من بين ثمار الشتاء التي تجمع بين اللذة والفائدة، يبرز البرتقال بصفته رمزًا للنقاء والعافية، إذ تنبعث من لونه الزاهي رائحة الدفء، ومن طعمه المائل إلى الحلاوة حيويةٌ تُنعش الجسد والروح. هذه الفاكهة التي تُعد من أشهر أفراد عائلة الحمضيات ليست مجرد متعة ذوقية، بل هي صيدلية طبيعية متكاملة تجمع بين الوقاية والعلاج.
مصدر ثري بفيتامين “ج” ومضادات الأكسدة
يُعد البرتقال من أغنى الثمار بفيتامين C الذي يُسهم في تعزيز جهاز المناعة، ومكافحة العدوى الفيروسية والبكتيرية، وتسريع التئام الجروح. كما يحتوي على مضادات أكسدة قوية مثل الفلافونويدات والكاروتينات، التي تحمي الخلايا من التلف وتقاوم تأثير الجذور الحرة المسببة للشيخوخة والأمراض المزمنة.
صحة القلب والدورة الدموية
تناول البرتقال بانتظام ينعكس إيجابًا على صحة القلب، إذ يساعد على خفض مستوى الكوليسترول الضار LDL وزيادة الكوليسترول النافع HDL، كما يساهم في تنظيم ضغط الدم بفضل محتواه من البوتاسيوم والمغنيسيوم. وتشير الدراسات إلى أن الألياف الذائبة في البرتقال تعمل على تحسين حركة الدم وتقوية جدران الأوعية الدموية، مما يقلل من خطر الإصابة بتصلب الشرايين.
البرتقال والجهاز الهضمي
تحتوي حبة البرتقال الواحدة على نسبة عالية من الألياف الغذائية التي تسهم في تحسين عملية الهضم والوقاية من الإمساك وتنشيط حركة الأمعاء. كما يساعد عصيره الطبيعي (غير المحلى) على تحفيز إفراز العصارات الهضمية وتنقية الجهاز الهضمي من السموم.
البرتقال وجمال البشرة
يُعتبر البرتقال صديق البشرة بامتياز؛ إذ يعمل فيتامين C على تحفيز إنتاج الكولاجين، مما يمنح الجلد مرونته ونضارته، ويقلل من التجاعيد والبقع الداكنة. كما أن مضادات الأكسدة تقي خلايا البشرة من الأضرار الناتجة عن التعرض لأشعة الشمس والتلوث البيئي، فيبدو الوجه أكثر إشراقًا وصفاءً.
البرتقال والطاقة والمزاج
تساعد السكريات الطبيعية الموجودة في البرتقال على تنشيط الجسم وإمداده بطاقة فورية دون رفع حاد في مستوى السكر بالدم، كما أن رائحته العطرية المنعشة تُحدث تأثيرًا نفسيًّا إيجابيًّا، فتقلل من التوتر وتُحسّن المزاج العام، مما جعل زيوته تُستخدم في العلاج العطري (Aromatherapy).
فوائد أخرى متعددة
– يساعد في تقوية العظام والأسنان بفضل احتوائه على الكالسيوم والفوسفور.
– يساهم في الوقاية من فقر الدم عبر تحسين امتصاص الحديد من الأغذية.
– يُنقّي الكبد ويُحسّن وظائفه.
– يحد من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان بفضل مركباته النباتية النشطة.
خاتمة
البرتقال ليس مجرد فاكهة شتوية منعشة، بل هو رمزٌ للطبيعة في أبهى صور سخائها، يمد الإنسان بالصحة والنشاط، ويذكّره أن دواء الجسد قد يكون في ثمرة حلوة المذاق، تُهديها الأرض للإنسان بلا مقابل. إن تناول حبة برتقال يوميًّا ليس عادة غذائية فحسب، بل أسلوب حياةٍ يسعى إلى التوازن بين الجمال والغذاء والشفاء.


