لقد ثبت في سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، أن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان كان يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم على خلاف ما يسأله الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا، الذين كانوا يهتمون بالخير ويكثرون من السؤال عنه، بينما حذيفة كان يسأل عن الشر مخافة أن يقع فيه، وحتى يكون على بينة منه وليترك مسافة أمان كافية، وهي المسافة التي ستجعله لا يتجنب الشر وحسب بل ويقع في الخير أيضًا.
وعملاً بمنهج هذا الصحابي الجليل فإنني من باب النصح، وحتى لا تسقط أزهار كثيرة خاصة في ربيع العمر، ولكيلا تتوالى النكبات والانتكاسات خاصة في لحظات القوة والعنفوان، فقد وجب أخد الحيطة والحذر وإعمال السمع والفؤاد والبصر، لتجنب كل ما يمكن أن يوقعك في النكوص والفشل وفي مقدمة ذلك:
1ــ انعدام الحماس
وذلك بتطهير لسانك وروحك من لازمة (لا شيء في المدرسة يحمسني ولا شيء يشجعني على الدراسة)، والإقبال على الدراسة بروح إيجابية ومعنويات عالية وكلك متلهف للدراسة بشره ونهم.
2ــ التشاؤم
وذلك باجتثاث بذرة الشؤم من داخلك وغرس بذرة التفاؤل بالخير وبالمستقبل عملاً بالقول المأثور (من تفاءل بالخير وجده) فالتفاؤل حياة والتشاؤم ممات قبل الممات.
3ــ ضبابية الهدف
وذلك بتحديد الهدف بدقة ووضوح ولا تأتي للمدرسة إلا وقد وضعت نصب عينيك غاية نبيلة ومقصدًا ساميًا مع العزم على تحقيقه (إن يعلم الله في قلوبكم خيرًا يؤتكم خيرًا)، (فإذا عزمت فتوكل على الله).
4ــ الخوف من البطالة
وذلك بالثقة بالله تعالى مقسم الأرزاق، مع الإيمان بأن الله الذي رزق النمل والذباب وغيرهما من الكائنات ابتداء من أصغرها إلى أكبرها، لا يمكن أن يرزقها هي وفي المقابل يمنعك أنت خاصة وأنك أكرمها (إن الله يرزق من يشاء بغير حساب)، فأنت ما عليك إلا أن تشاء الرزق وتسعى إليه والله تعالى لا محالة يرزقك بغير حساب.
5ــ التواكل والتكاسل
وذلك بالتوكل والاجتهاد مع الأخذ بالأسباب المشروعة (ومن يتوكل على الله فهو حسبه)، وترك كل ما هو ممنوع من غش وتحايل، وعملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم (من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه).
6ــ التسويف والتأجيل
وذلك بالمسارعة إلى القيام بمختلف الواجبات وعدم مراكمتها وتركها لآخر اللحظات قبيل الامتحان وهي اللحظات التي لها خصوصية نظرًا لما يرافقها من ضغط نفسي وقلق يصعب معهما الحفظ والضبط، فوجب حينها الاستعداد منذ بداية السنة، أما اللحظات الأخيرة فينصح أن تكون للراحة، ولاستجماع القوى استعدادًا ليوم الوغى وهو يوم الامتحان حيث يعز المرء أو يهان.
وإنه بالحرص على تجنب هذه الآفات التي تعتبر وبدون أدنى شك مرتعًا خصبًا وتربة غنية يقتات عليه (غول الفشل) تكون عزيزي الطالب قد تركت مسافة أمان كافية بينك وبين هذا الشر الذي يتربص بك لا محالة، وتكون قد هجرت تربته الملوثة وحدوده الشائكة، ودخلت بطريقة أوتوماتيكية حدودًا أخرى لرقعة أخرى هي رقعة الخير الذي هو النجاح والفلاح تمامًا، كما كان يفعل الصحابي الجليل حذيفة رضوان الله عليه.