خداع الطبيعة: أسرار الأشجار السامة

تُعد الأشجار من أهم مظاهر الطبيعة التي تُحيط بالإنسان، إذ تمنحه الظل، وتوفر الأوكسجين، وتساهم في التوازن البيئي. إلا أن هذا الجمال الطبيعي لا يخلو من الخطر، إذ توجد بعض الأشجار التي تُخفي في أوراقها أو لحائها أو ثمارها سُمومًا قاتلة، قد تؤدي إلى التسمم أو حتى الوفاة إذا لم يُحسن التعامل معها. في هذا المقال، نستعرض أبرز أنواع الأشجار السامة، وأسباب سميّتها، وطرق الوقاية منها.

أشهر أنواع الأشجار السامة:

1- ياسمين نيرجس (Thevetia peruviana) – التفاح الأصفر السام

انتشاره في مصر:

يُعد Thevetia peruviana من النباتات المنتشرة على نطاق واسع في مصر، حيث يُزرع في:

  • الحدائق العامة والميادين،

  • جوانب الطرق،

  • المساحات الخضراء في المدن الجديدة مثل القاهرة الجديدة، 6 أكتوبر، والعاشر من رمضان،

  • وفي محافظات الوجه القبلي لما يتحمّله من درجات الحرارة العالية.

يُعرف نبات Thevetia peruviana بأسماء عديدة منها ياسمين نيرجس والتفاح الأصفر والدفلى الصفراء، وهو شجيرة زينة دائمة الخضرة تنتمي إلى فصيلة الأبوسينيات. يتميز بأزهاره الأنبوبية ذات اللون الأصفر الزاهي، وأوراقه الضيقة اللامعة التي تضفي عليه مظهرًا جذّابًا جعله شائع الاستخدام في الحدائق والمتنزهات بالمناطق الاستوائية وشبه الاستوائية.

ورغم جماله اللافت، فإن هذا النبات يُعد من النباتات السامة، إذ تحتوي جميع أجزائه – وخاصة ثماره التي تشبه التفاح الصغير – على مركبات جليكوسيدية قلبية قد تُسبب تسممًا حادًّا وربما الوفاة إذا تم تناولها عن طريق الخطأ، خصوصًا لدى الأطفال أو الحيوانات.

تعود أصول هذا النبات إلى أمريكا الوسطى والجنوبية، لكنه انتشر في أنحاء مختلفة من العالم بفضل تحمّله للحرارة والجفاف. ورغم وجود استخدامات طبية تقليدية له في بعض الثقافات، إلا أن سُميته العالية جعلت التعامل معه يتطلب حذرًا شديدًا.

يمثل ياسمين نيرجس مثالاً للنباتات التي تجمع بين الجمال والخطر، وهو تذكير بأن الطبيعة، رغم بهائها، قد تخفي في طيّاتها سمًّا فتاكًا.

2- الدفلى (Nerium oleander) شجيرة الزينة السامة

يُعرف نبات الدفلى أو الدفلة علميًا باسم Nerium oleander، وهو شجيرة دائمة الخضرة تنتمي إلى الفصيلة الأبوسينيات. يتميز هذا النبات بأزهاره الزاهية التي تأتي بألوان متعددة مثل الأبيض، الوردي، والأحمر، مما يجعله من أكثر نباتات الزينة شهرة في الحدائق العامة، الميادين، وعلى جوانب الطرق في المناطق الدافئة.

رغم جماله اللافت، فإن الدفلى يُعد من النباتات السامة، حيث تحتوي جميع أجزاء النبات (من أزهار، أوراق، وحتى جذور) على مركبات جليكوسيدية قلبية، مثل oleandrin، التي تؤثر بشكل مباشر على القلب والجهاز العصبي. السمّية الناتجة عن تناول أجزاء من النبات يمكن أن تؤدي إلى التسمم الشديد، مع أعراض تشمل الغثيان، اضطرابات القلب، الدوار، وقد تصل إلى الوفاة في بعض الحالات.

انتشاره في مصر

يُعد الدفلى من النباتات المنتشرة بشكل واسع في مصر، حيث يُزرع في:

  • الحدائق العامة،

  • المتنزهات،

  • جوانب الطرق الرئيسية،

  • المؤسسات الحكومية.

يُفضل زراعته لقدرته على التحمّل في الظروف المناخية القاسية، مثل الحرارة المرتفعة والتلوث، مما يجعله مناسبًا للمناطق ذات المناخ الجاف.

ومع انتشاره الواسع، فإن الدفلى يتطلب حذرًا خاصًا في التعامل معه، خاصة في الأماكن التي يرتادها الأطفال، وذلك لتجنب حالات التسمم الخطيرة.

3- شجرة المانشينيل (Manchineel):

الاسم الشائع: تفاحة الموت / شجرة الشاطئ السامة

الاسم العلمي: Hippomane mancinella

الانتشار في مصر:
غير موجودة في مصر؛ تنمو في أمريكا الوسطى ومنطقة الكاريبي فقط. لم تُسجل كنبات بري أو زينة في مصر بسبب خطورتها الشديدة.

تُلقب بـ”أخطر شجرة في العالم”، وتنمو في مناطق الكاريبي وأمريكا الوسطى، وشمال أمريكا الجنوبية.

تحتوي على عصارة بيضاء سامة يمكن أن تسبب تقرحات جلدية شديدة عند ملامستها، وحتى الوقوف تحتها أثناء المطر قد يؤدي إلى حروق جلدية بسبب تساقط قطرات تحتوي على السموم. ثمارها تشبه التفاح الصغير، لكنها شديدة السمية وقد تكون قاتلة عند تناولها. وتحتوي أوراقها وثمرتها على مادة سامة تسبب حروقًا جلدية مؤلمة وقد تؤدي إلى العمى إذا لامست العين. كما أن تناول ثمرتها، التي تشبه التفاح، قد يؤدي إلى الوفاة.

4- شجرة الخروع (Castor Bean):

الاسم الشائع: الخروع

الاسم العلمي: Ricinus communis

الانتشار في مصر:
منتشرة جدًا في مصر، خصوصًا في المناطق الزراعية والريفية، وتُستخدم لاستخلاص زيت الخروع. يجب الحذر الشديد من بذورها السامة.

شجرة الخروع تتميز بأوراقها الكبيرة والمفصصة، وتنتج ثمارًا تحتوي على بذور تُستخدم لاستخلاص زيت الخروع. تُزرع هذه الشجرة في العديد من المناطق حول العالم، بما في ذلك مصر، وتُستخدم لأغراض طبية وصناعية.

تُزرع لأغراض الزينة واستخلاص زيت الخروع، لكنها تحتوي على مادة “الريسين” شديدة السمية في بذورها. كمية صغيرة جدًا منها تكفي لقتل إنسان بالغ إذا تم تناولها دون معالجة.

5- شجرة التفاح الشائك (Strychnine Tree):

الاسم الشائع: شجرة الستركنين / جوز الستركنين

الاسم العلمي: Strychnos nux-vomica

الانتشار في مصر:
غير منتشرة كنبات طبيعي، لكنها قد تُزرع في الحدائق النباتية أو تُستورد لأغراض بحثية. لا تُعتبر من النباتات الشائعة في البيئة المصرية.

هذه الشجرة متوسطة الحجم تنتمي إلى عائلة اللوغانياسية (Loganiaceae) وتنتشر في الهند وجنوب شرق آسيا. تُعرف بأنها المصدر الطبيعي لمركب الستركنين السام، الموجود في بذورها المستديرة التي تُعرف أحيانًا باسم “زر الكواكر” أو “جوزة القيء”.

تحتوي بذورها على مادة “الستركنين”، وهي مادة قاتلة تُسبب تشنجات عضلية شديدة تؤدي إلى الوفاة في غضون ساعات قليلة في حال التسمم بها.

6- شجرة الطقسوس (Yew Tree):

الاسم الشائع: الطقسوس

الاسم العلمي: Taxus baccata

الانتشار في مصر:
نادرة جدًا. تُزرع أحيانًا لأغراض الزينة في المناطق الباردة أو الحدائق الخاصة، لكنها غير منتشرة في الطبيعة بسبب عدم ملاءمتها للمناخ المصري.

تُعتبر شجرة الطقسوس من الأشجار الصنوبرية دائمة الخضرة، وتتميز بأوراقها الإبرية وثمرها الأحمر اللامع الذي يُعرف باسم “أريل”. تنمو هذه الشجرة في مناطق مختلفة من أوروبا وشمال إفريقيا وغرب آسيا، وتُستخدم في تنسيق الحدائق نظرًا لجمالها وقدرتها على التشكيل.

يرجى ملاحظة أن جميع أجزاء الشجرة، باستثناء الغلاف الأحمر للثمرة، سامة وقد تكون خطيرة عند تناولها.

شجرة دائمة الخضرة، تُستخدم للزينة، إلا أن جميع أجزائها تقريبًا (عدا اللب المحيط بالبذور) سامة. تحتوي على مادة “التاكسين” التي تؤثر في الجهاز العصبي وقد تُسبب الموت المفاجئ.

7- شجرة الجيمبي جيمبي (Gympie-Gympie):

الاسم الشائع: نبات اللسعة / نبات الألم

الاسم العلمي: Dendrocnide moroides

الانتشار في مصر:
غير موجودة في مصر على الإطلاق. موطنها الأصلي في غابات أستراليا الشمالية الشرقية، وتُعد من أخطر النباتات في العالم من حيث التأثير العصبي.

تُعد هذه الشجرة من أكثر النباتات سُمية في العالم، وتنتشر في الغابات المطيرة شمال شرق أستراليا وإندونيسيا. تتميز بأوراقها الكبيرة على شكل قلب، المغطاة بشعيرات دقيقة تحتوي على سموم عصبية قوية. عند ملامسة هذه الشعيرات، يمكن أن تسبب ألمًا شديدًا يستمر لأيام أو حتى أسابيع، وقد تم تسجيل حالات أدت إلى دخول المستشفى بسبب شدة الألم.

تنمو في أستراليا وتُعد من الأشجار ذات الشعر اللاذع المغطى بسموم تُسبب آلامًا عصبية مبرحة قد تستمر لأشهر.

كيف تؤثر هذه السموم على الجسم؟

تتنوع تأثيرات السموم النباتية بين تأثير موضعي كالحروق الجلدية، وتأثيرات جهازية مثل التشنجات العصبية، شلل العضلات، أو توقف القلب. وغالبًا ما تكون السموم موجودة في عصارة الشجرة، أو في الأوراق، أو في البذور، مما يجعل الاتصال المباشر بها أو استهلاكها خطيرًا للغاية.

طرق الوقاية من خطر الأشجار السامة

  • التوعية: من المهم نشر الوعي بأن ليس كل شجرة جميلة هي بالضرورة آمنة، وضرورة معرفة الأنواع السامة خصوصًا في المناطق البرية أو الحدائق العامة.
  • تجنب لمس أو أكل النباتات غير المعروفة.
  • ارتداء القفازات عند العمل في الحدائق أو التعامل مع النباتات المجهولة.
  • التوجه فورًا للطبيب في حال ظهور أعراض غريبة بعد ملامسة أو تناول أي جزء من شجرة غير معروفة.

ملاحظات عامة

  • من بين الأشجار السامة المذكورة، الخروع هو الأكثر انتشارًا في مصر، ويُعتبر مصدرًا اقتصاديًّا مهمًّا لكنه بحاجة إلى تحذير توعوي واضح.
  • لا تُزرع الأنواع الأخرى بشكل واسع في مصر إما بسبب خطرها أو عدم ملاءمة المناخ المحلي لها.

خاتمة:

إن الأشجار السامة تذكير حي بأن الطبيعة تجمع بين الجمال والخطر، وهي دعوة لاحترام هذا التوازن الدقيق والتعامل مع العالم الطبيعي بحذر ومعرفة. فكما تهبنا الطبيعة دواءً وغذاءً، قد تخفي بين طياتها سمًّا قاتلاً لمن يجهل خباياها.