أنصتوا فإذا كل شيء يخبرهم عن عظمته، فازدادوا إنصاتًا فأبصروا كماله وجماله وجلاله في مصنوعاته، فأعادوا البصر فما رأوا من فطور، فأعادوا النظر ثانيًّا وثالثًا فعاينوا عجائب مخلوقاته تحدث عن نفسها.. فتعجبوا من حديثها عن خالقها، كلماتها الرقيقات تحملها النسمات فتوصلها لهؤلاء المجانين الذين صرفو أعمارهم غير نادمين في خدمة خالق العالمين ورازق المساكين، ومعين الضعفاء المحتاجين، وما تعلقت قلوبهم إلا بذكره في صحوهم، فلما أغمضوا عيونهم ما حرمهم ولكن أرسل لهم الرسائل المبشرات والهاديات لهم لتطمئن قلوبهم، فناموا وما غفلوا.
هؤلاء الذين تربصوا يستمعون لحديث الخلائق أجمعين فوجدوا كل الخلائق تشير إلى رحمته ووجدوا كل كائناته تهتف بعظمته، فلما وجدوا ما وجدوا وَجِدو وهاموا في الملكوت يسبحون باسم الواحد المعبود، يذكرونه سرًا وجهرًا يهتفون بالإعظام والتعظيم،يكبرونه فتخشع قلوبهم لذكره فيسبحون في الملكوت يسبحون فيزداد شوقهم فيهيمون على وجوههم يسجدون له، فاكتشفوا سر الحرية في العبودية،فساحوا يحمدونه ليل نهاربالغدو والأصال بلا ملل ولا استكبار، فذاقوا حلاوة الإيمان فقالو هل من مزيد؟ واستغنوا بها عن الأغيار العميان، ولكن الأغيار يحبون الاستكبار،فعيروهم وأنكروهم،وقالو كيف يريدون الاستغناء فلابد من العذاب؟ ينكلون بأجسادهم ولا يدرون أن أرواحهم راحت لمن عنده الراح، لكن هيهات فالأغيار لا يعتبروا بمن فات، يزيدونهم إيلامًا فيزيدهم الله اطمئنانًا ويرزقهم حلمًا وصبرًا وعرفانًا إلىأن يزيدهم بفضله لطفًا وإحسانًا، ويجعلهم في الأرض ورثة وعمارًا؛يصلحون ما أفسده المفسدون ولا ينتظرون أجرًا ويقولون “حسابنا على ربنا”.
إذا دققت النظر رأيتهم لا يمشون على الأرض إلا هونان وإذا أذاهم الجهال قالوا سلامًا، فانقلبوا إلى دار ربهم دار السلام تقول الملائكة لهم “سلامًا سلامًا”.
طوبي لكم أيها المجانين، طوبي لكم بلسان الخلائق أجمعين، نعم أنتم الفائزون أو كما قال سحنون الذي لقبوه بالمجنون:
أفلح الزاهدونا والعابدونا*إذ لمولاهم أجاعوا البطونا
أسهروا الأعين العليلة حبًا*فانقضى ليلهم وهم ساهرونا
شغلتهم عبادة الله حتى*حسب الناس أن فيهم جنونًا