الخاطرة هي تعبير عن مكنونات النفس وما يدور فيها من صراعات أو حب أو حزن أو حتى ضيق أو ألم أو فرح وسعادة، كما أن الخاطرة هي كلام القلب يترجمه اللّسان لكلمات. والخاطرة هي أن تمسك القلم وتترك لقلبك وروحك وعقلك ووجدانك العنان في التعبير دون شروط ودون قيود ودون أحكام فهي لا تشترط بقافية ووزن أدبي إلا أنه يجب أن يكسوها التناسق في اللّحن والكلمات، نعبر فيها عن أحاسيسنا بسلاسة وطلاقة. حول هذا الموضوع عقدت مجلة حراء حوارًا مع الكتابة العمانية الواعدة مريم الشكيلية.
س1- بداية هل يمكن أن تعطينا نبذة عن بنفسك؟
أنا مريم الشكيلية من شبه الجزيرة العربية بالتحديد من سلطنة عُمان كاتبة خواطر ونصوص أدبية نثرية ومقالات، أنهيت دراستي الثانوية في مدرسة عائشة الريامية للبنات..، نشر لي العديد من الخواطر في صحف عمانية حيث بدأت بنشر بعض الأفكار حول مواضيع نقاشية مجتمعية تخص الشأن العماني، ثم بعد ذلك سلكتُ كتابة الخواطر، فبدأت بالنشر في مجلات عربية مثل صحيفة “الرأي” الكويتية ثم “صداكم” السعودية وبعدها انطلقت في صحف ومجلات ومواقع مختلفة في الوطن العربي وخارجه، وقد نشرت مقالاتي وخواطري فيما يقرب خمسين صحيفة ومجلة وموقع إلكتروني.
س2- كثيرُ من كتابتك وجيزة في المعني والكلمات قوية في إيصال الرسالة، وهذا النوع من الكتابات يعبر عنها بالخاطرة “فما الأسباب التي دفعتك لتبني هذا النوع من الكتابة”؟
الأسباب كثيرة فقد وجدت في كتابة الخاطرة متنفس للتعبير عن ما يتبلور في الذهن وما يجول في الخاطر..، ومن الأسباب أيضا أن الخاطرة في اعتقادي نوع سهل وبسيط لعامة الناس ليس فقط على الكاتب وإنما أيضا على المتلقي، فالخاطرة تتسم بسهولة إيصال التعبير للقارئ، وبإمكان الخاطرة اليوم أن تعبر عن مواضيع جادة ومطروحة في الساحة الحياتية.
ومن الأسباب أيضًا كما أراها هي كثرة هموم الناس حيث أصبحت الخاطرة تعبر وتخرج ما في مكنون النفس، كما أنني أعتمد على كتابة الخاطرة بالشكل الوجيز، فمن وجهة نظري أن المعنى وقوة الكلمة هو الأساس في كتابة أي خاطرة، فالخاطرة التي تصل وتلامس قلوب الناس والقارئ بشكل خاص، تكون قد قامت بوظيفتها وأدت المعنى الحقيقي لوجودها.
س3- هل الخاطرة تعتبر شعرًا، حيث يشبّه كثير من النقاد الخاطرة بالشعر الحر وقصيدة النثر فما رأيكم في ذلك؟
أعتقد أنني أسير في نفس الاتجاه القائل بأن الخاطرة هي نوع من أنواع الشعر أو ما انبثق منه، فلو تأملنا مسار الحياة الشعرية منذ بدايتها إلى اليوم لوجدنا أنها مرت بمراحل تغير أو تجديد، فالخاطرة تعرف اليوم بقصيدة النثر الحر أو النص النثري لأنها تتسم بشكل يختلف عن شكل القصيدة والشعر، سوء من حيث الوزن أو القافية، فالخاطرة كما يتضح لا تتقيد بهذه الشروط فلربما جاء اعتقاد النقاد لها وتصنيفها من هذا المنطلق.
س4- هل يمكن أن تترجم الخواطر عن الأفكار المكنونة داخل النفس البشرية، أو بمعنى أخر هل يمكن تحليل شخصية الإنسان وقراءة أفكاره من خلال خواطره؟
في الكثير من الأحيان نعم ممكن أن تكون الخاطرة تعبيرًا عن مكنونات الكاتب، ويمكن أن تكون الخاطرة مدخل لسبر شخصية كاتبها؛ لأن الكاتب وفي كثير من الأحيان نظم الخاطرة وصاغها بسبب ما يمر به من مواقف أو حوادث في حياته العامة أو الخاصة، لكن أيضًا لا يمكن أن نجزم ونسلم بهذا المعتقد، والخاطرة هي تعبير عن شخصية الكاتب فممكن أن تكون كتابات الكاتب من وحي الخيال، والخاطرة تعتمد على الخيال في كثير من الأحيان، فمن اسمها خاطرة من الخاطر فهي كالومضة التي تضئ الفكر تتشكل من خلالها كلمات، تجعل الكاتب يجول بخياله ويتقمص كل أنواع الشعور من الحزن إلى الفرح..، فإذا جاز لي التعبير يمكن أن أقول عنها إنها حالة وهمية لكتابة نصوص ثرية، أو أن كتابات الكاتب جاءت من اندماج الكاتب مع هموم مجتمعه وقربه من الناس مما يجعله يتبنى قضية أو موقف، يكتب عنه رسالة تعبيرية عن حدث أو موقف أو قضية ما..
س5- لماذا يسيطر الحزن والأنين على أكثر الكتابات في هذا المجال، وخاصة خواطرك، وأين موضع الخواطر الإنسانية في هذا الميدان؟
دعني في البداية أتحدث عن هذا الجانب من منظوري الشخصي وبين قوسين خواطري.. في نظري أن الحزن من أكثر مشاعر الإنسان عمقًا، وعندما يعجز الإنسان عن التعبير عن فيض ما يجول في صدره، تأتي الخاطرة لتقوم بدور المتحدث أو المخرج لهذه المشاعر، وليس بالضرورة كما أسلفت سابقاً أن يكون الكاتب معبر عن مشاعره الخاصة لربما هو ناقل لشعور ومشاعر الآخرين.
أما عن الخواطر الإنسانية فهي موجودة، وحتى وإن كانت خواطر المشاعر والشعور هي الطاغية، فمن وجهة نظري يوجد نوع آخر من الكتابات يمكن أن نعبر عنها بأنها خواطر القضايا أو الخواطر الإنسانية، وهذا النوع من الخواطر متواجد بكثرة وخصوصًا في زماننا الحالي لكثرة قضايا الإنسان والإنسانية.
س6- هل هناك دور مهم تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في عصرنا الحالي لإعادة إحياء هذا الفن وتجديده مرة أخرى؟
نعم صحيح الآن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تزدحم بتواجد الخاطرة بين أدراجها، نظرًا لكثرة مستخدمي هذه الأجهزة والبرامج الإلكترونية ومنصات التواصل الخاصة، لذا أقول إن الخاطرة قد وجدت لها طريقًا إلى الناس بشكل أكبر وإلى شرائح المجتمعات المختلفة، وذلك من خلال ووسائل التواصل الاجتماعي.
س7- لقد نشر لكم على موقع مجلة حراء مجموعة كبيرة من الخواطر، فهل يمكن أن تعطينا نبذة بسيطة عن بداية تعارفك على المجلة؟
يقولون إن الصدفة خير من ألف ميعاد. وأنا أقول إذا كانت الحياة وجدت بتدبير خالق فكل ما فيها من تفصيل هو بتدبير. فالأقدار هي التي جمعتني بمجلة حراء عندما كنت ذات يوم أتصفح محرك البحث جوجل وصادفني مقال جميل -للأسف لا يستحضرني الآن- وكان هذا المقال منشور في مجلة حراء، ثم بدأت بتصفح المجلة ووجدت بين أروقتها مجالات خصبه بالمعرفة، فتأملت أن تفتح لخواطري ذراعيها لتكون في صرحها القيم، فالحمد الله تكللت المساعي بالنجاح وتم نشر خواطري على موقع المجلة، ومن خلال هذا الحديث دعني أعبر عن عظيم شكري وتقديري وامتناني لكل القائمين، على هذا الصرح المعرفي الهام الذي يمثل إضافة مهمة في الحياة الفكرية والعلمية والأدبية والثقافية في الوطن العربي.