روح النبي المهاجر في دمائنا

إذا حاول المرء أن يفاتش اللغة عن مفردات من السوسن يعلقها تاجًا لائقًا برأس نبينا الكريم فلن يسعفه معجمها، ولن تغيثه تراكيبها؛ لأن ذا عقل أو لسان أو أذن لن يعيَ حين يقرأ في تاريخ شرفاء الإنسانية، أو يسمع من قصاصها عن عظمائها فلن يجد إنسانًا أكمل ولا أحسن ولا أبدع منه -صلى الله عليه وسلم- نبي خُلق للدنيا لا لنفسه، وألزم نفسه بما يلزمها وبما لا يلزمها حتى كاد يبخعها أو يقضي الله فيها قضاءه، وكأن الله فطره يوم فطره على الحدب والحنو والرحمة والشفقة وسائر الصفات التي فاضت بها كتب شمائله مما لا يتهدَّى الفكر إلى حيازة كثير منها في غيره –عليه الصلاة والسلام- وهذا معنى قوله عن نفسه (أدبني ربي فأحسن تأديبي) وأنت إذا دققت النظر في هذا الحديث أدركت من مَعْناته أن هناك طبيعةً أخلاقيةً مفردةً تجري على قانونها الذي وضعه الله لها وأحكمها به، وأن هذا الإنسان الأعظم روحُ الحكمة الإلهية التي تغمره بقوتها، وتعمل فيه عملها؛ لتصوغ على مثاله الأمة التي تبدع العالم إبداعا جديدا، وتنشئه النشأة المحفوظة له في أطوار كماله.
فصلى الله وسلم على النبي الكريم المثبَّت بالعصمة، المؤيد بالحكمة، النبي الأمي المكتوب في التوراة والإنجيل وعلى آله الأطهار، وعلى جميع المهاجرين والأنصار اللهم آمين.