يعد مرض الشك من بين الأمراض النفسية الشهيرة التي تسيطر على الإنسان، وهي جزء من الوسواس القهري، وقد لا يعتبر هذا المرض من الأمراض الخطيرة إلا أنه بإمكانه أن يدخل الفرد في كآبة غير متناهية، كما قد يجعله مصدر إزعاج لغيره فيفقد علاقاته بعائلته، وأقربائه، وكل من حوله.
على هذا الأساس يصنف مرض الشك كمرض نفسي، تظهر أعراضه عندما يبدأ الإنسان في الشك بكل شئ يتواجد أمامه، فيشك في عائلته إلى درجة أنه قد يعتبرها خطرًا عليه فلا يأكل أكلهم خوفًا من احتمال وضع السم له، كما قد ينتقل هذا الشك إلى أن يعتقد أن زوجته تخونه أو تريد قتله أو سرقته وإلى غير ذلك، فالشك يولد في الإنسان الحرص على مراقبة كل شيئ و التجسس على أفراد عائلته و أقربائه، مما قد يساهم في فقدان كل من حوله.
و يمكن تقسيم الشك إلى ثلاث أنواع:
1- الشك الملازم للإنسان
فالشخص الذي يتصف بهذه السمة يجد صعوبة كبيرة في التواصل الاجتماعي مع الناس حتى أقرب الناس إليه في كثير من الحالات.
وتتسم الشخصية الارتيابية (الشكاكة) بالعلامات التالية:
- الشك بدون دليل مقنع بأن الآخرين يستغلونه أو يريدون له الأذى أو يخدعونه.
- شكوك مسيطرة في ولاء أو إمكانية الثقة بالأصدقاء والزملاء.
- التردد كثيرًا في إطلاع الآخرين على أسراره خوفًا من أن تستغل يومًا ما ضده بشكل أو بآخر.
- تفسير الأحداث بأنه يقصد منها شيئًا أو أن وراءها نوايا خبيثة.
- الحقد المستديم وعدم القدرة على الصفح والغفران.
- يرى في أي شيء يحدث من حوله تعديًا عليه أو إساءة له.
- شكوك متكررة في الزوج أو الزوجة من دون دليل واضح.
2- الشك العادي المقبول
فكل شخص يحتاج إلى درجه بسيطة من الشك لحمايته من الوقوع في بعض الأخطاء، والتأكد والتيقن من الأمور قبل الإقدام عليها خاصة إذا كانت مبنية على خبرات سابقة، أو توقعات اكتسبت من خبرات الآخرين.
3- الشك المرضي
وفيه يعاني الفرد من أوهام اضطهادية يعتقد من خلالها أن الآخرين يريدون إيذاءه وأن هناك مكائد ومؤامرات تحاك ضده، وهذا الشك لا ينمو مع المرء منذ صغره ولا يشمل جميع الناس وجميع جوانب الحياة، بل يركز على فكرة معينة تصل إلى درجه الاعتقاد الجازم، كما أنها قد تصبح شغله الشاغل ويصبح همه دعمها بالأدلة وجمع البراهين، ورغم عدم وجود دليل كافي على هذا الاعتقاد فإنه لا يمكن لأي شخص إقناع المريض بأن هذا الاعتقاد غير صائب، وعادة ما يقوم المريض بالتصرف بناء على اعتقاده الخطأ، فمثلاً عندما يتمحور الشك المرضي حول خيانة شريك الزوجية فإنه يقوم بالتجسس على زوجته ومراقبة التليفون والعودة من العمل في غير الوقت المعتاد لإيجاد دليل على اعتقاده الخطأ.
وعندما يتمحور الاعتقاد الخاطئ حول إيذاء الآخرين له على سبيل المثال “هناك من يحاول قتله بالسم” فسيشك في المأكولات والمشروبات التي تقدم له ويمتنع عن تناولها حتى وإن قدمت من أقرب المقربين إليه، والجدير بالإهتمام أن هؤلاء المرضى بالشك المرضي يبدون أسوياء تمامًا في حياتهم اليومية، ما عدا هذا الموضوع مدار الشك.
وتقول د. سهام حسن الأخصائية النفسية، أن الشك هو تلك العقبة التي تعوق الإنسان من ممارسة حياته بشكل طبيعى، وهذا تعريف مبدئى للشك، ويندرج تحته مسميات عديدة ومنها عدم الثقة بالنفس، والخجل والقلق والتردد، ويظل فى النهاية هو الشك.
وتضيف أن الشك نوعان:
1- الشك السوي
وهو الغيرة المحمودة التى تعد طبيعة فى النفس البشرية، كغيرة الزوج على زوجته والعكس صحيح، وكل شخص يحتاج إلى جزء صغير من هذا الشك فى حياته لسلامة صحته النفسية ولحمايته من الوقوع فى الأخطاء، ومن سمات الشخص الشاك هنا أنه يعتمد على واقع موضوعى وينتهى بانتهاء الموقف، وخالي من الحالات الانفعالية وإذا امتزج الشك بالوجدان والانفعال أصبح إسقاطًا لما بداخل النفس، ويعبر عن انحرافات نفسية.
2- الشك غير السوي أو الشك المرضي
يعانى الشاك من أوهام اضطهادية يعتقد من خلالها أن الآخرين يريدون إيذاءه، وأن هناك مكائد ومؤامرات تحاك ضده ولا يشعر الشاك منذ صغره به أو ينمو معه ويركز على فكرة أو جانب واحد من جوانب الحياة تصل إلى أن يؤمن بهذه الفكرة، ويتحول لمرض يستوجب على المريض زيارة الطبيب النفس.
وتقدم د.سهام بعض النصائح التي تساعد في التغلب على الشك:
1-محاولة التعرف ما هو سبب الشك فى حياتك وكتابة هذه الأسباب فى قائمة، وتحدد ما تقول فيه لا أستطيع أن أفعله أو أنا لا أثق فى نفسي لتحقيق ذلك، أو هؤلاء الأشخاص لا يرغبون فى وجودي معهم أو أنا وحيد وزوجتى تخوننى وهكذا.
2-اطلب من أصدقائك أن يعاونوك على التغلب على هذه المشكلة والشكوك التي تراودك، وتأكد أنهم سوف يبذلون أقصى الجهود لتشعر بتحسن، وتحويل الطاقة السلبية لثقة كبيرة فى نفسك وطاقة إيجابية.
3-ابدأ يومك أمام المرآة وقل لنفسك شيئًا إيجابيًّا، وابتسم لمحو التفكير السلبى وزيادة الثقة فى النفس، “أنا سوف أحقق ما أحلم، أنا أثق فى قدراتي، أنا محبوب من الآخرين والجميع ينتظر قدومى للعمل”.
4-ممارسة التنفس العميق عندما تشعر بضغط أو قلق فتوقف لحظة لتساعد نفسك على الاسترخاء، قل لنفسك شيئًا إيجابيًّا، ومع القليل من الوقت سيكون هذا ردك الطبيعي على المواقف العصيبة.
5-ساعد الآخرين دون التفكير فى مقابل، فذلك سوف يشعرك بشعور أفضل تجاه نفسك، وستشعر بقوتك وقوة عزيمتك وإرادتك.
6-انتقل للحديث مع شخص غريب كل يوم حتى تزيل الشك بداخلك أنك مضطهد لتتقدم خطوة خطوة، ولتتغلب على تلك المشكلة التى تمنعك من مزاولة حياتك اليومية بصورة طبيعية.