القلوب المتصدعة

في مفتتح هذا العدد من “حراء” نقرأ عن “مكابدة الفكر” للأستاذ فتح الله كولن؛ هذه المكابدة التي يُمْتحن بها أصحاب الفكر العالي، ورجال الرسالات الكبرى.. فعلى الرغم مما يتعرضون له من محن وأهوال تعترض مساراتهم، غير أنهم يستعذبون العذاب، ويستمرئون الصعاب، فلا تَفُتُّ في عضدهم، ولا تُخفِتُ من جذوة حماسهم عن الهدف النبيل الذي يسعون إليه، لإيمانهم الركين بأنهم يمثلون مطامح الإنسانية في أسمى معانيها، والفكر في قدس أقداسه، فلا يرتاحون ولا يسترخون، ولا ينعسون أو يتثاءبون، تنكرهم الفُرُشُ، ويجافيهم النوم.. فهم في حراك لا يتوقف، وعمل دؤوب، تنتهي أعمارهم ولا ينتهي.. أيامهم ساعات، وأشهرهم أيام، وسنواتهم أشهر، فلا يحسبون ولا يعدُّون، ويتساءلون؛ أَهُمْ من هذا الزمان، أم هم مرصودون للآتي من الأزمان؟!
ثم “الحاجة العامة للبشرية إلى النموذج الكامل في الآدمية، ليس في الإنسانية”، هكذا يكتب “الشاهد البوشيخي” في مقاله “حاجة الأمة إلى السيرة السنّة”؛ فيرى أنه لم تكن الأمة في ظرف من ظروفها التي مرت بها بحاجة إلى ما أسماه “السيرة السنّة” كما هي اليوم، فهو يرى أن من أوجب الواجبات اليوم أن يتصدى مفكرو الأمة للكتابة في هذه “السيرة السنّة” لتصبح مرجعية لكل مَن يريد الكتابة في الإسلام.
أما المبدع “حسن الأمراني” فإنه يتساءل في مقاله الموسوم “من حضارة الأدب إلى أدب الحضارة”: و”هل توقف الأدب حقًّا عن رسالته في الحضارات السابقة، وهي حضارات بلغت ما بلغت من الرقي الذي يكاد يقف الإنسان في نهاية القرن العشرين من منجزاته مذهولاً، حتى يتوقف عن رسالته اليوم؟” إلى أن يقول: “وقد أسس الإسلام -قولاً وفعلاً- أدب الحضارة، فجعل الأدب رساليًّا ونزّهه عن العبث، وتلك خصيصة من خصائص الإسلام التي تشمل الوجود كله”.
وفي مقاله “ثمن الحرية” يكتب “سلمان العودة” عن الحرية التي يتعشقها الإنسان، والتي لا يجد في حياته أغلى وأسخى منها، ولكن الإنسان يبقى مستعبدًا لبعض عاداته، فهو يرى أن الإنسان محاط بكثير من القيود ومنها قيد الزوجية، وقيد العمل، وقيد المدرسة العلمية أو الفكرية أو الدعوية، وقيد المجتمع، وقيد التيارات المتخالفة، وقيد السلطة، وقيد الأتباع، وقيد الجمهور، وقيد الشركاء”.

وتكتب “مريم آيت أحمد” موضوعًا مهمًّا تعنونه بـ”التدافع أم التنازع” مستشهدة بالآية الكريمة: (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)، ومثل هذا التدافع مطلوب ومرغوب به، لأنه يحرك الأفكار، ويثير العقول ويحفزها للنهوض نحو الأفضل والأحسن.