يهدف التميز والإبتكار للجدة والتجديد والابتكار وإنشاء الشيء علي غير سابق مثال، إن من يمتلك ناصيتها له من الخصائص والسمات والمهارات والقدرات الفطرية ما يميزه عن غيره.
بيد أن هذه الخصائص والسمات الفطرية هي واحدة إلى جانب ثلاث عناصر رئيسة أخرى.. ملازمة ومتداخلة وينبغي تفعليها جميعًا من أجل إتمام عملية التميز والابتكار وهي: البيئة المشجعة على التميز، ومواصفات المنتج الإبتكاري، ومراحل عملية التميز والابتكار.
فما هي تلك السمات والصفات؟ وهل من سبيل إلي اكتشافها مبكرًا ومن ثم تكريسها وتشجيعها وتنميتها في شخصيات أبنائنا، عبر الأسرة المؤسسة الأولي الحاضنة التي تصون وتنمي مواهبهم، كذلك عبر المدرسة والمجتمع، فنحصد وتحصد أوطاننا وأمتنا ثمار أجمل وأينع ما زرعناه؟
إنها سمات عشرون تميز أبنائنا المبتكرين:
1- ذو ذكاء واضح، كثير التساؤل: لا يمل من نهم التساؤل لاختبار افتراضاته، والسؤال الصحيح نصف الإجابة، ومع تنمية الحوار ومزاولة الشورى الحكيمة، وتوفير حقه في الإجابة عن: ماذا، لماذا، أين ، كيف، ومتى، ومن؟ ما يقربه أكثر من معرفة المشكلة وفهمها وحلها، وهو يعلم أنه قد توجد أكثر من إجابة صحيحة عن المشكلة الواحدة.
2- يسعي لتأكيد ذاته: الإبداع والابتكار يتأتي بالتحقق والوعي بالذات وقدراتها والتعرف عليها وعلى مواهبها والتصالح معها والتوافق والتناغم مع جوهرها الفطري النقي والغني.
3- مكتف بذاته: لدية من الطلاقة الفكرية واللفظية ما يؤهله لإنتاج العدد الكبير من الأفكار والمعاني والاستجابات والحلول لمشكلات متعددة.
4- واثق من نفسه: بالثقة المتبادلة والتعاون المستمر والمثمر.. يتعلم طرقًا جديدة كلما سنحت الظروف ويمرن ذهنه بشكل مستمر، ويضع نفسه في حالة عمل وشغل دائب وتحدي مستمر، ثم هو يحتفل بإنجازاته ويكافأ نفسه على تحقيق أهدافه ليستمر في النجاح.
5- شخصيته ديناميكية تميل إلى التقدم والتطور والنضج: بعيد عن التصلب والجمود والانحسار في فكرة أو طريقة واحدة، يتسم بروح المغامرة والمجازفة وقبول التحدي.
6- حازم ويحسم الأمور: يوفر الوقت اللازم للتفكير والتجريب والتحقيق، ثم يحسم الأمر.
7- مرن، فكه، مرح، انبساطي: مرونة تلقائية وهي تتكيف سريعًا مع المواقف والمشكلات الجديدة، ينعم ببيئة تمنحه الحرية المشروعة والمسؤولة، كما لا يحرم نفسه من وقت مرح حتى مع المهمات الصعبة.
8- حذرٍ واع: من الطرق النمطية التقليدية والمكررة في تناول الأمور فهو يسعي للجدة وأخطاؤه هي رسول نجاحه .
9- ذائق للجمال ومقدر له: يضع أفكاره وحلوله في صور مجردة ورسوم وصور ورؤى جديدة وليس أسير العادة، وكم صاغ علماء بارزون نظرياتهم الفيزيائية والعلمية في صور بسيطة غير مسبوقة تتسم بالجمال والروعة. يقول الفيزيائي (لويس دوبرجلى):”كان الإحساس بالجمال في كل عصر من تاريخ العلوم دليلاً يهدي العلماء في أبحاثهم”، ويؤكد الفيزيائي (ريتشارد فينمان): “إن المرء يمكن أن يستبين الحقيقة بفضل جمالها وبساطتها”، بينما يشير (أينشتين) إلي أنه: “لا علم من غير الاعتقاد بوجود تناسق وتناغم داخلي في الكون”.
10- مخلص ومحب ووفي وحر: يخلص لنفسه ولأفكاره ولغيره .. محبًا ووفيًا لهم وهذا الحب وذلك الوفاء يدفعانه دوما لبذل الجهد والاجتهاد والابتكار.. في جو من الحرية اللازمة للإبداع والابتكار.. رفعه للوطن والأمة.
11- يتحلي بالرفق، ويتجنب العنف: أسوة بما جاء في الحديثين الشريفين اللذان رواهما مسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:” إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي علي الرفق ما لا يعطي علي العنف وما لا يعطي علي سواه”، وعنها أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: “إن الرفق لا يكون في شئ إلا زانه ولا ينزع من شئ إلا شانه” ، وهو يدرك بالحلم والرفق ما يريد.
12- متأمل، لدية حساسية للمشكلات: يتعرف ويراقب الثغرات ونواحي القصور التي تسبب المشكلات ويري ما بين السطور وما لا يراه الآخرون ومن ثم ويجتهد في حلول مبتكرة أو بدائل جديدة.
13- منضبط الانفعالات: بعيد عن التوتر والقلق إلا ” قلق المعرفة” وتعبها، فهو يحتضن الفكرة معه ليل نهار تطفو حينًا وتتواري أحيانًا ” شخص يتآكل قلبه من ظمئه الشديد للعمل والجد” من ثم يأتي الإشراق والإلهام.
14- لا يعرف اليأس: يتحقق من حلوله ويضعها موضع التحقيق وفي صورتها النهائية ويعدلها ويهذبها ومن ثم ينشرها كاملة متكاملة.
15- محب للاستطلاع: فهو شغوف بالقراءة والمطالعة التي تنمي مداركه، دائم التعلم الفردي والتثقيف الذاتي.
16- مكتشف، ملاحظ دقيق، وذو أصالة: لا يكرر أفكار الآخرين بل قد ينفر من حلولهم التقليدية، لذا تكون أفكاره جديدة متميزة غير مألوفة، يسبقها إعداد وجمع للمعلومات وتدوين الملاحظات وطرح الحلول.
17- عملي لكنه يحب التفرد والفرادة والتميز: ليعبر عن الأصالة أيما تعبير، ويبتعد عما يطرحه الآخرون، ويحول أفكاره النظرية إلى واقع علمي.
18- ذو خيال خصب.. ولماح يقظ: تستوقفه وتدهشه الملاحظة فيسرع في تسجيل أفكاره قبل نسيانها، فتنتظم الأشياء، وتتراكم المشاهد ليصل للجديد المتميز، يقول الرافعي في كتابه (من وحي القلم):”أحكم حكماء الدنيا لا يستطيع أن يتبين جزءًا صغيرًا من الكون على حقيقته إذا كان حواس الجسم غير مهيأة لذلك، ففهم جزء من الكون فهما صادقًا جزمًا لا يتم إلا بفهم الكون بأجمعه, فهو كله ذرة مكبرة إلى ما لا ينتهي ولا يحد”.
19- صبور بعيد عن التململ، ذو نقد ذاتي: محافظ على اتجاهه رغم كل المعوقات، يعدل من مساره وينتقد نفسه مع الزمن، فالعمل الابتكاري يحتاج لزمن طويل يلازمه الحرص علي مواصلة الدرب مهما بعد.
20- جاد يعطي العمل حقه: ليس ثمة معرفة أو ثقافة أو خبرة بلا تعب أو جهد أو حتى مخاطر تبذل عن طيب نفس من أجل الحقيقة، ويبقي أن 99% من التميز نتيجة جهد وتعب وعرق، وواحد بالمائة لإلهام وإشراق روحي.
وبعد.. فهذه خصائص عشرون تؤطر لسمات أبنائنا المتميزين. ومن السهولة اكتشافها مبكرًا، ومن ثم صقلها وتنميتها في بيئة أسرية ومدرسية ومجتمعية ميسرة وداعمة لعمليات التميز والابتكار من أجل رفعة أوطاننا وريادة أمتنا.