النوم نعمة من نعم الله تعالى

النوم نعمة عظيمة من نعم الله تعالى لا يستطيع الإنسان الاستغناء عنها، فإنّه يُبعد عن النائم جميع الأتعاب والآلام والمشوّشات، ويملأه بالحيوية والنشاط، ويجعله مستعدًّا للاشتغال بالأعمال من جديد بعد الاستيقاظ.

عجز الجميع

عندما يخيّم الليل ويبسط رداءه ويسودّ الظّلام، يبدو أنّ كلّ شيء قد اعتراه النوم، فجميع الناس والحيوانات، حتى الجمادات، في حالة استراحة أو استرخاء. ويكون النائم غافلًا عمّا حوله، منتقلًا من عالم الواقع إلى عالم الخيال، فهو لا يستطيع أن يرى شيئًا، أو يقرأ كتابًا، أو يكتب حرفًا، أو يتكلّم مع أحد، أو يضحك أو يبكي، أو يمشي إلى أيّ مكان، أو يلتذّ بشيء من الفواكه والمأكولات المتنوّعة وغيرها من الممتعات، أو يشعر بشيء من الفرح أو الألم. ولا يمكن أن يقوم النائم بكلّ ذلك إلا في عالم التخيل والتوهم. فجميع الناس من الأقوياء والضعفاء، والأغنياء والفقراء، سواسية في حالة النوم، وهم عاجزون فيها عن إنجاز العمل.

النوم شبه الموت

النوم شبيه بالموت، بل هو أخوه، ولذلك عبّر النبيّ الخاتم ﷺ عنه بالموت، ويشير الذكر المأثور قبل النوم إلى ذلك، وهو: “اللّهمّ باسمك أموت وأحيا”. وكثير من الناس ينامون فلا يُقدّر لهم الاستيقاظ، لأنّ الموت يختلسهم في حالة النوم. فالاستيقاظ بصحة وعافية هو بمثابة حياة جديدة، ويقتضي منّا أن نحمد خالق الكون والحياة على ذلك. ولذا علّم النبيّ ﷺ أمّته دعاء الاستيقاظ بقوله: “الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور”. وينتج من ذلك أنّ حياة المسلم وموته ينبغي أن يكونا كلاهما في ابتغاء وجه الله تعالى، فيتدرّب على ذلك بذكر الله عند النوم والاستيقاظ، كما كان يفعل النبيّ ﷺ، ويظهر ذلك جليًّا من الأدعية النبوية.

رسالة النوم

يلهمنا النوم أنّ كلّ شيء يتحتم زواله، فالليل يأتي بظلّ الزوال. تغيب الشمس، وتظهر القمر والنجوم التي لا تتراءى صباحًا. هذا المشهد الكوني يُعلّمنا ألا نغترّ بما آتانا الله من مال أو منصب أو قوّة، لأن قوي اليوم قد يكون ضعيفًا غدًا، مثل غروب الشمس، وكذلك قد يصبح الضعفاء أقوياء يومًا ما، كتلألؤ القمر والنجوم في ظلمة الليل.

كل يوم فرصة جديدة

كثيرًا ما يموت الناس وهم نائمون. فالاستيقاظ بسلامة هو مِنّة عظيمة من الله سبحانه، يعطينا بها كلّ يوم فرصة جديدة للتقدّم، والقيام بما ينفع الإنسانية، والإقبال على أعمال الخير، والاجتهاد في نشر السلام، وخدمة العلم، والسعي للقضاء على ما يضرّ الإنسان من الجهل والمنكرات والأوهام والخرافات. فيحسن بنا أن نجدّد هدفًا نافعًا في الحياة مع كلّ صباح. ولا يعلم أحد متى تنقضي حياته ويحلّ أجله. ولكنّ أخا الموت (النوم) يزورنا كلّ يوم ليذكّرنا بأنّ لحظات الحياة الغالية لا يجوز أن تُعبَث.