(حراء أونلاين) في إصدراها الجديد رصد مركز نسمات للدرسات الاجتماعية والحضارية الأوضاع الحقوقية على الساحة التركية، وما يتعرض له فصيل من الشعب التركي من سلب لحقوقه وممتلكاته الخاصة، وذكر التقرير بالأدلة والوثائق وشهادات مصادر موثوق بها وتقارير منظمات حقوقية عالمية التشوه الذي تعرض له النموذج التركي في مساره الديمقراطي.
تضمنت الإصدارة السادسة من مجلة نسمات أربع تقارير حقوقية تسلط الضوء على الأوضاع الداخلية في تركيا من تراجع للديمقراطية، وغياب للقانون، وتكميم للأفواه، وأدلجة لمؤسسات الدولة من أجل خدمة حزب وفصيل معين.
ففي التقرير الأول الذي أتى بعنوان “انهيار دولة القانون في تركيا”، بيّن التقرير مدى تراجع حقوق الإنسان في تركيا، ومدى تطويع السلطة الحاكمة لمؤسسات الدولة، وتوغلها في اختصاصات السلطة القضائية، من أجل القضاء على المعارضين لها، ضاربة عرض الحائط بمبدأ الفصل بين السلطات الثلاثة التشريعية والقضائية والتنفيذية.
وأظهر التقرير أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومنذ تحقيقات قضايا الفساد التي ظهرت في تركيا في أواخر 2013، عمل على أدلجة القضاء التركي، من خلال تدخله في صلاحيات السلطة القضائية وإقالته للقضاة ومدعي العموم وتعيين مكانهم موالين له، وليس هذا فحسب بل قيامه بعد محاولة الانقلاب الفاشلة بتسريح واعتقال 4463 قاضيًّا ونائب عمومي بدعوى انتمائهم لحركة الخدمة التابعة للأستاذ فتح الله كولن.
وتحت عنوان “تركيا أكبر سجن للصحفيين” أشار التقرير الثاني في هذه الإصدارة أنه منذ صبيحة محاولة الانقلاب الفاشلة حتى الآن، يقبع في السجون التركية 319 صحفيًا معتقلاً لم يصدر بحقهم أي قرار، من بينهم 77 صحفيًّا يعملون في الصحف الوطنية، و15 صحفية، و20 من مديري الصحف ووكالات الأنباء. كما صدرت أيضا مذكرة اعتقال بحق 142 صحفيًا مشردين خارج البلاد.
وأوضح التقرير أن تركيا أصحبت دولة لا تحترم حرية مواطنيها، خاصة في ما يتعلق بحرية الإعلام، وأن السلطة الحاكمة في تركيا تستخدم الهيئة القضائية كذراع لها لتكميم الأفواه في تركيا ومعاقبة كل صحفي أو إعلامي معارض لها، في ظل حالة الطوارئ القائمة. وأضاف التقرير أن ما تقوم به الحكومة التركية يتنافى تمامًا مع حرية التعبير التي يكفلها الدستور التركي لكل مواطن، كما عبر عن قلق منظمات المجتمع الدولي من حالة تردي وضع الحريات الأساسية في تركيا، خاصة ما يتعلق بحرية الصحافة والنشر، وناشد معدو التقرير الدول التي لجأ إليها هؤلاء الصحفيون، بأن يوفروا لهم تصاريح عمل ليستطيعوا من خلالها ممارسة عملهم الصحفي والتعبير عن هذه التجاوزات، بالإضافة إلى حمايتهم من التهديدات التي يتعرضون لها.
وفي تقريرها الثالث “محاولة انقلاب يوليو 2016 في تركيا حقيقة أم ذريعة؟”، سرد التقرير تفاصيل الخُطَّة المدروسة التي وضعها أردوغان لاستهداف حركة الخدمة، والتي يرجع تاريخها إلى 21 عامًا، وتحديدًا إلى ما سُمِّي بـ”بانقلاب 28 فبراير/ شُباط 1997 الناعم”، وأن ما فعله أردوغان من خلال تدبير انقلاب صوري على ذاته في 15 يوليو/ تموز 2016 ثم اتِّهام حركة الخدمة بتدبيره ليس إلا “تتمة دموية” لذلك الانقلاب في عام 1997.
كما حاول التقرير كذلك إزاحة الستار عن خيوط ذلك الانقلاب الفاشل والذي أسفر عن خضوع 40.200 شخص لتحقيقات جنائية، واعتقال ما يُقارب 80.000 فردًا بينهم 319 صحفيًّا، وإغلاق 189 مؤسسة إعلامية، وفصل 172.000 من وظائفهم، ومصادرة 3.003 جامعة ومدرسة خاصة ومساكن طلابية، بالإضافة إلى وفاة نحو 100 شخصٍ في ظروف مشبوهة أو تحت التعذيب أو بسبب المرض جرَّاء ظروف السجن السيئة، وفِرار عشرات الآلاف من المواطنين إلى خارج البلاد.
وتحت عنوان “مقصلة مراسيم الطوارئ في تركيا” كشف التقرير الرابعفي الإصدارة الخاصة من نسمات أن الحكومة التركية استخدمت مراسيم الطوارئ لمعاقبة نواب البرلمان من خلال نزع الحصانة البرلمانية وإلقاء القبض على النواب المعارضين أو المستقلين، وكذلك السماح لجهاز الاستخبارات بإجراء عمليات غير قانونية (الخطف والتهديد بالقتل) داخل تركيا وخارجها دون أدنى مسائلة قانونية.
وأكدت التقرير أن الحكومة التركية توسعت في إصدار مراسيم الطوارئ ليس فقط في الشؤون الضرورية؛ بل في الأمور العادية التي تحتاج للمناقشة الاجتماعية والبرلمانية لتأثيرها المباشر على مصالح فئات مختلفة من المجتمع، كما أن المتابع للشأن التركي يظهر له جليًّا أن حالة الطوارئ سمحت لأردوغان بإصدار مراسيم لها قوة القانون، أحدثت على مدى عامين تغييرًا عميقًا في التشريعات التركية، وبموجب التعديل الدستوري، يحتفظ الرئيس بهذه الصلاحية بعد رفع حالة الطوارئ.
ملحوظ: لتحميل وقراءة العدد السادس من إصدارة نمسات يرجى الضغط على هذا الرابط: https://www.nesemat.com/wp-content/uploads/2018/09/nasamat_06.pdf