أن يبكي الإنسان عند تعرضه للحظات الألم أو الشعور بالحزن، فهذا أمر طبيعي، أما أن يبكي عند فرحه، فهذا الأمر قد يثير الاستغراب لدى البعض!. فمن منا لم يتمالك نفسه، وانهمرت دموعه عند لحظة نجاح أو فرح شديد، وكأن الحدث الذي يمر به انعكس سلبًا على شعوره؟
البكاء وقت الفرح أمر طبيعي يلازمنا في لحظات الزواج والإنجاب أو التخرج من الجامعة وغيرها من اللحظات الإيجابية، وهذا ما فتح الباب واسعاً أمام الباحثين لسبر أغوار هذا الشعور المحير، وللإجابة على التساؤل: “لماذا نبكي عند الفرح، وهل هذا الشعور صحي”؟
بداية يجب أن نعلم بأن إفراز الدموع في الحزن والفرح يتم بآلية واحدة، حيث تومض العين ست عشرة مرة في الدقيقة، ومع كل ومضة لجفن العين فإنها تسحب قليلاً من سائل الغدد. وعندما يشعر الإنسان ببعض الانفعال، مثل الحزن أو الغضب أو السعادة البالغة، تضيق العضلات التي حول الغدد الدمعية وتعصر السائل الدمعي، ويحدث الشيء نفسه إذا ضحك الإنسان من أعماقه.
سر البكاء من السعادة
توصل مجموعة من علماء النفس عبر دراسات عدة إلى أن بكاء الإنسان عند لحظات الفرح يعد شعوراً لا إراديًّا يسهم في تحقيق نوع من التوازن العاطفي الذاتي. تقول اختصاصية الإرشاد النفسي دينا الزعويلي أن الدموع التي يذرفها الإنسان في حالات الإحباط أو الحزن، تعد متنفسًا للطاقات السلبية التي تثقل كاهله، ما يساعده على مواجهة الحياة، أما الدموع التي تنهمر منه في لحظات الفرح، فهي بمنزلة التعبير اللاإرادي عن فرحة تحقق حلمًا ما طال انتظاره، ولاسيما بعد مروره بمجموعة من الضغوطات أو الاحباطات الحياتية.
يجب أن نعلم بأن إفراز الدموع في الحزن والفرح يتم بآلية واحدة، حيث تومض العين ست عشرة مرة في الدقيقة، ومع كل ومضة لجفن العين فإنها تسحب قليلاً من سائل الغدد.
وعلى الرغم من هذا التفسير تبقى ظاهرة “دموع الفرح”، ظاهرة فريدة من نوعها، ذلك أن الإنسان يقوم بعمل مناقض لمشاعره في تلك اللحظة، بحسب ما قالته الباحثة النفسية في جامعة ييل الأميركية أوريانا آراغون.
ففي دراسة أجرتها تلك الطبيبة ونشرت في مجلة “سيكولوجيكال ساينس” الدورية الأميركية، أوضحت أن الإنسان يظهر هذه “التعابير المزدوجة” عندما تطغى عليه المشاعر القوية سواء كانت إيجابية أم سلبية.
واستنتجت أن “دموع الفرح”، هي آلية لا شعورية يلجأ إليها الجسم في حالات السعادة المفرطة، من أجل إعادة التوازن إلى الحالة النفسية للإنسان، عبر تحفيز رد الفعل المضاد للسعادة وهو ذرف الدموع.
النظرية الأكثر شهرة، هي التي تؤكد أنه في لحظات الانفعال الشديد، يختلط الأمر على العقل، حيث يصيبه ارتباك يجعله غير قادر على التفرقة بين المشاعر الإيجابية التي تتطلب الضحك أو الابتسام، وبين المشاعر السلبية التي تستحق بالفعل البكاء.
تؤيد الرؤية السابقة، أستاذة الطب النفسي بجامعة بنسلفانيا الأمريكية، جوردان لويس، حيث تقول: “أحيانا ما تتشابك ما يمكن تسميتها بأسلاك السعادة والحزن، لينشط دور الجهاز العصبي اللاودي”، مضيفة: “بينما يفترض بهذا الجهاز العصبي أن يساهم في سقوط الدموع في لحظات الصدمة والحزن، من أجل تهدئة المرء وإفراز الناقلات العصبية المطلوبة حينئذ، فإنه لا يفرق بين تلك اللحظات ولحظات البهجة الشديدة، لتنهمر دموع الفرح بلا توقف”.
في النهاية، تتعدد الفوائد النفسية للبكاء، الذي لا يفرق أحيانا بين السعادة والحزن، لذا نجد أن تساقط دموع الفرح لن يضر بالمرء، بقدر ما سيحقق له المنافع دون شك.
البكاء يؤدى إلى السعادة
كشفت دراسة علمية حديثة أشرف عليها باحثون إيطاليون أن البكاء يفرج عن المواد الكيميائية المضادة للإجهاد الطبيعية الموجودة في المخ.
توصل مجموعة من علماء النفس عبر دراسات عدة إلى أن بكاء الإنسان عند لحظات الفرح يعد شعوراً لا إراديًّا يسهم في تحقيق نوع من التوازن العاطفي الذاتي.
ووفقاً لموقع صحيفة “ديلي ميل” البريطانية وجد الباحثون أن البكاء يشبه الحضن، حيث يجعل الجسم يطلق هرمون الاندروفين المسئول عن السعادة والرفاهية.
الفرق بين دموع الفرح ودموع الحزن
دموع الفرح والحزن واحدة، وتنهمر من نفس المصدر بأوامر دماغية واحدة، كما تتشابهان بالتركيب الكيميائي، وبطرق تأثيرها على جسم الإنسان، فنحن غالبًا ما نجد الدموع تنهمر من أعيننا خلال المواقف المضحكة التي تثير مشاعرنا، تمامًا كما نجدها تنهمر في أحلك الأوقات التي يغلف فيها الحزن قلوبنا.