“أيتها النفس! تَفَلَّتِي من مشاعر الخريف، وصِيري نَضِرة خضراء حتى تطير في محيطكِ الطيورُ والعصافير، وكُوني منبعًا للماء حتى يُهرَع نحوكِ كلُّ محروقي الفؤاد، وذوبي مثل الشمعة وانشري فيما حواليكِ الأنوار”.. بهذه العبارات يستهل الأستاذ “فتح الله كولن” مقاله الرئيس “حوار مع النفس” في مفتتح هذا العدد.. يدعو النفس البشرية لأن تكون في كل حالاتها منشغلة بمشاعر الإحسان وترجمانًا للخير والجمال، مؤكدًا على أن الأقدام التي تسير في طريق الخير والفضيلة لهي أسمى من الهامات، وأن القلوب النابضة بمشاعر الإحسان توازي الكعبة في قداستها.. ثم يحث النفس على أن تزيد من سرعتها في سيرها على الخط الإنساني، مبينًا أن الحاجة إلى مثل هذا الجهد في عالمنا الذي تآكلت فيه القيم الإنسانية، توازي الحاجة إلى الماء والهواء.
ما هي فوائد الألم؟ وهل الألم كله ضرر، أم له وجه آخر مضيء يمكن الانتفاع به؟ ما هي علاقة الألم بعديد من الفضائل الاجتماعية والفردية؟ وغيرها من الأسئلة المهمة يحاول “محمد السقا عيد” الإجابة عنها بطريقة سلسة بسيطة في مقاله “الألم صفارة الإنذار”.
وفي مقاله الموسوم بـ”قصة الحمام في تاريخ الإنسان” يتحدث “نور الدين صواش” عن قصة الحمام مع الإنسان ومع الحب والسلام، فيسرد -من خلال أمثلة لافتة- الارتباط القوي الذي قام على الثقة والاعتماد بين هذا الطائر والإنسان منذ آلاف السنين.
ومن الحوار مع النفس إلى “المشترك الإنساني وثقافة الحوار” مع الآخر، يأخذنا الشيخ العلامة “عبد الله بن بيه” إلى عالم يشدد على وحدة النوع والمساواة في الكرامة الإنسانية، ويدعو إلى البحث عن تنمية المشتركات ونبذ معايير التفاضل بالخير والجمال والفضيلة.
أما “ناصر أحمد سنه” فيتناول موضوعًا شغل عقول كثير من العلماء والباحثين والفنانين على مدار 2400 سنة، ألا وهو “النسبة الذهبية” التي اعتبرها من أهم أسرار الجمال والمتعة البصرية المبثوثة في مفردات الكون.
وهل يمكن للحوار وقبول الآخر أن يتحقق دون تربية الإنسان وتعليمه؟ هذا ما يجيب عنه “ألكسندر سكوت” في مقاله “أساسيات النموذج الأخلاقي في التعليم”، ممثلاً ذلك بمشروع الخدمة وأفكار الأستاذ فتح الله كولن التربوية والتعليمية.
وفي مقاله “كيف تكون غالب أفكاري صحيحة؟” يقف “الشريف حاتم العوني” على موضوع الفكرة الخاطئة والفكرة الصحيحة، مبينًا أن الفكرة الصحيحة تُنتج أفكارًا صحيحة، أما الفكرة الخاطئة لا تقتصر على إنتاج الأفكار الخاطئة فحسب، بل وتهدم الأفكار الصحيحة أيضًا. و”بركات محمد مراد” في مقاله “ماذا نفعل عندما يغار أطفالنا؟” يعالج الغيرة عند الأطفال، ويبين أسبابها وطرق علاجها.
وأما “الحبيب علي الجفري” فيتناول قضية “القيم الإنسانية وضابط الدين” حيث يدور حديثه حول نظرة الرسول للوجود، وحول ثوابت القيم الإنسانية، وحاجة هذه القيم إلى ضابط الدين، وغيرها من القضايا التي تهم الإنسان والإنسانية أجمع في عالم اليوم.
إلى جانب مقالات قيمة أخرى لأحمد الصغير، وأحمد أبو زيد، وصالح القاضي، وصفاء الدين محمد، والعربي السيد عمران، وعائشة بنت عبد الله علواني، وبولات خاص، وصلاح عبد الستار الشهاوي، ندعو قرّاءنا الأعزاء إلى الاستمتاع بها، والاغتراف من معين هذه المأدبة الغنية بالرؤى والأفكار المتنوعة. والله ولي التوفيق والسداد.