يصدر العدد الثالث والسبعون (73) من “حراء” متوَّجًا بمسيرةٍ دامت أربعة عشر عامًا. وهو عدد يتحلّى -ككل الأعداد- بسطورِ أقلامٍ تَضرب بريشة الفكر على أوتار القلوب، لتستخرج منها أنقى النغمات وأعذب المعاني والعبارات، وبالتالي لتنتعش الأرواحُ المولعة بالعلم والمعرفة، والقلوبُ التواقة إلى إحياء أنفاسها من جديد. وفي هذا المناخ النقي والمشاعر الصافية، يَضرب الأستاذ فتح الله كولن بريشة فكره على وترٍ حساس سمّاه “أنفاس القلب”. إنه في افتتاحية هذا العدد، يضع صورة ساطعة عن أنفاس القلوب، ويرسم ملامح أصحابها المهيبة وبياناتهم الصامتة المؤثرة التي تتدفق إلى الأرواح وكأنها قطرات ندى.
وعن عالم الأحلام وحظه من الحقيقة، وهل الأحلام تحمل إشارات من المستقبل؟ وما علاقة الأحلام بهوية الإنسان؟ وأسئلة أخرى مهمة، يحاول “محمد السقا عيد” تفسيرها في ضوء الدراسات والأبحاث العلمية التي أوردها في مقاله الموسوم بـ”عالم الأحلام حقيقة أم أوهام؟”.
كما يتحدث “إسحاق السعدي” عن أزمةٍ ما زالت تعوق التواصل وتعمق الفجوات بين بني البشر وهي “الأزمة الفكرية في الحوار”، ذاكرًا أن “الوقوف على أوجه هذه الأزمة وتشخيصها، يسهم إلى حد كبير في علاجها وتلافي مسبباتها ليحلّ التفاهم محلّ التدابر، ويحكَّم العقل والمنطق لا العصبية والانفعال، ومن ثم تسود مشاعر الود بدلاً عن التنابز والتنافر”.
ويصبّ مقال “خالد صلاح حنفي” في الاتجاه نفسه، حيث يرى أن العيش المشترك والتسامح الحضاري في الآونة الأخيرة يمران بأزمة أخلاقية طاحنة، مما يدعو إلى الاعتراف بأهمية التعايش معًا وتأثيره العميق على حضارة الإنسان وهو أول الطرق للبحث عن حلول عقلانية.
أما “السنوسي محمد السنوسي” فإن لمقاله الموسوم بـ”من شروط الإقلاع الحضاري” إسهامًا في تأصيل المضامين الفكرية المتعلقة باستئناف إقلاعنا الحضاري من جديد. ويعلّق “توماس ميشال” في مقاله، على علاقة الأستاذ فتح الله كولن بالتصوف، وبالتالي على دور التصوف ومرجعيته من حياته وحياة كثير من المجددين والمصلحين.
“إن ما يهم الإنسان في واقعه العلمي، هو التأسيس والتأصيل وليس التفكيك والتقويض” وهذا ما جاء في ثنايا سطور “سامي محمود إبراهيم” “اللامعقول وحداثة الوعي”. أما “سعيد سهمي” فيحدثنا عن عالم الرقمية ودوره في نشر الوعي والمعرفة، ثم إسهام الرقمية في محو الأمية وبناء شخصية الإنسان المعاصر، كل ذلك تحت عنوان “كيف تسهم الرقيمة في محو الأمية؟”.
إلى جانب مقالات قيمة لم يسعنا ذكرها في هذه السطور القليلة نحيلها إلى قرائنا الأعزاء، آملين أن يجدوا متعتهم الفكرية والثقافية والعلمية فيما بين أيديهم.