ثمة دلائل مؤكدة بأن استهلاك الملح بكميات كبيرة يزيد من خطر فقدان الكتلة العظمية والإصابة بهشاشة العظام؛ فكلما أفرطت في تناول أطعمة تزيد بها نسبة الملح زاد معدل فقدان الكالسيوم من جسمك وبدأت الكثافة والكتلة العظمية لعظامك في التدهور.
ولحسن الحظ؛ نحن لا نحتاج إلى كمية كبيرة من الملح للحصول على حاجتنا من الصوديوم؛ فالحصول على كمية ضئيلة (لا تزيد عن جرام واحد يوميًّا؛ أي ربع ملعقة صغيرة) تكون كافية لسلامة صحتنا ولجعل الطعام طيبًا شهيًّا، أما الحد الأقصى للحصة اليومية من الملح فيجب ألا تتعدى 6 غرامات.
و لكن معظمنا يتجاوز هذه الجرعة عدة مرات؛ بحيث يتعدى معدل تناول الفرد للملح 8.6 غرامات يوميًّا. وذلك ليس بسبب الإفراط في رش الملح مباشرة على الطعام فحسب؛ ولكن أيضًا بسبب تناول الأطعمة المصنعة والمعالجة التي تؤدي إلى تزويد الجسم بكميات من الصوديوم تفيض عن حاجته. فالمعطيات تشير إلى أن 77% من الصوديوم الموجود في الطعام يأتينا من خلال عملية “التصنيع” التي يمر بها، بينما لا تتجاوز الكمية التي يرشها متناول الطعام عن 6%-5% إضافية توضع في الطعام خلال عمليات الطبخ.
فيما يتوفر الملح طبيعيًّا في الكثير من الخضروات والفواكه الطبيعية التي نتناولها يوميًّا، وقد لا يبدو ذلك كافيًا لكن عندما نأكل ثلاث حصص فقط من الخضروات يوميًّا فإننا نحصل على كمية الصوديوم الكافية للجسم.
أين يختبئ الملح؟
لا يقتصر خطر الإفراط في الملح على كمية الملح التي نرشها على الطعام، بل يشمل أيضًا محتوى الصوديوم في الأطعمة وخاصة الأطعمة المصنعة والمعالجة والوجبات الخفيفة أو الجاهزة (snakes) والخضروات المعلبة.
تقول الاحصائية أن ما يقدر بنسبة (77%) من الصوديوم الموجود في غذائنا مصدره الأطعمة المعالَجة كالشطائر المحشوة باللحم، ومختلف أنواع الفطائر والمخللات، المسليات والمقرمشات المالحة، المكسرات ومنتجات اللحوم المصنـعة كالنقانق الغارقة بالملح. حيث يستعمل مصنعوا هذه المنتجات الغذائية الكثير من الملح لأنه بخس الثمن ويضفي بعض النكهة. لذا فإن التقليل من رش الملح على الطعام خلال الطبخ قد لا يكون كافيًا من أجل تفادي المخاطر الصحية التي يسببها الملح، عليك أن تنتبه لكمية الملح في كل ما تأكل.
كيف تتجنب الملح عند تناول الطعام خارج المنزل؟
عندما تتناول طعامك خارج المنزل أو عندما لا تتمكن من إعداد الطعام في المنزل والتحكم في كمية الصويوم (ملح الطعام) الموجودة في الوجبات، فإليك بعض النصائح لاختيار أطعمة تحتوي علي أقل قدر من الصوديوم:
1-تجنب تناول المقانق (السجق) أو شطائر اللحم المدخن المملح، واطلب بدلاً منها فطيرة بالجبن القشدي والفواكه.
2- اطلب طبق الدجاج المشوي مع البطاطس والخضراوات المطهية علي البخار، عوضًا عن طبق البطاطس المهروسة والمرق.
3- لا تفرط في تناول الكاتشاب، والخردل، وصلصة الشواء، وتناول بدلاً من ذلك الطماطم والخس والبصل إلى جانب وجبة الطعام.
4-تجنب تناول سلاطات الخضار المشبعة بالصوديوم، وتناول بدلاً منها سلطة الخضراوات التي تحتوي علي قدر ضئيل من الصوديوم (ملح الطعام).
5-إذا اخترت أن تتناول طعامك في مطعم آسيوي فتحكم في مقدار ما تتناوله من صلصة حبوب الصويا، وتجنب تناول التوابل التي تحتوي علي جلوتامات أحادي الصوديوم، بينما يمكنك استخدام الصلصة والفلفل لإكساب المذاق.
ولحسن الحظ ؛ يتوفر الآن العديد من المنتجات الآن تحمل عبارة “قليل الصوديوم” كوسيلة للترويج للأشخاص الذين يسعون للحفاظ على صحتهم، كن أحد هؤلاء وابحث عن هذه المنتجات.
تحول إلى بدائل الملح
لحسن الحظ، هناك العديد من البدائل لملح المائدة التقليدي (الصوديوم كلوريد)، جرِّب البدائل التالية واختر منها المحبب إليك:
1-عصير الليمون الحامض
يمكنك استخدام عصير الليمون الحامض بديلاً لملح الطعام، فهذا العصير يضفي نكهة خاصة للطعام، إذا ما أضيف إلى الطعام المطبوخ أو المغلي كما أنه يعيد إليه ما خسره من فيتامينات بسبب حرارة الطبخ أو الغليّ، ولكن ينبغي عدم الإفراط في تناول الليمون الحامض لأنه من الممكن أن يؤدي إلى حدوث مضاعفات سيئة وخطيرة. لذلك ننصح بالتناول المعتدل لهذا العصير.
2- الملح النقي
المقصود بالملح النقي هو ملح البحر غير المكرر؛ وهو ملح غني بالمعادن الغير مؤذية صحيًّا والتي تساعد في القضاء علي الآثار المؤذية للملح العادي، ولكن يجدر بك أيضًا استخدامه بكميات ضئيلة.
ويمكنك العثور على هذا النوع من الملح في متاجر الأطعمة الصحية وغيرها من المتاجر، فقط احرص على قراءة محتوى العبوة جيدًا؛ لكي تتأكد من أنها لا تحتوي على كميات كبيرة من كلوريد البوتاسيوم. فكونك تستطيع أن تشتري الملح النقي من متاجر الطعام الصحي لا يعني أن العثور على الملح النقي مهمة سهلة هذه الأيام!.
3- الملح الغني بالبوتاسيوم والقليل الصوديوم
لا شك أن الملح المكوّن من كلوراريد البوتاسيوم أفضل كثيرًا وأقل ضررًا من ملح المائدة التقليدي المؤلف بالكامل من كلورايد الصوديوم. وعلى النقيض من تأثير الصوديوم، أشارت بعض الدراسات إلى أن البوتاسيوم يمكن أن يخفض ضغط الدم.
ومن الجيد أن الملح المرتكز على كلوراريد البوتاسيوم بدل كلورايد الصوديوم بات متوفرًا الآن بكثرة، ولكن يمكنك أيضًا أن تجرِّب إعداد ملحك الخاص المخفف بشراء كلوريد البوتاسيوم الخالص النقي من أحد متاجر الأدوية (الصيدليات) أو متاجر المواد الكيميائية وطحنه بنسب متساوية مع الملح النقي.
4- الملح المخفف
يمكنك أن تشتري الملح المخفف الذي يحتوي على نصف نسبة كلوريد الصوديوم؛ ونصف نسبة كلوريد البوتاسيوم . فإن استخدامك لنفس النسبة من الملح من النوع المخفف سوف يقلل مقدار ما تحصل عليه من الصوديوم إلى النصف. ولكن إقرأ محتوى العبوة جيدًا لكي تتعرف على ما سوف تحصل عليه، فهذه المنتجات تكون عادة متخمة بالإضافات بما في ذلك مركبات الألومنيوم -غير المرغوب فيها- كمواد حافظة.
5- الأعشاب المجففة والمطحونة
يمكن استخدام الأعشاب المجففة بمثابة معزز للنكهة والتخلص من الحاجة إلى إضافة الملح التقليدي لوصفات الطعام المختلفة.
6- صوص الصويا
تتوافر أنواع صوص الصويا قليل الصوديوم في متاجر الطعام الصحي وبعض الأسواق.
هذا كل ما يسعنا عمله من جانبنا لتفادي مخاطر الملح، على الأقل إلى أن يتم تغيير القانون بحيث يصبح بالإمكان تحديد كميات الملح التي يسمح لمنتجي الأغذية بإضافتها إلى منتجاتهم، وتوضيحها بشكل كتابي على الأغلفة. وقد بدأت بالفعل خطوة إيجابية لتمييز الملصقات الغذائية، وخاصة تلك المصنعة والمعلبة تبعاً للمحتوى الملحي للمُنتج؛ حيث اعتمد اللون الأحمر للتركيز المرتفع، الأصفر للمتوسط والأخضر للتركيز القليل، ويُذكر أن هذه الخطوة قد أسهمت بالفعل في مساعدة الأشخاص على قطع استهلاكهم المفرط من الأملاح وخاصة الذكور.