(نَعْبُدُ اللهَ بِخِدْمَةِ النَّاسِ)
| لَـمْ يَغْرُبِ الشَّمْسُ إِلَّا تارِكًا شَــــفَـقَا | ضَــوْءَ اللَّيالِي، وَنُورَ العُمْرِ، وَالعَبَقَا |
| لَـمْ يَغْرُبِ الشَّمْسُ إِلَّا بَعْدَ سَطْعَتِهِ | سُطُــوعَ أُنْـــسٍ وَزُهْـــدٍ، حَــلَّ مُــؤْتَـلِـقَا |
| لَـمْ يَغْرُبِ الشَّمْسُ، لَكِنْ غابَ عَنْ أُفُقٍ | وَهْجُ النُّجُومِ، فَكانَ الوَهْجَ وَالأُفُــقَا |
| لَـمْ يَغْرُبِ الشَّمْسُ حَتَّى حَفَّنَا غَسَقٌ | دِفْءُ الشِّتاءِ، وَظِلُّ الصَّيْفِ قَدْ غَسَقَا |
| وَما اسْتَفاقَ ذَوُو الأَحْزانِ مِنْ شَجَنٍ | حَــتَّى أُصِـــيــبُـــوا بِـفَـتْــحِ اللهِ أَنْ زَهَـــقَا |
| روحٌ تَطُوفُ عَلى الأَحْبابِ تَـجْمَعُهُمْ | إِذْ وَدَّعُــــوهُ، وَجُـلُّ النَّاسِ قَـــدْ صُعِقَا |
| لَيْـــسَ الــــوَداعُ لِــوَجْــهٍ كانَ مُبْـــتَسِمًا | يُقَــبِّلُ الـبُشْـــرَيَاتِ؛ الـــرَّأْسَ وَالـعُــنُــقَا |
| لَيْـــسَ الـــوَداعُ لِقَلْــبٍ ظَـــلَّ دَيْــدَنُــهُ | تَسْبِــيحَ دَقَّاتِــهِ، حَــتَّى احْــتَــــوَاهُ تُــقَــى |
| لَــيْـــــسَ الغُــــروبُ لِأَرْوَاحٍ تُـــــــوَدِّعُــــنا | تَعِيــشُ فِينا، وَيُـمْسِي الـجِسْمُ مُفْتَرِقَا |
| إِنَّ الـــــوَداعَ وِصـــالٌ بَـــيْـــنَ أَفْـــئِـــدَةٍ | تَفْنَى الجُسومُ، وَيَبْقَى الفَتْحُ مُنْطَلِقَا |
| يُــطَــمْــئِــنُ الـحائِــــرَ الـمِسْكِينَ طَمْأَنَةً | تَهْدِيهِ دَرْبَ الأُلَـى قَــدْ أَوْلَـجُـوا طُرُقَا |
| وَيُـــرْسِلُ الدَّعْـــوَةَ الـحُسْــنَى إِلَى خَدَمٍ | قَوْلًا، وَفِعْلًا، فَخَيْرُ القَوْلِ ما صَدَقَا |
| يَدْعُـــو إِلـى الـحُبِّ، حُبِّ اللهِ، يَنْشُرُهُ | وَمَــنْ تَــــوَلَّ بَــغِــيـضًا، ضَــلَّ وَاحْتَرَقَا |
| كُــونُــوا عِبَادًا لِرَبِّ العَرْشِ، وَاغْتَنِمُوا | بِـخِـــدْمَـــةِ النَّاسِ غُــنْـــمًا واسِـــعًا نَسَقَا |
| النَّفْـسُ تَرْجُـــو لِقَاءَ النُّـــورِ، يَـمْنَحُهُا | صَفْـــوًا؛ لِتَسْــــبِقَ أَنْــفاسَ العُــلا سَبَقَا |
| هامَـتْ هُــيَامًا، وَوَلَّــتْ شَطْـــرَهُ أَمَــلًا | بِالفَــتْحِ، يَغْـدُو حَــقِيقًا بَعْـدَما غُـلِــقَا |
| أَمْضَى سِنينَ، وَمَــا انْفَكَّــتْ دَعائِمُهُ | مَرْكُــوزَةً بِـحِــراءِ النِّــيلِ؛ حَـيْثُ سَقَى |
| تَـأْلِيـفُ قَلْـبٍ إِلــى الإِسْلامِ يشَرْحُهُ | تَــأْلِيـــفُ كُــتْــبٍ بِــفِـكْرٍ سَــــوَّدَ الـــوَرَقَا |
| مِـحْــرابُهُ جَــنَّــةٌ فِـي الأَرْضِ يَـسْـكُنُها | وَضَـــمَّ فِيـهَا مِـــنَ الـــوِلْدانِ مــا وَثِــقَا |
| زَكَّاهُــمُ فِــي رِحـــابِ العِـلْـــــمِ تَـــزْكِــيَةً | ثِـمارُ مــاضٍ، وخِــدْمِـيٌّ هُــنا انْـطَــلَقَا |
| يَسَّابَقــــونَ إِلـــى الـخَــــيْراتِ، تَعْـــرِفُهُمْ | بَانَـتْ عَلَيْــهِــمْ أَمـارَاتُ النُّـهَـى عَـــرَقَا |
| يــا قـارِئِـــينَ قَــصِـــيدَ الـــفَتْـــحِ مَعْـــــذِرَةً | فَلَـمْ أَجِدْ غَيْـرَ فَــنِّ الشِّعْـــرِ مُسْتَبِقَا |
| قَــضَّــيْــتُ لَــيْلَــةَ مَـحْـــــــزونٍ يُــــؤَرِّقُــــــهُ | حَـــدُّ الـمَحَــبَّــةِ أَنْ تَلْـقــى بِــها أَرَقَا! |
| وَقَدْ أَتَيْتُ بـِمَــرْثاتـِي، فَـــــمَا مُزِجَتْ | إِلَّا بِدَمْـــــعٍ هَــتُـــونٍ يَـمْـلَـــؤُ الـحَـــدَقَا |
| إِنَّ الَّذِي قَدْ مَضَى مِنْ حُسْــــنِ سِيرَتِهِ | غَيْضٌ جَرَى مِنْ فِيُوضِ الفَتْحِ مُنْدَفِقَا |
| وَلَسْـــتُ أَدْرِي سَبيلًا كَـــيْ أُحيـــطَ بِهِ | فَــــما أَراهُ كَــــثــــيرًا بـَــحْـــــرُهُ غَـــــــــــــــرِقَا |
| وَلَيْـــتَ شِعْـــرِي؛ أَيُـــرْضِـيهِ، وَيَــقْــبَلُهُ | بَــيْــنَ الظِّلالِ، لِسانُ الضَّادِ قَدْ نَطَقَا |
| وَما أَرَدْتُ سِــــــوى تَشْـــريفِ مَوْهِبَتي | بِـما مَدَدْتُ يَدِي، وَالقَلْبُ قَدْ خَفَقَا |
| يَــدْعُـو الإِلَـهَ لِأُسْــــتاذٍ قَـضــى أَجَـــلًا | يَـجْــزيهِ عَفْوًا، وَيَسْتَوْفِي الـجَزاءَ لِقَا |
(*) شاعر وأكاديمي مصري.
الهوامش
* تم كتابة هذه القصيدة في فجر يوم الجمعة (25 أكتوبر 2024م).
* في وداع روح الأستاذ محمد فتح الله كولن، الذي وافته المنية مساء الأحد 20 أكتوبر 2024م.


