فريد الأنصاري أديبًا

تقديم

فريد ما فريد؟ فريد أديب قلَّ نظيره، وأصولي لا يجارى في فنه، حمل القلم فكان أحق به وأهله، ورفع لواء التغيير فكان ذلك ديدنه في كل حين، رقيق المشاعر، جياش الأحاسيس، إن رمت حرفه مسَّك عطره، وأسرك أسلوبه، فيمسك بتلابيبك ولا يدعك تفتر لحظة أو تغفو غمضة، أوتي من سحر الكلام ما إن وقعه لأشد من الحسام المهند، حسام يبدد ظلمة النفس القاتمة، حسام يَفُلُّ حديد الأفكار المتكلسة، يخاطب وجدانك فتثور مواجيدك، يهمس في أذنك فتنصاع دون مراء أو جدال، لغته ما لغته؟ إنه صاحب لسان عربي مبين، ينهل من معين القرآن الكريم، فتراه يستعمل كلمات قرآنية يكون وقعها في أذن القارئ عجيبًا غريبًا، على عكس ما تحدثه العبارة البسيطة التي تكون عابرة دون أن تحدث ركزًا، بينما اللفظة القرآنية تهز كيانك هزًّا، فتذر وجدانك قاعًا صفصفًا لا ترى فيه عوجًا ولا أمتًا، حينما تطالع أعماله تود لو أن الصفحات طالت، وكم يخالجك شعور بفقدان جليس له في قلبك المقام الأعلى حينما تأتي على نهاية عمل من أعماله، وكأنك كنت تتلقى التجليات فتنقطع بفراغك من القراءة.

لقد ترك فريد الأنصاري تراثًا أدبيًّا رفيعًا جارى به الأدباء، وأتى بقطع أدبية كأنفس ما تكون، فتشعر حين مطالعة أعماله، وكأنك مع الجاحظ في بيانه، أو بين الكامل للمبرد… وهذا ليس غريبًا على رجل ذاق حلاوة الحرف، وعرف من أين تؤتى الكتف، فهو أصولي فحل عاشر الكبار أمثال الشاطبي… والشاهد البوشيخي، الذي نهل منه علم المصطلح فكان نعم الطالب، ومنذ ذلك الحين قصد الموافقات درسًا وتحليلاً وتنقيبًا، حتى كشف مستورها، وفكك مبهمها، وذلل الطريق لقاصدها، فصارت معبدة لا يكبوا فيها فرس فارس، ودانية ثمارها كأنضج ما تكون الثمار، فعاش مع القرآن وللقرآن وبالقرآن.

حمل القلم فكان صداحا بالحق ولا يخشى في الله لومة لائم فكان كما قال العلامة أبو فهر محمود شاكر:” إنما حملت أمانة هذا القلم لأصدع بالحق جهارًا في غير جمجمة ولا إدهان، ولو عرفت أني أعجز عن حمل هذه الأمانة بحقها لقذفت به إلى حيث يذل العزيز ويمتهن الكريم، وأنا جندي من جنود هذه العربية، لو عرفت أني سوف أحمل سيفًا أو سلاحًا أمضى من هذا القلم لكان مكاني اليوم في ساحة الوغى في فلسطين، ولكني نذرت هذا القلم أن لا يكف عن القتال في سبيل العرب ما استطعت أن أحمله بين أناملي، وما أتيح لي أن أجد مكانًا أقول فيه الحق وأدعو إليه، لا ينهاني عن الصراحة فيه شيء مما ينهى الناس، أو يخدعهم، أو يغرر بهم، أو يغريهم بباطل من باطل هذه الحياة”، وفريد لم يخش أحد ولم يصرفه ذلك عن قول الحق، ولم يدخر وسعًا في النصح والإرشاد.

وفريد الأنصاري كان أديبًا وأنعم به من أديب، مادته لم تكن ترفًا فكريًا من نسج الخيال كسراب يحسبه الظمآن ماء، وإنما كان مادة قاصدة للإصلاح والتربية وتزكية النفس من دخَن الدنَس، فوظيفة الأدب كما قال علي الطنطاوي: “إنما هو لخدمة الدين والوطن، فإن خلا من أي من هذه فهو هذر لا قيمة له.”

محتويات الدراسة:

المبحث الأول: البنية السردية وتشمل العناصر التالية (السرد، الزمن، الشخصيات، المكان، الحبكة الفنية)

المبحث الثاني: أبعاد ودلالات ويشمل:

  • البعد التربوي في أعمال فريد الأنصاري الأدبية
  • البعد القيمي
  • البعد الإصلاحي

المبحث الأول: البنية السردية

 مفهوم السرد

 “هو العملية التي يقوم بها السارد أو الروائي، وينتج عنها النص القصصي والحكاية أو الملفوظ القصصي”. وإن المطلع على أعمال فريد الأنصاري ليتبين له أن للسرد وظائف في غاية الأهمية، فعلى سبيل المثال لا الحصر:

  • وظيفة انتباهية: ويتجلى ذلك حينما يخاطب القارئ بقوله في رواية آخر الفرسان: “يا سادتي..” أو قوله في رواية كشف المحجوب: “عمتي يا سادتي كانت على غير عادة نساء قريتنا قارئة..”
  • وظيفة التواصل والإبلاغ: ويظهر ذلك في إبلاغ القارئ رسائل ذات بعد أخلاقي وقيمي تفيض حكمة، كقوله في آخر الفرسان:”فما كان لفاقد النور أن يبصر شيئا”وهذه رسالة عميقة الأثر، وعظيمة الجدوى تحرك مشاعر القارئ وتبث فيه الحكمة، وكقوله :”إنما قيمة السلاح بقيمة ضاربه” فكلها أقوال تفيض حكمة ويكون وقعها حسنًا لدى القارئ.
  • وظيفة الاستشهاد: يثبت الكاتب صدق وحقيقة القصة فيذكر المصدر الذي استمد منه المعلومة، فلا يكون تائهًا بين السطور أو أن الراوي اختلقها وسبكها من نسج خياله، أو أتى بها من كيسه، وقد صرح بذلك مثلا في رواية آخر الفرسان حيث قال: “هذا ولا يفوتني أن أشكر ههنا الأخوين ‘نوزاد صواش،’ وأشرف أونن’ عما وضعاه رهن إشارتي من خرائط وصور وثائقية ومعلومات، حول تاريخ تركيا، وجغرافية مدينة إسطنبول، وسائر المدن والقرى التي عاش فيها الأستاذ بديع الزمان بدءًا بقريته الصغيرة في شرق الأناضول ‘نورس’ التي ينتسب إليها، وانتهاء بسائر المناطق التي نفي إليها أو سجن فيها”

أنواع السرد التي سلكها في أعماله الأدبية:

السرد التابع

وهو حينما يقوم الراوي بسرد أحداث وقعت قبل زمن السرد، بأن يروي أحداثًا ماضية بعد وقوعها، وهذا النمط هو الأكثر شيوعًا والأوسع انتشارًا، وخير مثال على ذلك هو المقدمة التقليدية للقصة الشعبية التي يكون مطلعها: (كان يا ما كان في قديم الزمان، وسالف العصر والأوان)، وهذا النوع من السرد نجده في كل أعماله سواء تعلق الأمر بكشف المحجوب، التي هي بمثابة سيرة ذاتية لحياته، أو في رواية عودة الفرسان التي تحدث فيها عن فتح الله كولن، أو رواية آخر الفرسان التي ضمنها شخصية بديع الزمان سعيد النورسي، فتناول هذه الشخصيات في قالب روائي لأحداث ولت وانقضت.

بنية الزمن

أهمية الزمن في الحكي

 “الزمن يعمق الإحساس بالحدث والشخصيات لدى المتلقي، فعادة ما يميز الباحثون السرديات البنيوية بين مستويين للزمن:

زمن القصة

وهو زمن وقوع الأحداث المروية في القصة، فلكل قصة بداية ونهاية، وزمن القصة يخضع للتابع المنطقي. فمثلاً في رواية كشف المحجوب زمن وقوع الأحداث هو بعد أن حصل على وظيفة في الوزارة، قال: “…ألقى بي المقلاع في العاصمة موظفًا صغيرًا بالوزارة”

زمن السرد

هو الذي يقدم من خلاله السارد القصة ولا يكون بالضرورة مطابقا لزمن القصة، وزمن السرد لا يشترط فيه التسلسل المنطقي للأحداث كما في زمن القصة، فالراوي له أن يسرد أحداثًا في الماضي ثم يعرج على أخرى في الحاضر، ونفس الشيء صنعه فريد الأنصاري فتجده يحكي لك حدثًا في الحاضر ثم يرجع بك إلى أخرى ماضية، ففي كشف المحجوب يسرد لك أحداثًا وقعت له بالعاصمة الرباط ثم يرجع بك إلى أحداث وقعت له في فاس أو قد يسير بك أخرى وقعت له في صباه، أما في آخر الفرسان فيبدوا ذلك واضحًا بسرد ما وقع له في تركيا ثم يرجع إلى مكناسة الزيتون، ومرة أخرى يرجع إلى عاصمة المدائن إسطنبول ويروي ما وقع له هناك، قال في آخر الفرسان: “ما بين مكناسة والرباط كانت أناشيد ‘المهتر’ التركية في سيارتي تضمد مواجعي”.

بنية الشخصيات

إن الشخصيات هي المحرك الأساسي للأحداث في العمل الروائي، فذلك التفاعل الذي يحصل بينها هو الذي ينتج لنا نصًا روائيًّا غاية في الروعة، فلا عبرة لعمل روائي دون أشخاص، فهي التي تعطي صبغة راقية للسارد في عملية بناء الرواية، فتكون هناك شخصيات رئيسية تقوم عليها أحداث الرواية، وتأخذ طابعًا بطوليًّا سواء كانت حمولة الخطاب إيجابية أم سلبية، إيجابية رافعة أو سلبية واضعة ثم يكون من ضمن هذا النسيج أشخاص آخرون ثانويون يتفاعلون من أجل إضفاء نوع التكامل على أحداث الرواية.

فمثلاً رواية كشف المحجوب كان هو بطلها الرئيس إلى جانب أشخاص أخرين ساهموا في تنامي أحداث الرواية، أما في رواية آخر الفرسان فقد كان بديع الزمان سعيد النورسي هو الشخصية البطولية التي حوتها الرواية، بينما كانت روايته عودة الفرسان تتحدث عن فتح الله كولن.

 الأبعاد النفسية للشخصية

“ويتمثل في الأحوال النفسية والفكرية للشخصية ويتجلى في التعبير عما تحمله الشخصية من فكر وعاطفة، وفي طبيعة مزاجها من حيث الاشتغال وأحاسيسها وطباعها وطريقة تفكيرها”

لقد امتلك فريد الأنصاري دقة بالغة في وصف شخصياته وسبر أغوار نفسها، وعما يدور في خلدها في قالب أدبي عال، فتجده حينما يصف خوالج النفس ومشاعرها، سواء في الفرح والسرور، أو الشقاء والحزن وكأنه هو من يختلج ذلك ويعيشه قلبًا وقالبًا.

بنية المكان

مفهوم المكان الروائي

يقول حميد الحميداني:” إن الفضاء في الرواية أوسع وأشمل من المكان، إنه مجموع الأمكنة التي تقوم عليه الحركة الروائية المتمثلة في سيرورة الحكي، وعلى هذا فالمكان الروائي هو الحيز الذي تجري فيه أحداث الرواية التي يلفها الفضاء جميعا”

ولعل القارئ منذ الصفحات الأولى يكتشف المكان الذي ستدور عليه أحداث الرواية، وطبيعة المكان قد تكون مغلقة أو تتخذ طابعًا محدودًا، كالبيت، الغرفة، القسم…

قال في كشف المحجوب:”نعم يا سادتي فتحت عيني بمنزلنا المبني بالتراب بقصر من قصور واحات الجنوب هنالك بتافيلالت”

” هكذا تقف القصور شامخة، محصنة بأسوارها وأبراجها الأربعة بين تلال الرمال أو بين غابات النخيل أو بينهما معا”، ثم قال في آخر الفرسان:” فحملت حقيبتي الصغيرة وتوجهت تلقاء سيدة المدائن خاتمة عواصم الإسلام إسطنبول”،  وقال أيضا ” ثم عدت إليه يا سادتي بعد عام ! وجدته بالمغرب الأقصى ذات منزلة أخرى كان بوجدة يوزع رسائل النور بقاعة نداء السلام”، وقال في موضع آخر ” ثم انقطع الوارد يا سادتي فوجدتني في المغرب الأقصى أعدوا ما بين مكناسة الزيتون ومدينة زرهون”.

عناصر الحبكة الفنية في روايات فريد

المقصود بالحبكة

“المجرى العام الذي تجري فيه القصة وتتسلسل بأحداثها على هيئة متنامية متسارعة ويتم هذا بتضافر كل عناصر القصة جميعا”، وهي “أيضا سلسلة من الأفعال التي تصمم بعناية وتتشابك صلاتها وتتقدم عبر صراع قوي بين الأضداد إلى ذروة وانفراج”.

 عناصر الحبكة: (البداية، العقدة، النهاية)

ففي بداية الرواية تكون الأحداث متنامية في نطاق تسلسلي يقود القارئ إلى تتبع مجريات السرد بلهف حتى يوقعه المؤلف في شراك العقدة التي تمثل ذروة التفاعل، فيكون القارئ في قلق وحيرة دائمين تجعله مشدوها ومتشوقا إلى الوضع التي ستخرج فيه الأحداث ويصل إلى حل لهذه العقدة وهي النهاية، أي نهاية العقدة التي وضعها المؤلف.

والمطلع على رواية كشف المحجوب يجدها مليئة بالعقد، فما إن ينتهي من سرد قصة دون نهاية لها حتى يوقعك في شراك آخر، ثم ينتقل إلى أخرى مما يجعلك تعيش عالما سرديًّا عجيبًا تنتقل مع السارد بصورة خاطفة للعالم الذي يسوقك إليه وأنت لا تقدم ولا تؤخر من أمرك شيئًا.

ونفس الشيء في روايته آخر الفرسان، التي كانت فيها العقد متعددة وتأخذ طابعًا تشويقيًّا خاصًا، ويختار الوقت الأنسب للكشف عن حل العقدة التي تكون أشبه ما تكون بلحظة انفراج للقارئ.

الأسلوب الروائي في تراث فريد الأنصاري الأدبي 

اتسم الحوار بسمات عدة أبرزها اعتماد لغة فصيحة، وبيان شاف، وبلاغة راقية، وعبارات رصينة محكمة، ومحسنات بديعية تضفي على النص حلة بهية غاية في الجمال، أما لغته فلا تكلف فيها ولا تشدق، ويكون وقعها على نفس القارئ حسنا، فالنص يشدك إليه شدًا، وكأنه طاقة مغناطيسية تجذبك إليها جذبًا.

المبحث الثاني: أبعاد ودلالات 

البعد التربوي في أعمال فريد الأنصاري الأدبية

 لا تخل أعمال فريد الأنصاري من التربية وتهذيب السلوك، قال في رواية آخر الفرسان: “إنما العلم بالتعلم يا ولدي… فإن كنت جادًا في الوصل حقيقة فاقرأ وارتق” وقال في نفس الرواية: “كل ذلك من أجل درس الحكمة فلا تحزن” فقد حث المتعلم على التحلي بالصبر لأجل بلوغ القصد، وطرد كل الهواجس المحطمة التي تجعل الطريق مظلمًا حالكًا من دون نور، ثم قال أيضًا في سياق حديثه عن الإصلاح في عالم متغير ما مفاده: “لا خروج من الأزمة بغير التربية والتعليم! لا خروج بغير دار الأرقم بن أبي الأرقم، لا خروج بغير ربانية الدرس والتدارس! فإنما قيمة السلاح بقيمة ضاربه”

البعد القيمي في روايات فريد الأنصاري 

لا يخل عمل من أعماله من قيم إنسانية يبثها بثًا، ويسبكها في قالب يرتشفها القارئ ويتذوق معانيها، تحدث عن قيم الصبر والوفاء بالعهد، تحدث عن قيم الحكمة، الكرم، التزكية… يمكن القول عن عمله الأدبي أنه ترسانة من القيم، فمثلاً في رواية آخر الفرسان جاء بنص غاية في الجمال يحمل قيمًا نبيلة سامية، قال ما نصه:” أما أبي “ميرزا” – رحمه الله – فقد اشتهر باسم ” الصوفي ميرزا “؛ وذلك لما عليه من تقوى وورع ! حتى إنه كان يربط أفواه ماشيته بالكمامات، كلما كان عائدًا بها من المراعي؛ حتى لا تقضم من حقول الناس ولا قضمة واحدة! تحريا لخلوص ألبانها ولحومها وأثمانها من شوائب الحرام”.

البعد الإصلاحي

إن المتأمل في عمله الأدبي ليجده حافلاً برسائل بناءة لإصلاح المجتمع وتهذيب السلوك وليس من باب الترف الفكري الذي لا طائلة ترجى من ورائه، فالأدب إنما هو الأداة المثلى لضخ روح جديدة في هذا المجتمع الذي هده المرض وشل أوصاله، إنما هو البلسم الذي تحيا به روحه من ضنك الملاهي الصارفة والأمور المغرضة، رام إصلاح المجتمع وبالأخص في أمور السياسة والتربية فهو إنسان عاش الغمار وخاض هذا المضمار الشيء الذي أكسبه قدرة عجيبة على وضع اليد على الداء ووصف الدواء لأنه خبير بما أصابه وأضره وعليم بما يشفيه من عليله، فلا تراه يفتر عن النصح والإرشاد لتجاوز هذه الأعطاب واستشراف عالم صاف من دخن الضغينة والأحقاد فأنعم به من أديب هذه رسالته وهذا ديدنه في كل وقت وآن.

خاتمة

حاصل القول إن فريدًا كان أديبًا مالكًا لناصية الأدب، ومتفتق القريحة في الإبداع، لغته شاهدة، حروفه ناطقة، نصوصه قطع ثمينة كأنها تتنمي لعهد الأدب الأول، عهد الجاحظ وابن قتيبة وأبي علي القالي والمبرد… عباراته تسبح بك في عوالم البيان، ولجج البلاغة، إن وصف رسم لك الموصوف كأنك تراه عيانًا، أو سرد فإنك تنساق سوقًا مع أسلوبه الدقيق الرشيق وكأنك تجالسه جنبًا إلى جنب، ما تعالى على القارئ قط، إنما كان قمة في التواضع، فحروفه التي يخاطب بها جموع القراء هادئة لينة تنساب كأنها شلال عذب رقراق، إنها قمة في الأدب، فتراه يخاطب القراء بقوله: “يا سادتي”، وهذه رفعة وأي رفعة للقارئ أن جعله سيدًا، وقلما تجد هذه الالتفاتة في بطون كتب الأدب، رجل ما انحاز لحزب أو تيار، بل بقي متشبثًا بهويته الإسلامية، مخلصًا لقضية أمته ومنافحًا عنها، عاش عزيز النفس ومات شريفًا كريمًا.

وقضية أخرى لابد من الإشارة إليها، وهي سر نفاذ حروفه إلى سويداء القلب، ويجاب عن ذلك بأنه كلما كان الأديب مخلصًا لما يكتبه دون أدنى تكلف، كلما كان ذلك أدعى لأن ينفذ في قرارة القارئ، لأنه بمطالعته تلك يميز بين الغث والسمين.