(حراء أونلاين) لقد ظن بعض الناس أن أبا حنيفة أَكثَرَ من القياس في الفقه وقلَّلَ من السنة حتَّى تناولته بعض الألسن بالملام، وقد حدث بين الإمام محمد الباقر رحمه الله وبين أبي حنيفة محادثة رائعة تظهر مدى الاحترام بين العلماء وذكاء الإمام أبي حنيفة، وإليك ما جرى بينهما:
لما ذهب أبو حنيفة للعمرة لقيه محمد الباقر أحد أحفاد الرسول صلى الله عليه وسلم، قال له محمَّد الباقر وهو غضبان: أنت الَّذي حوَّلت دين جدِّي وأحاديثه إلى القياس!.
قال أبو حنيفة: اجلس مكانك كما يحقُّ لي، فإنَّ لك عندي حرمة كحرمة جدِّك صلَّى الله عليه وسلَّم في حياته على أصحابه، فجلس ثمَّ جثا أبو حنيفة بين يديه، ثمَّ قال: إنِّي سائلُك عن ثلاث كلمات فأجبني؛ الرَّجلُ أضعف أم المرأة؟
قال الباقر: المرأة أضعف.
قال أبو حنيفة: كم سهم المرأة في الميراث.
قال الباقر: للرَّجُل سهمان وللمرأة سهم.
قال أبو حنيفة: هذا علم جدِّك، ولو حوَّلْتُ دين جدِّك لكان ينبغي في القياس أنْ يكون للرَّجل سهم وللمرأة سهمان لأنَّ المرأة أضعف مِنَ الرَّجُل؛ ثمَّ الصَّلاة أفضل أم الصَّوم؟
قال الباقر: الصَّلاة أفضل.
قال أبو حنيفة: هذا قول جدِّك، ولو حوَّلْتُ قولَ جدِّك لكان أنَّ المرأة إذا طَهُرتْ مِنَ الحيض أمَرْتُها أنْ تَقضِيَ الصَّلاة ولا تَقضي الصَّوم، ثمَّ البول أنجس أم النُّطفة؟
قال الإمام الباقر: البول أنجس.
قال الإمام أبو حنيفة: لو حوَّلْتُ دينَ جدِّكَ بالقياس لكنتُ أمرتُ أن يُغتسَل مِنَ البول، ويُتوضَّأ مِنَ النُّطفة، ولكن معاذ الله أنْ أحوِّلَ دِينَ جدِّك بالقياس.
فقام الإمام الباقر وعانقه وقبَّل وجهَ