يداي النحيفتان تتقطعان
من شدة البرد.
رجلاي الصغيرتان ترتجفان
من قسوة البرد.
عيناي البريئتان تدمعان دما
من عنف البرد.
أنا طفلة
”ماتت على قيد الحياة”
ثلاث سنوات…
احلم أن أعيش مثل أطفال العالم
لكن بردا مميتا
يتسلل إلى روحي الوردية
متحديا بضع ملابس عاجزة ومتآكلة
ليجثم على صدري بعنف
ويرسم على خدي نهاية تعيسة
وأنا أحاول النهوض من سرير ثلج اسود!
أنا طفلة
”ماتت ثلاث سنوات”
على قيد الحياة..
النوم لا يراود جفوني المتقطعة
ليل نهار
من شدة البرد.
في كل يوم
عيناي الصغيرتان
تقطران دمعا يحترق
من قسوة البرد
فيصير ثلجا وصقيعا
يغمران أحلامي البريئة
ويعدان لي قبرا حزينا قاسيا
خال من ألعاب وهدايا أعياد الطفولة.
أنا طفلة
ماتت على قيد الحياة…
سمعت آهات بريئة
لأطفال صغار مثلي
أطفال فلسطين وسوريا وإفريقيا الوسطى:
برد وجوع وقصف وموت…
لكني أظل الأتعس حظا،
لأنه لا أحد يذكر موتي في حياتي،
سأبقى مجهولة…
سأتألم لوحدي وأظل
مجهولة.
سأنتقل من حياة أشبه بموت إلى موت،
ولن يبكي أطفال العالم لأجلي،
لأني مجهولة.
*****
يا طفلة الشمال
أتخيلك الآن تهرولين
صوب ثلاجتك المشغلة
حتى في فصل الشتاء
لتخطفي قنينة حليب مملوءة…
يا أب طفلة الشمال،
أنا الآن أصارع الجوع
ازحف على بطني الرقيق،
لأصل إلى غرفة الأكل،
فلا أجد كسرة خبز الأمس،
ولا قطرة حليب…
في غرفة الأكل،
خشب معد لبرد هذه الليلة،
برد سيكون حتماً،
أشد من برد البارحة.
خشب خزنته أمي،
التي ما زالت تقاوم اليأس،
لتحكي في صمت صاخب يتطلع للربيع،
عن خمسين عاما من المعاناة،
خمسون عاما من البرد والجوع
والموت في الحياة…
لأنها كانت مثلي الآن،
طفلة من الأطلس…
حمزة الشافعي
تنغير- المغرب