في هذا العدد يكشف لنا الأستاذ كولن عن جانب من شخصيته الأدبية واقتداره الفني في التعبير والبيان، حيث يسرد في المقال المعنون بـ:”بيان القلب ولغة الحال” الخصائص التركيبية والفنون الجمالية التي بها يقوم البيان ويكتسب التعبير رونقه وبهاءه، لكنه رغم تقديره لهذه الخصائص التعبيرية وبيانه لفضلها، يرى أن البيان مهما اكتسى من حلل البراعة وتأنق بزينة الجمال، لا يمكن أن ينفذ إلى القلوب ويستولي عليها ويكتب له البقاء، ما لم يكن مرتبطا بعالم القلب، وحاصلا على تأشيرة من آلية الوجدان، ومصطبغا بصبغة الحال.
وفي مقاله المعنون بـ”السلوك الإنساني في القرآن بين ضوابط الإرادات ودوافع القيم” يعقد جمال الحوشبي دراسة مقارنة حول مفهوم السلوك في علم النفس المعاصر وفي الكتاب والسنة، وكيف تتجلى ميزة الوضوح في النظرة الإسلامية للسلوك الإنساني، بخلاف التعقيد والغموض الذي يكتنف حقيقة السلوك الإنساني في علم النفس المعاصر. كما يلقي متين رئيس أضواء كاشفة على أسرار السيرة الحسنة للفتوحات العثمانية إلى يومنا هذا، ويضرب على ذلك أمثلة من تاريخ الفتح العثماني. وإذا كان بقاء الأمم مرتبطا بأخلاقها فإن محمد السعدي يتناول هذا الموضوع من زوايا متنوعة ويعرض للعلل الأخلاقية التي تتسبب في دمار الأمم وهلاكها، تبعا لسنة الله التي لا تتخلف. كما يواصل أحمد عبادي الحلقة الخامسة من سلسلة “علومنا الإسلامية والسياق الكوني المعاصر” مبينا فيها أهمية الوعي بالسياق على تنوع أبعاده وأشكاله.
وفي زاوية العلوم يكشف لنا محمد السقا عيد جوانب من عظمة الله سبحانه وتعالى في خلق عيون الطيور. وفي العلوم أيضا مقال بعنوان “الوباء” بقلم حلمي محمود مدبولي يبين فيه أنواع الأوبئة التي ظهرت في التاريخ حتى يومنا هذا، مذيلا ذلك بسبق النظرة الإسلامية حول التدابير الصحية اللازمة للوقاية من تلك الأوبئة. كما يعرض في باب العلوم أيضا ناصر أحمد سنه صورا رائعة لأنواع من التراحم بين الحيوانات. وفي ركن الثقافة والفن يعرض بركات محمد مراد رؤية الإسلام للفن والجمال مقارنة بالرؤية الكلاسيكية الغربية. أما عبد الكريم عطيوي فيلقي ظلالا واسعة على منهج الأستاذ النورسي في مسألتي اعتبار المآل واستشراف المستقبل الذي استمده من تدبره للقرآن الكريم، وتفكره في أحوال الكون والإنسان.
وفي جولة مصورة يتناول جواد محمد إبداعي صورة جمال الخلق والإبداع كاشفا عن بدائع سر الكينونة في خلق الخلق، بدءا من الخلق الأول وانتهاء بالصورة التي وصل إليها هذا المخلوق. وفي مقال متميز لهشام الراس يستعرض عددا من الجوانب التي تتسم بها شخصية رائد حركة الخدمة الأستاذ كولن، ويبين من خلال ذلك كيف ينظر علماء وأكاديميو الغرب إلى فكر الأستاذ.
كما تطالعون في هذا العدد الحلقة الأولى من حلقات المفكر سعيد شبار بعنوان “مفهوم الوسطية في تقويم الفكر والاستقامة” يؤطر فيها لهذا المفهوم تأطيرا شاملا باعتباره أحد أهم المفاهيم المحورية والمركزية في ثقافتنا الإسلامية، بغية استعادة وظيفيته وإجرائيته الأصلية في ترشيد وتقويم حياة المسلمين. وفي واحة الأدب يطالعنا أديب الدباغ بتحفته النثرية المعنونة بـ”قلوب وذنوب” يناجي فيها القلوب الطاهرة ويودعها بعضا من جواهر المعاني. كما تبثنا زبيدة هرماس في محاورة قصصية مشاعرها النورانية في أفناء الحرم المكي بعنوان “دردشة تحت الشمس” تستعرض فيها شمس الإسلام الساطعة التي تنشر أشعتها على الناس كافة بلا تمييز.
وفي نهابة العدد مقال رائع في التزكية للطف الله خوجه بعنوان “دواء القلوب” يبين فيه أسباب قساوة القلوب وطرق مداواتها مستأنسا بالسيرة العطرة لسلفنا الصالح.
رابط العدد 57