في افتتاحية “حراء” لهذا العدد يأخذنا الأستاذ فتح الله كولن إلى عالم “الأم”، ليحلّق بنا في سماء الوجدان ويترجم لنا مشاعره التي تجيش في صدره تجاه هذه “الكائنة السامية التي تعدل الأرواح في لطافتها، والملائكة في براءتها، والسماوات في عمقها”، بل إنها سلطان بدون تاج تحتضن الوجود وترعاه بالشفقة والوفاء والإخلاص.. ويختم ليقول مخاطبًا الأمّ: “إذا كان لكل شيء في عالم الوجود روحٌ وجوهرُ حياة، فينبغي أن تكوني أنت جوهر حياتنا”.
و”عرفان يلماز” في مقاله “أنا القنفذ” يتحدث عن أسرار “القنفذ” وعجائب خلقه استنهاضًا للتفكر في بديع صنع الله تعالى وقدرته.
ويأتي بعد ذلك مقال “محيي الدين عفيفي” ليتناول “مسؤولية الإنسان”، ويصبّ أفكاره في صفحات حراء ليبعث شعور المسؤولية داخل الإنسان، وليبيّن أن هذا الأمر مشترك بين الناس أجمعين، ثم يؤكد على أن الله تعالى ربط تغيير الحال بإرادة الإنسان ونشاطه، وأن أية محاولة للتغيير في واقع الأمة لا بد وأن تبدأ بالإنسان وتركز على بنائه الفكري، لأنه المفتاح الحقيقي لأي تقدم ونمو.
وبعد المسؤولية نرى “محمد ياسين” يكتب مقالاً غاية في الإمتاع عن “النموذج المنشود” الذي مثّله بمشروع “الخدمة” الذي تحوّل بفعل ما نُفِث فيه من طاقة روحية وحركية وفكرية وثقافية، إلى واقع حركي متميز، وإلى مشروع انبعاث حضاري هدفه استنهاض الأمة.
وكأن مقال “منى سليمان” متمم وموضح فلسفة هذا النموذج المنشود، فهي تتحدث عن مناطق الصراع في شرق تركيا والجهود المثالية التي قدّمها أبناء “الخدمة” في هذه المناطق من إعمار، وتعليم، ورعاية صحية، ومساعدات إغاثية، واقتصادية، وثقافية، لتوطيد المحبة والسلام بين أبناء الوطن سلطة وشعبًا.. وكل ذلك تحت عنوان “جهود الخدمة في مناطق الصراع”.
و”الشريف حاتم العوني” يقوم من خلال مقاله الموسوم بـ”لماذا أحبه؟” بتحليلٍ يدور حول حب الله سبحانه، ملخّصًا هذا الحب بعبارة وجيزة هي “من لا يعرف لا يحب”.
أما “أسماء الحسيني” ففي مقالها الممتع “وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين”، تزيح الستار عن وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيراتها السلبية والإيجابية على الإنسان عامة وعلى المرأة خاصة، وتظلّ متفائلة بأن إيجابيات هذه الوسائل أكبر من سلبياتها بشرط العمل الجاد وتكوين الوعي لدى المرأة والمجتمع.
وفي حقل العلوم يأتي مقال “صفاء الدين محمد” ليتحدث عن “سيكولوجية السمنة”، وعن الخصائص النفسية والاجتماعية المتعلقة بالسمنة، مبينًا الأسباب والعلاج لهذا المرض. ويأتي مقال “الألعاب الرقمية.. إلى أين؟” لـ”أحمد مصطفى الغر” ليذكّرنا ببعض الألعاب الرقمية التي تعتمد على غسل دماغ المراهقين وإدخالهم في حالة أشبه بالتنويم المغناطيسي وشحنهم بالأفكار السلبية، ثم يدعونا إلى المبادرة بأخذ التدابير اللازمة لمنع وقوع أطفالنا في هذا الشباك القاتل. بالإضافة إلى مقال “العالم بعيون النحل” لـ”أيهان يلماز”، و”الوحدة مرض اجتماعي خطير” لـ”صالح القاضي”.
وفي الختام نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العدد من “حراء” بمقالاته، زادًا للفكر ونبعًا للروح والوجدان. والله وليّ التوفيق.