يقف الإنسان مشدوهًا أمام روعة هذا المشهد الباهر. تذكر الروايات أن سنان العظيم -أعظم معماري عرفه التاريخ العثماني- ظل يبحث في مدينة أدِرْنة مدة عامين حتى اختار ربوة مرتفعة تشرف على كافة جنبات المدينة. فبنى عليها جامع السليمية.
لا شك أن جامع السليمية يمثل الذروة في العمارة العثمانية. وقد بناه سنان بين عامي 1568-1574 بأمر من السلطان سليم الثاني. يتحلى الجامع بقبة واسعة فسيحة وبأربع مآذن سامقة شامخة، كما تتحلى كل مئذنة من هذه المآذن بثلاث شرفات، كلها تحمل سرًّا ومدلولاً في طياتها؛ أما المآذن الأربع فترمز إلى التكبيرات الأربع في الأذان، وأما الاثنتا عشرة شرفة فترمز إلى ترتيب السلطان سليم الثاني بين سلاطين آل عثمان، ويوجد داخل مئذنتين من هذه المآذن الأربع ثلاثة سلالم ينتهي السلم الأول لكل منها إلى الشرفة الثالثة، والسلم الثاني إلى الشرفة الثانية والثالثة، والسلم الثالث إلى الشرفة الأولى والثالثة، وبذلك استطاع سنان أن يمكّن المؤذنين من الصعود إلى الشرفات الثلاث دون أن يرى أحدهم الآخر. وقد أدهشت هذه الصنعة المتقنة الرائعة الكثير من الباحثين والمعماريين وعلماء الآثار في أرجاء المعمورة؛ إذ جمع سنان السلالم الثلاثة في دائرة يبلغ قطرها مترين فقط، مما يدل على إبداعه الفني وخبرته الواسعة في تخطيط البناء وجودة الصنعة والإتقان.