اختلستُ النظر إلى ما تشاهده، فسألتها: هل تشاهدين المسلمين الجدد مرة أخرى؟ أجابتني بلغة لم أفهمها أهي إعجاب أم حسرة وقالت:”أتدرين لعل من البؤس أيضًا أن تكون في نعمة ولا تعرفها حتى تراها على محروم، نعم أن تكون في نعمة عظيمة وأنت لا تدري، فيا للحسرة، نعمة تملأ ما بين الأرض والسماء، وهبت لي دون مشقة بل دون سؤل ولا أعرف معناها.
كلما شاهدت هؤلاء أحس بعظيم تقصيري، بفداحة جرمي، فأنا لم أعش يومًا حياة الضياع، كان المسار واضحًا، كان الطريق مرسومًا، كل ما كان عليّ هو السير، عندما أرى هؤلاء يا عزيزتي أحتقر نفسي، فأنا لم أبحث بل أهديت إلى الخريطة.
كلما شاهدت هؤلاء أحس بعظيم تقصيري، بفداحة جرمي، فأنا لم أعش يومًا حياة الضياع.
وكل ما على هو اتباع التعليمات لا أكثر، عشت مطمئنة جدًا مقارنة بهم، فكلما خفت شيئًا هرعت أدعو الله وأنا أعلم أنه سيجيبني، لم أسأل نفسي يومًا مثلهم إلى من ألتجئ، من يمكنه انقاذي، كنت أعلم دائمًا أن قوة الله مطلقة وليس لها حدود، لا تخضع للزمان ولا للمكان، لقد كنت يا صديقتي بكل صدق لا أعرف معنى الشقاء، ابتسمت معقبة على كلامها: ولم الحزن إذا؛ انهمرت دموعها وقالت: طوال هذه السنوات وأنا في هذه النعم العظمى دون أن أحمدها، طوال هذه السنوات لم أقم بشكرها، والأدهى والأمر يا صديقتي كيف قابلتها: باللامبالاة! كل ذرات وجودي عليها أن لا تكف عن الحمد، كل خلايا جسدي يجب أن تسجد للرب، الله يحبنا ومنع عنا أعظم المصائب ومنها أن لا نعرفه، أن لا نتوه عنه، منعنا الحيرة العظمى، منعنا الضياع الأفظع، رزقني أعظم نعمة: كبرت وأنا على الإسلام الصحيح، أمام هذا كل كياني يجب أن يسبح بحبه.
لكن السؤال الذي يدمي قلبي: هل فعلاً أنا أستحق كل هذا الكرم؟
طبعا لا، كل هذا يدفعني لشيء واحد: أن أحبه، لكن السؤال الذي سيقتلني: هل أنا فعلا أحبه؟ غادرتها والسؤال يتردد في أذني: هل أنا فعلا أحبه؟ إن كان الجواب نعم، ما الدليل؟ هل حبه من أولوياتي حقًا، هل أحبه حقًا فيتقدم ارضاؤه جميع سكناتي وحركاتي كما هو حال المحبين الصادقين.
رب بهذه العظمة، رب بهذه القدرة المطلقة، رب بهذه الصفات الحسنى، يعطي دون أن يسأل، يغفر لمن أساء، ويقرب من أناب، يسمع الدعاء، ويجيب النداء، هل تملك الروح طريقة حمد أخرى إلا أن تحبه.