إن الإنسان كلما تقدم في العمر كلما تناقصت عدد ساعات نومه، فكبار السن حسب أحدث الدراسات النفسية لا يحتاجون لفترات طويلة من النوم الليلي، ويتميز نومهم بصعوبة السهر في بداية الليل، وقد يتقطع في بعض الأحيان عدة مرات بشكل مفاجئ، كما أنهم يستيقظون باكرًا في الساعات الأخيرة من الليل، ويعوضون نقص النوم الليلي بقيلولة النهار (1).
إن الإنسان كلما تقدم في العمر كلما تناقصت عدد ساعات نومه
لذلك نجد العقلاء من المسنين يتفطنون للحكمة من وراء تغيّر حال نومهم، فيدركون بأن راحة الدنيا مؤقتة، وأن أمانهم فيها أمان زائل فيفزعون من مضاجعهم في الثلث الأخير من الليل، ولسان حالهم يقول؛ يا أيها الفراش أنت ناعم لكن فراش الجنة أنعم، فتراهم يقفون بين يدي الله تعالى ليضيئوا ظلمة ليلهم بنور الركوع والسجود، فتزول بذلك وحشتهم لشعورهم بلذة صلاة التهجد، فيتحول خوفهم من ظلمة الليل إلى طمأنينة واضطرابهم إلى أمن وسكينة.
لا يتوقف تراجع قدرات المسنين عند حدود الجانب العضوي، بل يمتد أيضًا للجانب النفسي ومن أهم الكفاءات التي تسجل نكوصًا ملحوظًا، نجد الذاكرة القريبة المدى الخاصة بتذكر الأحداث الآنية والجديدة، وهو اضطراب بسيط لا يؤثر على شخصية كبار السن ولا حتى على تأقلمهم مع محيطهم الاجتماعي، لكن انعكاساته قد تكون أحيانًا خطيرة.لذلك ينبغي لأبناء المسنين أو الأشخاص القريبين منهم أن يتفقدوا أحوالهم بين الفينة والأخرى، وأن يعتنوا بهم ويحرصوا على تتبعهم باستمرار، دون أن يشعروهم بأنهم مُراقَبون كي لا يحرجوهم.
لكن إذا كانت الذاكرة القريبة المدى تضعف لدى كبار السن، فالذاكرة البعيدة المدى تقوى وتنشط لديهم ليبلغ مداها حتى ذكريات الطفولة، كما يستحضر المسنون من خلالها التجارب الحرجة التي مروا بها، ويتذكرون كيف استطاعوا إيجاد حلول لها.
(1) Derk-Jan DIJK, « Age, rythmes et lampe de chevet », PP : 44-45, N°2 Hors Série, Avril 2000, In Revue la Recherche, Ed Société d’Editions Scientifiques, Paris – France 2000.