الكاريكاتير القرآني

إن في القرآن لعشرات من الصور والعروض “الكاريكاتيرية” يرسمها كتاب الله على طريقته الفنية المعجزة بكلمات قلائل لا تعدو أصابع اليد الواحدة، كلمات قلائل ولكنها تمنحنا بضرباتها المركزة المرسومة، النقائضَ الأساسية في الموقف البشري، فتجسدها لنا كما لو كانت رسماً أو نحتاً.
فلنعاين بعضاً من هذه الصور..
يقول فرعون لأتباعه: ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾(غافر:29)، فكأن أنظار الناس جميعاً، ممن ابتُلوا بحكم فرعون وألوهيته المزيفة، لا يسمح لها بالعمل إلا بعد أن تستحصل جوازَ مرورٍ إلى العالم في عيني فرعون نفسه؛ ما يراه تراه.. أو بعبارة أوضح؛ ما يريد لها أن تراه، تراه.. وما لا يريد، لا تراه: ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى﴾!..
فإذا ما تذَكرنا أن الرؤية ها هنا لا يعنى بها المشاهدةُ الخارجية للأشياء، أي النظر فحسب، ولكنها تعني ما يَعقب الرؤية من اتخاذ موقف شخصي إزاء الأشياء والأحداث، تمليه العاطفة أو الهوى أو المصلحة أو الوجدان أو الظن أو التخمين.. أدركنا أن فرعون يريد أن يقول للناس: إن عليكم ألا تفكروا وتتخذوا مواقفكم وتختاروا إلا من خلالي، من خلال ما أفكر به وما أتخذه وما أختاره.. وبعبارة أخرى: إنّ عليكم أن تجمدوا فكركم وأن تكفوا عن اتخاذ المواقف وأن تتوقفوا حالا عن الاختيار، لأنني أنا فرعون، ربكم الأعلى.. أنا الذي سأفكر لكم وأرسم لكم المواقف، وأنا الذي سأختار لكم: ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾.
وسواء أكان فرعون مقتنعا بصواب ما يدعو إليه ويرغمهم عليه أم غير مقتنع فالأمر سواء. والمهم أن عليهم ألا يروا ويفكروا ويختاروا إلا من خلاله وبه.
هل هناك أكثر وضوحاً في خطوط الصورة لو رُسمت بالألوان أو نحتت على المعادن والصخور من هذه الكلمات؟ إنها تجعلنا نحزن على ما مني به أتباع فرعون وكل فرعونٍ من عبودية مطلقة وإذلال كامل، تُمسخ فيه إنسانية الإنسان ويُطمس على عقله وإرادته ووجدانه، ولا يتبقى منه إلا أجهزة حسية من بصر وسمع ولمس، يستخدمها الطغيان أدواتٍ فحسب لتمرير رؤيته وتنفيذها!..
والسخرية هي بداية الرفض ونهايته أيضاً، من الصيغة التي يريد أن يتحقق بها الدكتاتور في كل زمان ومكان، كما يرسمها لنا الكاريكاتير القرآني:
تقف أمة بكاملها وقد استأصل أبناؤها -بطريقة ما- عقولهم وإرادتهم ورؤيتهم الخاصة، وطمس على معالم شخصيتهم. تقف طوابيرَ بصمت مطبق وكأن على رؤوسها الطير.. وواحدا إثر واحد يتقدم إلى سدة فرعون.. ينحني انحناءة كاملة ثم يتلقى الأمر بأن يفعل كذا ولا يفعل كذا.. تنفيذا حرفيا لأمر الطاغية.. ينسحب بعد انحناءة أخرى ويذهب إلى مهمته.
يتقدم الآخر لكي يريه فرعون ما يرى، ويهديه إلى سبيل الرشاد!! وهكذا حتى نهاية الطابور.. وتتكرر العملية كلما أحبت جماعة من المواطنين أن تفكر في شيء أو تُقْدم على فعل شيء.. لابد أن يقف كل واحد منها في مكانه من الطابور وينتظر دوره!.. ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾(الزخرف:54).
انظروا، ها هي أمة بكاملها تفقد القدرة على الرؤية وتُستَلب إرادتُها، وتُمحى الملامح الشخصية لكل واحد من أبنائها. تُستلّ من تكوينهم أفكارُهم ومطامحهم وأحلامهم، تُمسح حتى بصماتُ أصابعهم.. لا يتبقى لهم أيما وجود متميز، فيفقدون ثقلهم ويخف وزنهم بالتالي.
وإنها لصورة تجسم السخرية بالكلمة، حتى لنكاد نلمس شخوصها ونرى حركتهم رأي العين: الخفة والارتفاع في الهواء، كأن ليس لهم أي ثقل يتعاملون به مع جاذبية الأرض. ومع الخفة تأرجح ذات اليمين وذات الشمال لا يستقرون على شيء. وبإشارة من فرعون الطاغية، يتحركون كيفما يشاء هو، لا ما يشاءون هم؛ يذعنون ويطيعون لكل أمر يصدره إليهم ويتجهون حيثما مد أصبعه.
ونتصور الطاغية وهو يجلس منتفخا على عرشه، يلعب على أمته أو بالأحرى يلعب بها بسهولة ومقدرة تثير الإعجاب! إلى اليمين فتندفع إلى هناك.. إلى اليسار، فتتحول صوب اليسار.. وقوفا، فتتجمد في أماكنها.. لا يكلفه ذلك أي جهد حقيقي، فهي أخف وزنا من أن تكلفه شيئا. ليس ثمة أي ثقل في عقولها وأفئدتها.. لقد بذل جهده الصعب يوم قام “بعملية” استئصال الوزن وتبديده. أمّا وقد نجحت العملية واستخف قومه، فإن طاعتهم العمياء مسألة غاية في السهولة، وهي تأتي جزاء وفاقا على الجهد الشاق الذي بذله أول مرة.
ولو لم يكن هؤلاء يملكون الاستعداد للتضحية بثقلهم الحقيقي رغباً أو رهباً، لو لم تكن شخصية كل واحد منهم على درجة محزنة من التفكك والضعف والهزال، لو لم يكونوا قد اختاروا ألا يكون لهم أيما موقف أو رأي أو وجهة نظر في أية قضية أو مشكلة.. لَمَا استطاع فرعون أن يسوقهم إلى هذا المصير المخزي، ولما استخفهم أو استخف بهم هذا الاستخفاف.
أمّا وقد امتلكوا الاستعداد للأمر، فإن فرعون عرف كيف يجردهم من كل ثقل ويحيلهم إلى أصفارٍ لا تتضمن أية قيمة إيجابية، وأن يفعل بهم ما يشاء.
﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾… إنها كلمات ثلاث، ولكن اللوحة التي ترسمها بالأحرف تظل شاخصة على مدى الأبصار، لأنها تتضمن صيغة “كاريكاتيرية” تعرف كيف تجسد الموقف وتبرز عيوبه وتناقضاته بالخطوط والظلال والألوان، فتجعلنا نضحك منه ونرثي له.
﴿وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً﴾(الإسراء:37)، لكأنما يأتي النداء من فوق، من قدرة فوق قدرة الإنسان ورؤية فوق رؤية الإنسان. تنظر إلى وادي النمل البشري فترى واحدة منها تتضخم وتتضخم وتنتعش وتتطاول.. ثم ماذا تكون؟!
وما تلبث اللطمة القاسية اللطمة الساخرة، أن تنقض على الخد المتصعر، على الرأس المتطاول، على الجسد المتمطي.. لكي تُلفِت الطاغيةَ الذي يتحرك عند أسفل جدار في العالم إلى حجمه الحقيقي، وتعرّف طوابير الأقزام المخدوعين به، الذين خيل إليهم -لضآلتهم وحقارتهم- أنه فعلاً يملك القدرة على أن يمتد بطوله صوب السماء، وأن يستعلي عليهم وهم يتحركون كالحشرات عند أقدامه، تعرّفهم بهذا الذي خدعوا به.
﴿إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً﴾(الإسراء:37).. وماذا يكون الإنسان.. أكبرُ إنسان في العالم.. أكثرُ الناس انتفاخا وتضخما وامتداداً وتطاولا.. ماذا يكون إزاء طول الجبال وشموخها، وعمق الأرض وأغوارها السحيقة؟ لا شيء، لا شيء..
إن الصورة تسمّر أنظارنا على هذا المشهد المترع بالسخرية والجهل والغباء والاحتقار، مشهد الإنسان الطاغية وهو يقف قبالة واحد من جبال العالم.. يتطاول فلا يعدو إحدى حجارته الملقاة على السفح، يمد جسده ويمطيه إلى آخر نقطة يستطيع فيها جسدُه أن يبلغها طولا.. فلا يتجاوز صخرةً تافهة أسقطتها الأعاصير من هذا الجانب أو ذاك من واجهة الجبل فلم تحدث فيه إلا كما تنقص قطرة الماء المتبخرة عن البحر الكبير. ومصيبة أتباعه أنهم -لِمَا يعانونه من قزمية- ينظرون إليه وحده معجبين بامتداده، ولا ينظرون إلى الجبل نفسه.. ربما لأنهم لا يرون إلا طاغيتهم وحده، وربما لأنهم يخافون أن يلتفتوا عنه إلى أي شيء آخر غيره، وبخاصة إذا كان الالتفات لغرض المقارنة، وربما لأنه قد استلَب حريتَهم وقدرتهم على الحركة والالتفات، وربما لأنه أترع قلوبهم وعقولهم بالخوف والرعب وأفقدهم أية قدرة على القيام بحركة ذاتية متصورين أن أية مقارنة بينه وبين أي شيء آخر إنما هي خروج عن أمره وتمرد على ربوبيته.
ولكننا -نحن- ننظر إلى الصورة القرآنية المؤثرة من الخارج، فنرى الطاغية ونرى الجبل، نرى طول هذا ونرى ارتفاع ذاك.. تطاوُل هذا وشموخ ذاك.. فلا نعاين إزاء كتلة الجبل الهائلة سوى شيء لا يكاد يُرى.. كتلة صغيرة تافهة ملقاة عند أسفل الجبل فأنى لها الطموح إلى أن تسامت الجبل يوما وتبلغ طوله؟ إنها مسألة مستحيلة كاستحالة دخول الجمل سم الخياط.. مبهظة ثقيلة قاسية، لأنها كالكابوس لا يمكن أن تتمخض عن أية نتيجة حتى لو مضى عليها ملايين السنين من المط والتطاول، فكيف وعمر الإنسان لا يعدو عن عقود قليلة من السنين؟!
ونراه.. الطاغية.. وهو يضرب بأقدامه الأرض.. بعد إذ أدرك عجزه عن موازاة الجبل، يضربها بعنف وعصبية، محاولا خرقها وتفتيت قشرتها الصلبة ولن يستطيع.
وأتباعه الأقزام داخل الصورة، ينظرون إليه معجبين وقد سمرت عيونهم وعقولهم بجسده العملاق، وهو يتطاول ويتطاول وبأقدامه القوية وهي تضرب الأرض، فما يزدادون إلا تضاؤلا وإعجابا!..
وننظر نحن من خارج الصورة فيأخذنا المنظر المؤثر ويجعلنا نضحك على تفاهة الإنسان ونبكي لمأساته. فهو التناقض القاسي الذي يُضحك ويُبكي! ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ اْلأَسْفَلِينَ﴾(فصلت:29).
إذن فقد انكشفت اللعبة وتمزقت الأستار.. وأية لعبة لا تتكشف يوم الحساب؟ ها هم الطغاة والأرباب والمتألهون والفراعنة.. يقفون طوابير على حافة جهنم، خاشعين، ناكسي رؤوسهم ﴿لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾(إبراهيم:43)، يقفون منتظرين دورهم في الدخول إلى حيث يكتوون بالنار التي لم يوقفهم لهيبها وسعارها عن ممارسة ألوهيتهم هناك يوم كانوا يسرحون في الأرض ويمرحون، يقفون الآن وهم يرتجفون خوفاً وهلعاً.. إنهم بعد دقائق أو لحظات سيؤخذون من نواصيهم التي تطاولت على الله سبحانه وتعالى كذباً وغروراً، ويجرون من أقدامهم التي مشوا بها طويلا على رؤوس العباد، ويرمى بهم في النار التي ازداد تلمظها وهي ترى هذا الصيد الثمين يقف على بعد خطوات.
ومن الصف الطويل، يقفز بين الحين والحين أناس لا نكاد نراهم ونميزهم إلا بصعوبة.. إنهم أصغر حجما بكثير من هؤلاء الأرباب، وهم مضغوطون إلى درجة لا يكادون يرون معها لكثرة ما مارسوه هناك في الحياة الدنيا من خوف وجبن وملق ونفاق وصغار والتصاق بالطغيان.. يتقافزون من هنا وهناك، منادين بأصوات لا تكاد تسمع هي الأخرى: ﴿رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا﴾..
وإنه لمنظر مضحك حقاً، وإن الإنسان ليظل يضحك حتى تدمع عيناه وهو يرى إلى هؤلاء الأقزام يتقافزون بين أقدام الأرباب، فالناس -أغلب الظن- محشورون حسب أوزانهم، ولكن الذي أطمع هؤلاء الأتباع المتضائلون بسادتهم وجعلهم يطلبون هذا الأمر المضحك، أن يجعلوا هؤلاء السادة من الأرباب والطواغيت تحت أقدامهم وهم على ما هم عليه من ضخامة وامتلاء.. ما رأوه على هؤلاء من هلع وذلة وانكسار وخوف، سرت قشعريرته الباردة الصفراء إلى عروقهم فأخذوا يهتزون ويرتجفون رغم أنهم قريبون من لفح النار!..
إذن فهؤلاء هم السادة الكبار، هؤلاء هم الآلهة والأرباب.. لقد تبددت الكبرياء، وضاع الجبروت، وها هم يرتجفون بأسمالهم التي تفوح منها رائحة الزفت والقطران، ويحيطهم الخزي وتكتسحهم المذلة..
وإنها لفرصة نادرة لأتباعهم الصغار أن يتمردوا عليهم وأن يطلقوا سراح حشود من المشاعر والأحاسيس والانفعالات كانت قد احتبست في طبقات بعيدة من نفوسهم، يوم كانوا يمارسون مهنة العبودية والفناء في ذوات أسيادهم.. وهم يريدون الآن أن يكثفوا مقتهم وغضبهم بحركة ذات دلالة: أن يجعلوا أولئكم السادة تحت أقدامهم!..
ولكن رؤيتهم التي فقدت قدرتها على الإبصار في الحياة الدنيا، تصيبهم الآن ببعض العناء، وسط دخان النار وهول الحساب، فلا يكادون يرون مرة أخرى آلهتهم وأسيادهم على طولها وامتدادها، فيكون نداؤهم المضحك ذاك: ﴿رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ اْلأَسْفَلِينَ﴾.
ويظل نداؤهم ذاك معلقا دون جواب.. فهم أتفه وأحقر من أن يستجاب لندائهم.. من أن يرد عليهم مجرد رد ولو بالنفي. وتلك لفتة مقصودة في كتاب الله، تستكمل بها الصورة “الكاريكاتيرية” ونحن نتخيل هؤلاء، بل نراهم ونسمعهم يرفعون النداء تلو النداء فلا يرد عليهم أحد.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾(الحج:73).
إن القرآن الكريم -هنا- يتعمد أن يختار أصغر الحشرات وأحطها شأناً، لكي يضرب بها المثل ويتحدى طواغيت بني آدم وآلهتهم وأربابهم وأكبرهم حجماً أن يخلقوا مثلها: الذباب! إنه يذهب في تجسيم التناقض وفق الأسلوب “الكاريكاتيري” إلى حده الأقصى، لكي يهز الناس ويضحكهم في الوقت نفسه.
فهنا يطرح القرآن نداءه المتحدي الساخر: أيها الأرباب الذين رفعوا قاماتهم إلى السماء، يريدون أن يخرقوا الأرض وأن يبلغوا الجبال طولا.. أيتها الآلهة التي ورمت غرورا فجاوزت حجمها الحقيقي مئات المرات.. أيها الوضاعون الذين يحتكرون المعرفة العليا لأنفسهم فيفكرون للناس ويشرّعون لهم..
ها أنا ذا أتحداكم أن تخلقوا بعوضاً أو ذباباً.. أكثر من ذلك، أتحداكم أن تستردوا هباءة تافهة سلبكم الذباب إياها..
أيها الأرباب، أيتها الآلهة، أيها الوضاعون.. اخلقوا -إن استطعتم مجتمعين- ذباباً، استردوا منه ما سلبكم إياه.. ضعف الطالب، أيها الأرباب، والمطلوب.. ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾(الحج:73).
إن القرآن الكريم ها هنا، لا يضحكنا فحسب، ولكنه يبكينا يقينا.. إنه ينتزع الدموع من أعيننا.. ونعرف ونحن نتقلب بين الضحك والبكاء، لماذا اختار الله جل وعلا، أن يتحدى الآلهة والأرباب بالبعوض والذباب!..