أظـلمَ اللـيلُ وفـي الأفْـق ضِـيـاءُ *** لـم يـزلْ يـَمـتـَحُ مـنـه الشـعـراءُ.
هـو كـالـحـبـر جـرى فـي جـدوَلٍ *** مـنه يـنساب عـلى الـوجـدان مـاءُ
أحـرُفي مـنـه اسـتـمـدتْ نـورَهـا *** حــقـق الله بـهـا لـي مــا أشــاءُ،
فـرأيـتُ الـحـق فـيـها أنـجُـمـاً *** حـولـهـا الـتـف رجـالٌ و نـسـاءُ.
كـل حـرفٍ صار مـصـبـاح هـدىً *** يَــشـــهـد اللهُ لــه و الـعُـلـمــاءُ.
لا تــلـمـني يـا ابـن أمّـي إن أنـا *** هاج بي الشـوقُ و أغـراني البـهاءُ.
إننـي مـا زلـتُ فـي الـحب فـتىً *** زانـــه فــي الــحُــب للّـه ولاءُ.
لا تـلـمـني إن أطـعـتُ الشـعرَ في *** حُـكمه القاسي فذا الحكمُ قَـضاءُ
و أنـا الـعبـد بـهـذا الـحكم قـدْ *** صـرتُ حـرًّا ديـنُـه الـحقُّ الوفـاءُ
قـد ركـبـتُ البـحرَ في لـيل الهوى *** واسـتـعـنـتُ اللهَ ما اشـتـدَّ البلاءُ؛
ثُـمَّ أبـحَـرتُ على خيـل الـهـُدى *** حَـيثُ كل الناس في الـحب سواءُ
وأقَـمـتُ العُـرسَ للـحرف عـلى *** مَـوجـَةٍ عـذراء وشّــاهـا الـحـياءُ
فـارتـَمتْ قـيثارتي فـي حـضـنها *** كَـي يَـطيب الشدو فيها و الغـناء.
إن مِــن قــلـبي عـلـيـهـا وتَــراً *** كُــلَّـمـا حَـرَّكْـتـُه زال الـعــنـاءُ،
وسَــرى فـيــهـا مـن الله ســنـاً *** فـيــه لِلـهَـمِّ و لِلــغَــمِّ جَــلاءُ.
كُــلُّ مَــن لامَــسَـهُ ازداد تُـقــىً *** ومـضى حـيث دعاة الحق شـاءوا،
فَـرأى الخِصبَ على الأرض مَشى *** مـثـلما يـمشي عـلـيـها الأمـراءُ؛
سُـنـبُـلاتُ الـحُبِّ فـي أكـنافـهـا *** كـلـها خُـضرٌ بـها اللـيلُ يُـضاءُ.
أَيُّ بَـدرٍ يـا تُــرى هــذا الــذي *** لـَم يَـزل يَـرنـو إلـيه الـفـقراءُ؟!
لـَم يَـزل في الأفْـق دوما ساطـعـاً *** لَـم تَـزل تَـرعى مـُحـيّاه السمـاءُ.
إن جَـهِـلْـتُـم مـا قَـضى الله بــه *** يَـومَ عَمَّ الناسَ في الدنـيا الـغلاءُ
فـاسألوا عن كُـنه هـذا السِّـر ما *** قـد وَعــى مـما جَـنـاه الأغـنـياءُ.
كُـلُّ شـيءٍ قـــد تـعـرّى فـهـوى *** مـا بَـنى بـالـوهْـم مِـنّا السُّـفهاءُ.
أيــظـلُّ الـوهْـمُ فـيـنـا فـاشـيـاً *** مـنه يـقتاتُ العدى و الأصدقـاءُ؟
و كـتــابُ الله فــيــنـا شــاهــدٌ *** أنَّ وحــيَ الله للــنـاس شــفـاءُ!
مـنــه آيــاتٌ بــهـا كـل الـمنى *** جُـمِعَتْ و احـتار فيـها الحُكمـاءُ!
عـنـدمـا أبــحَرتُ فـي آفـاقـهـا *** والهُدى قـصدي و مجدافي الدُّعـاءُ،
أســلـمَــتْـني آيــةٌ مِـصـباحَـهـا *** كي أخوض البحرَ و الدنيا مَـسَاءُ،
فـأرى مـا لـم يـر الـناس بــهــا *** مـِن جـَمال لـم يُزَحْ عنه الغطاءُ!
أرهَـــبـتـني .. عــلََّـمـتـني أنّـمـا *** أغـفلَ النـاسَ عـن الحق الـغَباءُ!
فـتـدبَّـرتُ .. تــشـبّــثْــتُ بـها *** ثُـمَّ أبـحرتُ و في النفـس رجـاءُ.
لـم أجـدْ في ما جـرى في حـقـها *** غـيـرَ إثـمٍ بـه كـل الـناس باءوا!
لـيـس فـي الـقرآن هـدمٌ للـهدى *** “آيـةُ الإرهـاب” مِـن ذاك بَـراءُ!
قـد أقـــام الله فـيـهــا حُـجـــةً *** لـيس يثـنيها عن النـصـر افـتراءُ.
ديـنُــنـا الإسـلامُ أمــنٌ شـامــلٌ *** وســلامٌ.. لـيــس فـي ذاك مِـراءُ.
فـاسـألوا الغـربَ يُجبْكُم أهـلُـهُ *** أَنـَّمــا الــقــرآنُ للــــداءِ دواءُ.
واسـألـوه اليـومَ عـمـا صـنَـعَتْ *** أزمـةُ الـمـال بــه و الكـبـريـاءُ،
فـغـدا كالــفـأر يـعـدو خائـفـاً *** بـاحـثـاً عـن ملـجـإ فـيـه نَـجاءُ.
كـلما انـزاح عـن الغـرب وبــاءٌ *** فــشـا مِـن بـعـده فـيــه وبـاءُ.
حـالُـه الـيَــومَ كـلـص فــاشـل *** يَـسـرقُ الـوَهـمَ لـيزدادَ الشـقاءُ.
لـم يَـعد يَـقـوى على أكل الرِّبا *** فـلــه مِـن أزمــة الـرَّبْـو غـذاءُ!
أفْـلَـسَـتْ أحـلامُـه فـي مَـهدِها *** فَـهْـَي فـي كـف الأعاصير هَـباءُ!
وهْـو يَـستَـجدي هُدى القرآن في *** أَزَمــات مــا لـهـا فـيـه انـتـهاءُ.
هـل وعيتم، يا بني الإسلام *** حـقًّا أنَّ بـالـقُـرآن يـَحـيا العُـظـمـاءُ؟
أن فـي الـقُـرآن وعْــدًا صـادقـًا *** فـيـه للـنـاس مِـن الـشَّـرِّ وِِقـاءُ؟
أنَّ ديـــنَ اللَّـه ديــنٌ قَــيَِّـــــمٌ *** أبَــداً مــهـمـا ادعـاه الأدعـيـاءُ؟
(سَــنُــريـهِِمْ) : آيـةٌ مُـحـكمـَـةٌ *** كُـلَّ حـيـنٍ يـنـبري مـنـها نـداءُ؛
فأصيـخوا السمعَ، يا أهلَ الهُدى *** واسـتَـجـيـبـوا للندا، يا فُـقَـهاءُ؛
إن فـي فـقـه الفـقـيـه الـمجتبى *** خَـيرَ مـا يرجُـو الـهُـداةُ الأُمَـناءُ.
فَـاطلُـبوا العِلـمَ و لا تَـلْـهَوا به *** و اصبروا مـهما يَـطل فيه العـَناءُ.
و إذا أنـتُـم خَـطَـبـتُم فاحـذروا *** أن يَـعمَّ الخَـطـبُ ، يا.. يا خُطباءُ!
كم خطيبٍ قال (لا) و هْي(نَعم) *** فـاستـوى في قولهم (لا) الجـُهلاءُ!
فاحفـظوا القُرآن من وهْم الهوى *** واحـذَروا ما يَـدّعـيـه الـدُّخَـلاءُ؛
و اجـعَـلوا الإسـلامَ حِرزًا واقـيًا *** فـيـه للـشَّـرِّ اجـتِـنـابٌ و اتـقاءُ.
و ارفَـعوا الـرأس بـفـخـر عالياً *** فَـبـهذا الـديـن نـحن الأقـوياءُ.