أول صفة لهذه الأمة، هي ما قاله الله لها: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(آل عمران:104)، وفي الآية الأخرى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ)(آل عمران:110)، ولكن بأي شيء؟ لم يقل “تؤمنون بالله” في الأول؛ لأن الإيمان يوجد عند هذه الأمة وعند الأمم التي كانت قبلها. إذن ما هي الحاجة التي توجد عند هذه الأمة وتتميز بها ولا توجد عند غيرها من الأمم التي سبقتها؟ إنها ميزة (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(آل عمران:110).
الاستعمار عمِل كل ما في جهده ليوسّع رقعته، لذلك وزَّع العالم الإسلامي أطرافًا أطرافًا. ينبغي على المسلمين ألا يسقطوا في الفخ المشهور “فرِّقْ تَسُدْ”.
ثم جاء (وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ)، لأن الميزة التي تميز هذه الأمة هي ما تضمّنته قصة السفينة، يجب على الآخرين ألا يخرقوا السفينة، ويجب على الأمة أن تحرس السفينة.. وهذا الواقع هو الذي يعالجه قول الله تعالى: (أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ).
إطاعة الله ورسوله
يقول تعالى: (أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ)(الأنفال:1). وفي أي شيء نطيع الله؟ نطيع الله في الذي قاله في القرآن، وفي الذي هو في الحديث، حيث ينبغي ألا يُتَّبع منهجٌ غير منهج الله عز وجل، أو طريق غير طريق رسول الله سبحانه وتعالى. كما يجب عدم اتّباع طرق غير المسلمين في أي مجال من مجالات التديّن والتعبّد والتخلّق، إلا إذا كانت لديهم فائدة علمية أو إدارية توزن بميزان الإسلام، فإذا قَبِلها فمرحبًا بها، وإذا رفضها فيجب أن تَلْزم مكانها. إذن يَلزم الإسلامَ جماركُ لا تسمح بالدخول لأي فَهْم أعوَج، جمارك تترك له فقط الفهْم السليم لكي يطبق النداء الرباني: (أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ).
ولكي تثبتوا حقيقة (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)(الأنفال:46) حذار من التنازع؛ فالاستعمار عمِل كل ما في جهده ليوسّع رقعته، لذلك وزَّع العالم الإسلامي أطرافًا أطرافًا. ينبغي على المسلمين ألا يسقطوا في الفخ المشهور “فرِّقْ تَسُدْ”. إنهم اليوم يريدون أنواعًا جديدة من التفريق عن طريق اللهجات، وعن طريق العِرْقيات.. لذا يجب على الذين آمنوا ألا يفوِّتوا هذه الفرصة على كل المستويات.