نقار الخشب مصدر إلهام البشر

لماذا ينقر نقار الخشب الأشجار؟ هل يقوم بالنقر عشوائيًّا أم بتحدد نقطة معينة؟ كيف لا يتأثر هذا الكائن من الصدمات التي يتعرض لها خلال النقر؟
يتغذى نقار الخشب بالحشرات والديدان المختبئة في جذوع الأشجار، ولكن العجيب أنه يحدد موقع الحشرة داخل الجذع دون أن يراها بعينه، ثم يقوم بحفر فجوة تنتهي إلى موقع الحشرة مباشرة.. طبعًا يستعمل منقاره الإزميلي الحاد في هذه العملية، وعندما يصل إلى غرضه يطلق لسانه اللزج ويلتقط الحشرة ثم يُنزلها إلى معدته بهناء. والملفت للنظر أن هذه الحشرات تتسبب في يبْس الشجرة وموتها إذا ما بقيت تعيش في جذعها.
مُنح نقار الخشب قدرة خارقة في عملية النقر وسرعته؛ حيث تصل عدد نقراته في الثانية الواحدة إلى 10 نقرات، وتصل سرعة النقرة الواحدة إلى 40 كيلومتر في الساعة. ولكن كيف لا يتأثر هذا الكائن من صدمات النقر هذه؟
اكتشف العلماء أن هذا الطير يملك تقنية مذهلة يتم من خلالها امتصاص صدمات النقر وتقليل حدتها بكل سهولة.. وهي تقنية تتألف من أنسجة ليفية -شبيهة بالإسفنج- تربط جمجمته بمنقاره، ولسان رفيع لزج ملفوف مثل النابض داخل الجمجمة، فبهذه التقنية تنخفض الصدمات وتتلاشى وتغييب دون أيّ تأثير سلبي. إنها تقنية تذكرنا بالنوابض الحلزونية التي تمتص الصدمات الناتجة عن عدم استواء الطريق في السيارات التي يركبها الإنسان.
هذا وإن آلة كسر الصخور أو مطرقة الخرسانة الهوائية التي يعمل بها الإنسان أثناء تعبيد الطرق وتطوير الشوارع، اختُرعت استلهامًا من هذا الكائن الصغير… ما رأيك؟

(*) كاتب وباحث تركي.