تنتشر الثدييات المائية في معظم المحيطات والبحار وحتى الأنهار، وهي متوافقة مع البيئات المختلفة، ويوجد منها حوالي مائة وخمسة وعشرون نوعًا تتبع إحدى وعشرين عائلة تحت أربعة رتب هي: الحوتيات وزعنفيات الأطراف والخيلانيات واللواحم ذوات الأصابع.
تمتاز أجسام الدلافين بالانسيابية مما يقلل مقاومة الماء لها، فتكون سريعة ورشيقة التقافز خارج سطح الماء، وتبلغ سرعة دلافين المحيط الهادي-ذات الجوانب البيضاء- 27 كم في الساعة.
يبلغ عدد أنواع رتبة الحوتيات أربعة وثمانون نوعًا من ثلاثة عشرة عائلة، وتشمل أنواع الحيتان المسننة والبالينية والدلافين، وخنازير البحر، أما عدد أنواع رتبة زعنفية الأطراف فأربعة وثلاثون نوعاً من ثلاثة عوائل، وتشمل أعدادًا من الفقمات، وعجول البحر، والفظات.
أما رتبة الخيلانيات فأربعة أنواع من عائلتين، وتضم أبقار البحر، والأطومات (أو عرائس البحر). وعدد أنواع رتبة اللواحم ثلاثة أنواع من عائلتين، وتشمل الدب القطبي، ونوعين من القندس البحري.
الدلافين:
الدلافين مُفردها دُولْفِين أو دُخـس، وهي من الثدييات المائية، ذات الدم الحار، وأصل تسميتها من اليونانية “δελφίς”(دِلفِس/ دِلفوس) اليونانية، وتعني “الرحم”، فهي “أسماك ذات رحم”، وتتنفس برئتها الهواء الجوى، وقد تغوص ما بين 15-30 دقيقة قبل صعودها لتتنفس مُجدداً. وتتنوع الدلافين (الحوتيات ذات الأسنان) لنحو أربعين نوعًا، مُوزعة على سبعة عشر جنسًا. وتتراوح أطوالها وأوزانها ما بين أصغرها (كدُلْفِين ماوي): 1.2 متراً/ أربعون كيلوغراماً إلى أكبرها (كدلفين الأوركا/ الدولفين القاتل) عشرة أمتار/ عشرة أطنان.
وتعيش الدلافين في المحيطات والبحار (قليلة العُمق عند الأرصفة القارية)، وبعضها في مياه الأنهار العذبة. وتشمل الأنواع الأخيرة: دلفين (إيراوادى) في جنوب آسيا، ودلفين (الباجى) بنهر يانجتسى في الصين، ودولفين (البوتو) في نهري الأمازون وأورينوكو بـأمريكا الجنوبية، وأحيـانـًا تهاجر الدلافيـن بشكل مسـتمر مـن البـحر الأبيـض المتـوسـط إلـى شـواطىء أميـركا وتــعود لـنفـس أمـاكنها في صورة دائـريـة.
تتمتع الدلافين بنظام اتصالات “صوتي/ سمعي” فريد ومتنوع، تتخاطب وتتواصل به فيما بينها، يبعدها عن المخاطر، ويحدد لها للأبعاد والأشياء، والفرائس وسط ظلام دامس.
ويعتبر دلفين البوتلنوز (Bottlenos) من أشهر أنواع الدلافين. ويعيش بقرب شواطئ المحيط الأطلسي في أمريكا الشمالية وأوروبا، ويتجاوز طوله أربعة أمتار. ويعد من أشهر نجوم “الألعاب البهلوانية” في حدائق الحيوان. وقد أنشئت عدة مراكز بحثية عالمية لدراسة سلوكه، وتركيبته الفيزيولوجية المُدهشة. والدلافين من آكلات اللحوم (الأسماك، والحبار إلخ).
ومدة حـملها نـحو 11 شـهرًا، وتُرضع صغارها حـوالي عام. وعـادة مـا تبلغ الدلافيـن نضـجها الجـنسـي بـعد 3-4 سـنوات مـن ولادتـها، وتـُعمر 25-30 عامًا. وتتميز بأنها كائنات اجتماعية تعيش في جماعات تتكون 10- 12 فردًا لسهولة توفير الغذاء، والحماية، عدوها الأساس هو سـمك القرش.
تمتاز أجسام الدلافين بالانسيابية مما يقلل مقاومة الماء لها، فتكون سريعة ورشيقة التقافز خارج سطح الماء، وتبلغ سرعة دلافين المحيط الهادي-ذات الجوانب البيضاء- 27 كم في الساعة.
خصائص متفردة:
تتمتع الدلافين بنظام اتصالات “صوتي/ سمعي” فريد ومتنوع، تتخاطب وتتواصل به فيما بينها، يبعدها عن المخاطر، ويحدد لها للأبعاد والأشياء، والفرائس وسط ظلام دامس، كما وُهبت نظام توجيه “فوق صوتي”Ultrasound”ويشبه “السونار” الذي تستخدمه السفن، والغواصات. واستغلت جيوش كبرى هذه الموهبة لتدريبها على كشف/ إزالة الألغام البحرية، وعند النوم يتوقف نصف دماغ الدلفين عن العمل، ويغمض العين المقابلة لهذا النصف.
أما النصف الثاني فيظل نشطًا، ليتحكم في عملية التنفس، وليحافظ على دفء عضلاته، ودرجة حرارة الجسم في المياه الباردة. فضلاً عن مراقبة ما يجري، والتنبه للأخطار المحتملة أثناء النوم. وأحيانًا تبقى الدلافين طافية على سطح الماء خلال فترة النوم أو تسبح ببطء.
عند النوم يتوقف نصف دماغ الدلفين عن العمل، ويغمض العين المقابلة لهذا النصف. أما النصف الثاني فيظل نشطًا، ليتحكم في عملية التنفس، وليحافظ على دفء عضلاته
كما تمتلك الدلافين خصائص متفردة، وقدرات باهرة: ذكاء وجاذبية وتعاون وتواصل وبراعة لعب وتقدير مواقف، وحل مشكلات وطلب المساعدة عند الحاجة، كما أنها تنقذ كائنات أخرى كصغار حيتان العنبر التي تقذفها الأمواج للشاطئ إلخ.
كما تنجذب الدلافين إلى البشر وتنقذهم وتساعد صيادي الأسماك، وتتبع زوارقهم مقابل وجبات من الأسماك؛ بل وتجلب للبشر الهدايا التي تصطادها مثل: ثعبان الماء أو الأخطبوط أو الحبار إلخ، ومع ذلك فقد تعرضت للتعذيب والقتل في مذابح رهيبة حدثت في الدنمارك. وقد تنفق في شباك الصيادين التي تتسبب في مقتل 300,000 من رتبة الحيتان كل عام، بجانب تدمير بيئتها الطبيعية، والاصطياد الجائر للأسماك مصدر غذائها!.
ثدييات اجتماعية:
تعيش الدلافين في مجموعات كبيرة لتوفير مزيد من الحماية، وتتموضع الإناث والمواليد الجديدة مركز السرب وعند الوضع يخرج ذيل الوليد من رحم أمه أولاً، مما يضمن له الأوكسجين اللازم أثناء الوضع. وعندما تخرج رأسه يتجه الرضيع إلى السطح ليستنشق أول كمية من هواء الحياة. وترضع الأم وليدها بحليب يُدر من مصدرين على بطنها، وتعين الإناث صغارها خلال الغوص العميق وتعلم الصيد.
صفوة القول: تأمل إعجاز الكون، وتدبر جلال الخلق، وتعقل كمال الصنعة، وتنور بلألاء البصيرة، وتدبر في آلاء الحكمة، واهتد بسنا القدرة. أمور لعل من سبل الوصول إليها الالتفات إلى ما في البحار من تأملات وآيات باهرات قال تعالى: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) (الإسراء: 44).