قد لثمت شفاههم التّرابا ويلثم قلبيَ النّورَ المذابا
رحلتُ إلى الضياءِ وقد أقاموا ومن رضي الهدى اجتاز السحابا
وما سيّانِ قلبٌ مطمئنٌّ وما سيّانِ قلبٌ مطمئنٌّ
ولي بالمصطفى نسبٌ عريقٌ ولا آلو بحبّيه انتسابا
إذا ما جئتَ روضته بقلبٍ مشوق يسكب الدمع انسكابا
ونار العشق تستعر استعارا قد عذب المقام بها وطابا
فقد بُلّغْتَ إربك دون شكّ ونلت مراد قلب قد أنابا
ونلت مراد قلب قد أنابا خطوب تسرق الذلق الصوابا
فيمّمْ شطْرَ نور أحمديّ تدفّقَ من “حراءٍ” مستطابا
إذا اعتزلت جوانحنا الخطايا على التقوى فقد وعت الخطابا
ولولا ما تلألأ من (حراءٍ) فجلّل نوره شَعَفاً ذؤابا
لما طُرد الظّلامُ عن الحيارى وكان الظّلم للدنيا قِرابا
فنوّر يا إلهي من سناه سراديبي فإنّ القلبَ آبا
وخلّفَ ما تقدّم من خطايا وجاءك يرتجي منك المتابا
وإن تكن الذّنوب تكنّفَتْه فذاق بحرّ جاحمها العَذابا
فمنك برحمة وجميل فضلٍ يصير البحر أنهارا عِذابا
كؤوس الحزن
أنا في مجْمَع البحْرينِ أتلو من الفرقان آيات عِجابا
وقلبي في(حراءَ) له أزيز يُفتّت رجعُه الصمّ الصلابا
(لو انزلنا) دليلك يا فؤادي إذا جئت المفاوز والشعابا
وللعشق المجازيّ التهابُ يقدّ جوانحاً، ويسدّ بابا
وللبرق الحجازيّ اصطخابُ يُحلّ القلبَ أوديةً رغابا
وللحُسْن الشرازي انتسابُ إلى البطحاء ما كان اجتلابا
وقد طرقتْ يدُ الألطاف قلبي وما أحرى المجيبَ بأن يجابا
يزلّ العبْدُ ثمّ له مآبُ فما لك قد أطلت له العتابا ؟
وقدْ صيّرتَ دمع القلب بحراً وللإبحار أعْددْت الركابا
هيا رباه أنضيتُ المطايا وطفت مفاوزاً، وقطعت غابا
فما أدركت من وطري نقيرا ولا ألفيت في دربي صحابا
كأني كنت أحرث في بحارٍ وأودع بذرة العمر العبابا
ألم تر أنني أنفقت عمري مع الأهواء أستسقي السرابا؟
فكم ليلى اصطفيتُ وكم سعاد فكم ليلى اصطفيتُ وكم سعاد
فلما صوّح الوردُ استبانتْ ملامحُ هذه الدنيا خرابا
وقلت لمن بسطتُ لها يميني: قطعت العمر شوقا واغترابا
فلما جئت ورْدكِ لم يزدني سوى ظمأ.. ولم أملك خطابا
أإقبالا وإدبارا، وبردا ونارا، وابتعادا واقترابا؟
ويا نفسي التي أترعت حزنا وذقت مرارة الهجر انتحابا
كؤوس الحزن أعذب من كؤوس توَرّثكِ العذاب والارتيابا
ولسع السّيف أهون من جحيمٍ تقدّ الهام أو تفرى الذنابى
وما الحسراتُ إلا في المعاصي وإن أوتيتَ جنّاتٍ نصابا
وفي الطاعات نور ليس يفنى وكأسُ الموت بالطاعات طابا
طرقتُ بيادر الدنيا اختلاسا وذقت طعامها شهدا وصابا
فلم أر مثل ذخرك أنت ذخراً ولم أر غير بابك – ربّ – بابا
أنلني يا عظيم العفو عفوا فإنّ الذنب أوسعني عقابـا
تقر الشامخات ولا قراراً لعبد خاف من غده الحسابا
سرحة مالك
أنا بمدارج العشّاق فذّا كهمْس المُزن ينصبّ انصبابا
أرى العُشّاق يصطرخون حولي سكارى ما تحِير لهم جوابا
ولي من نشوة الصّحو احتراق أذاب القلب واصطلم الإهابا
كأنّ هدير أوقيانوس وجدٍ تغلغل في الحشا لمّا أهابا
أتاني من شميم عرار نجد خطاب، يفتدي دميَ الخطابا
له من أبجديات المعاني حروف تمنح القلب الشبابا
أتاني والصواعق مرسلات كأنّك شاحذ ظفرا ونابا
وعصف الريح يقتلع البرايا كما أعددت للحرب الحرابا
أتاني فالربيع له انطلاق يغنّيك (الليالي) و(العتابا)
فيا أكرومة الحيّين رفقا وقاك اللّه سهماً قد أصابا
وبلّغَك المكارم سابغاتٍ ولقّاك النعيم المستطابا
خُلقتِ أميرةً تطأ الثريّا محاسنُها منعّمةً كعابا
لماذا أنت هادئة شهودا لماذا أنت عاصفة غيابا؟
فهل أشتط يوما في دعائي وأستسقي رحيقك والملابا؟
وأطمع في ثيابك سندسيّا ومن بستانك الخضر الرطابا؟
وتلك الكأس تشرق في يميني سنا الإيمان يعلوها حبابا
وما لي حين أهتف باسم ليلى يقول الناس شيخ قد تصابى؟
كأنْ لم يهتف العبّاد قبلاً وقسّ لم ير العشق اللّبابا
لئن كنّيت قد كنّى ابن ثور وسرحة مالك برزت كعابا
وإن صرّحت فالمجنون قبلي أفاض، ومن أفاض فقد أنابا
ومن شرف الهوى أني صريحُ ومن شرف الهوى أني صريحُ
أخاف يزلّ إن أنطقْ لساني وإن أصمتْ يكن صمتي انتحابا
بذلت الروح في الغمرات حبّا ولم أطلب على الحبّ الثوابا
فجاء دعاؤك الموفور سيبا نديّا يبعث الأرض اليبابا
لماذا جئتِني والقلبُ عارٍ وثوب العمر ينتهب انتهابا؟
يذكّرني جمالكِ حين يبدو جِنان الخلد مونقة رحابا
وضوء الشمس خلف الغيم أبهى وأعذب وهو ينسكب انسكابا
ويحملني سناك إلى سناها ويكشف دونَ غَرفتها النقابا
تحدّر مزنك الفوّاحُ طيبا سماويّا ولم يعرف سحابا
وشمس الحقّ من فوديك راحت تضيء بأمر باريها الهضابا
كطيف يمامةٍ عبرتْ قرونا إليكَ ممالك العشق انسيابا
لئن آنستُ عند حِماك وِردا لقد لاقيت من نصَبي نِصابا
فقل لابن الملوّح وهو يتلو من الصبوات شعرا مستطابا
إذا ما العشقُ لم يُبْلغْك داراَ منعّمةً غدا عشقا كِذابا
وقل للعامريّة حيث حلّت وقد لبست من التقوى ثيابا
سبيلُ النور أنت بدون شكّ ومن يبْصر حقائقه استجابا
فسبْحان الذي سوّاك سرّاً عن الخطرات والأذهان غابا
خديجة كانت الدّرع الموقّى وكان لمرْيمَ التقوى حجابا
وللزهراء سرّ أحمديّ دم السّبطين صار له جرابا
وكان مدينةً للعلم طه وكان المرتضى للعلم بابا