجة الأولى، ويمثل تقدمًا عظيمًا جداً على ما نجده من هذا العلم عند الإغريق، لقد أحرز تفوقاً على (الخوارزمي) نفسه في درجات المعادلة بصفة خاصة. فقد خصص القسم الأكبر من كتابه لمعالجة المعادلات التكعيبية، بينما لم يقصد الخوارزمي إلا المعادلات التربيعية بصدد بحث المسائل في الحلول. وقد صنف الخيام المعادلات ذات الدرجة الثالثة إلى سبعة وعشرين نوعًا، ثم عاد فقسمها إلى أربعة أشكال، الاثنتان الأخيرتان تتألفان من معادلات ثلاثية الحدود ورباعية الحدود. أما الشكل الرابع فيتألف من ثلاث صنوف. وقدم الخيام الحلول على هذه الأصناف، بالإضافة إلى حلوله لمعادلات الدرجة الثالثة كلها، وهو ما لم يجده الخيام في كتب السابقين عليه. فركز جُل اهتمامه على حل جميع أنواع معادلات الدرجة الثالثة، وهي المسألة التى صعبت على أسلافه ولم يتوصلوا إلى حل لها. ولما لاحظ الخيام أن أسلافه لم يتمكنوا من حل هذه المعادلات بالجذور، لجأ هو إلى الطريق الهندسي. ويذكر كارادى فو أن طريقة حل الخيام لمعادلات الدرجة الثالثة تبدو بنصها الحرفى تقريباً في كتاب “الجومطرى” لديكارت.
وقد مهدت الأبحاث في الاتجاه الهندسي الطريق للعمل الجبرى للخيام الذي يشكل الانطلاقة الأولى للهندسة الجبرية. فمع الخيام لم تعد المسألة مسألة حل هذه أو تلك من معادلات الدرجة الثالثة التى يطرحها بحث ما، بل مسألة مشروع لحل جميع الاصناف الـ 25 للمعادلات من الدرجة الثالثة وما دون. ويعد عمر الخيّام –تبعاً لجورج سارتون– أول من أبدع فكرة التصنيف، فعُد بذلك أول من مهد الطريق أمام تدشين الهندسة اللاإقليديسية “التحليلية” الحديثة، إذ قام بتصنيف المعادلات بحسب درجتها، وبحسب الحدود التى فيها محصور في أربعة عشر نوعاً، وبرهن هندسياً على حل كل معادلة منها باستخدام القطوع المخروطية الثلاث: الدائرة، القطع المكافئ، القطع الزائد.
وجاء في القرن السابع عشر الميلادي سيمون الهولندي (ت 1620) وتتبع تصنيف الخيام، وأدخل عليه بعض التعديلات الطفيفة، فنسب إليه علماء الغرب “فكرة التصنيف” وتناسوا مبتكرها الحقيقي عمر الخيام!
يتضح إذن أن الخيّام يُعد من الرياضيين الذين اعتقدوا بضرورة الهندسة في دراسة جميع ميادين العلوم، وعليه فقد أولى الهندسة أهمية خاصة ضمن أبحاثه الرياضياتية، وأفرد لها عدة مؤلفات شرح فيها هندسة إقليدس ونقدها، كما نقد محاولات سابقيه في البرهنة على المصادرة الخامسة لإقليدس، وذهب إلى أن جميع براهين الرياضيات تنتمي إلى البرهان اللمى (لِمَ) الذي بُرهن به على سبب وجود الشيء أو سبب خواصه. وفى “رسالة شرح ما أشكل من مصادرات كتاب إقليدس”، أتى الخيّام بعدد من القضايا الرياضياتية الأساسية التى لا يمكن للرياضياتي الاستغناء عنها في براهينه، ومنها انطلق الخيام في البرهان على المصادرة الخامسة لأقليدس ممثلاً في ثمانية أشكال، ذلك البرهان الذى ساهم في تطور الهندسة الحديثة، فقد افترض الخيام فروضاً ثلاثة للبرهنة على أنه إذا كانت زاويتان في مستطيل متساوي الأضلاع تساوى كل منهما زاوية قائمة، فإن الزاويتين الأخرتين تساوى كل منهما زاوية قائمة، ويستحيل أن تكون حادة أو منفرجة، وأقام الخيام البرهان على تلك الاستحالة الحادة والمنفرجة، وانتهى إلى أنه لا يبقى إلا أن تكونا زاويتين قائمتين.
ويُعد الخياّم أول من استعمل هذه الفروض الثلاثة (الزاويتان حادتان – منفرجتان – قائمتان)، ومما لا شك فيه أن هذه الفروض تتأسس عليها الهندسة التحليلية الحديثة، الأمر الذي حدا ببعض الغربيين أن ينتحلوها، ومنهم ديكارت، وأشهرهم ساكيرى (1667- 1733) الذي انتحلها في نظريته عن الخطوط المستقيمة ونسبها له مؤرخو الرياضيات الغربيون، إلا أن مخطوطات ومؤلفات عمر الخيام وشهادات علماء الغرب المنصفين تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه أول من أبدعها واستعملها في تاريخ الرياضيات.
ويرجع الفضل لنصير الدين الطوسي (597ه – 672هـ / 1201 – 1274م) في ابتكار وتعريف الأعداد الصم، وهي الأعداد التى ليس لها جذر، والتى لا تزال تشغل أهميتها في الرياضيات الحديثة. ويعد الطوسي أول من فصل علم حساب المثلثات عن علم الفلك ووضع أول كتاب في حساب المثلثات سنة 648هـ / 1250م وهو كتاب “أشكال القطاعات” الذي دوّن فيه أول تطوير لنظرية جيب الزاوية إلى ما هي عليه الآن.
ويعد هذا الكتاب أول كتاب من نوعه على مستوى العالم يفصل علم المثلثات عن علم الفلك، واعتُمد مرجعاً رئيساً لكل علماء الغرب الباحثين في علم المثلثات الكروية والمستوية بعد ترجمته إلى اللاتينية والإنجليزية والفرنسية، فدرسوه وأفادوا به إلى درجة أن بعضهم انتحل كثيراً من نظرياته ونسبها لنفسه، فالناظر في كتاب ريجيو مونتانوس “علم حساب المثلثات” يدرك لأول وهلة أن كثيراً من نظرياته وأفكاره موجودة بنصها في كتاب نصير الدين الطوسى “أشكال القطاعات”!
وأظهر الطوسى براعة فائقة وخارقة للعادة – على حد قول سارتون – في معالجة قضية المتوازيات في الهندسة، حيث امتازت بحوثه على غيرها في الهندسة بفضل إلمامه بأسس الهندسة المستوية المتعلقة بالمتوازيات. ومن المسائل التى برهنها فيها دائرة تمس أخرى من الداخل قطرها ضعف الأولى تتحركان بانتظام في اتجاهين متضادين بحيث تكونان دائماً متماستين، وسرعة الدائرة الصغيرة ضعف سرعة الدائرة الكبرى. كما برهن الطوسى على أن نقطة تماس الدائرة الصغرى تتحرك على قطر الدائرة الكبرى. وتعد هذه النظرية التى وضعها نصير الدين الطوسى أساس عمل الاسطرلاب. ولأول مرة في تاريخ الرياضيات استطاع الطوسى دراسة المثلث الكروي قائم الزاوية وإيجاد المتطابقات المثلثية.
ومن أهم ما قدمه الطوسى للإنسانية جمعاء اهتمامه بالهندسة اللاإقليديسية (الفوقية) التحليلية الحديثة التى تلعب دوراً مهماً حالياً في تفسيرات النظرية النسبية، ودراسة الفضاء، فقد برهن الطوسى، بكل جدارة –تبعاً لدرك ستريك– على المصادرة الخامسة من مصادرات إقليدس، ذلك البرهان الذى بدأ به عصر جديد في علوم الرياضيات الحديثة، ويتألف من سبع قضايا، وبه توصل الطوسى وبرهن على أن مجموع زوايا أي مثلث تساوى قائمتين، وذلك يكافئ المصادرة الخامسة من مصادرات إقليدس، وبذلك يكون الطوسى قد وضع أساس الهندسة التحليلية الحديثة والتى تقترن بأسماء غربية من أمثال: ديكارت، وكارل فاوس الألماني (ت 1855)، ونيكوليا لوباتشوفسكى الروسى (ت 1856)، ودولفقان بولياى المجرى (ت 1856)، وبرنهارد ريمان الألمانى (ت 1866)، فهو رد إيفز يذكر أن جرولا سكير الإيطالي (ت 1733) المسمى بأبي الهندسة اللاإقليديسية قد اعتمد بصورة أساسية على عمل نصير الدين الطوسى في هذا الميدان من الهندسة. ويدرس جان والس (ت 1703) الرياضياتي الإنجليزي الشهير برهان نصير الدين الطوسى على المصادرة الخامسة لإقليدس، ويخرج من دراسته معترفاً بفضل نصير الدين الطوسى في وضع الهندسة اللاإقليديسية التحليلية وظهور فجر الرياضيات الحديثة.
تلك كانت إبداعات واكتشافات عربية (علم التفاضل والتكامل والهندسة التحليلية) منسوبة إلى غربيين، وتثبت مخطوطات أصحابها من العلماء العرب المسلمين، وكذا شهادات علماء الغرب المنصفين أنها عربية وليست غربية. وهناك مئات الإبداعات والاكتشافات العربية الأخرى منسوبة إلى غربيين في علوم الرياضيات والفيزياء والكيمياء والعلوم الطبية والفلكية والجغرافيا. وغيرها ربما نعرض لها في أعداد قادمة.