لا شك أن كل فرد منا قد عانى ذات يوم من نوبة فواق، وربما كانت لحظات المعاناة هذه عابرة. وعلى الرغم من الإزعاج والإحراج الذي قد تسببه بطبيعتها المفاجئة، فإن هذه الحالة تعتبر واحدة من الظواهر التي نتعود عليها بسهولة. والسؤال الذي يفرض نفسه هو: ما هي هذه الظاهرة؟ وما سببها؟ وهل لها علاج؟
الفواق ظاهرة شائعة جدًّا، تصيب تقريبًا كل إنسان وحتى قبل أن يخرج إلى هذا الوجود. فمعظم الحوامل يُخبرن بأنهن قد شعرن بحدوث الفواق عند الجنين، وخاصة في الأشهر الأخيرة من الحمل. تحدث بمعدل 4-60 مرة في الدقيقة، وتظل على معدل ثابت تقريبًا عند الشخص المصاب. وتختفي عادة بعد بضع دقائق، إلا أنها قد تستمر… يصاب معظمنا بالفواق (الزغطة) من وقت لآخر، وعلى الرغم من أنها حالة محرجة للبعض ومزعجة كما ذكرنا، إلا أنها عابرة وغير مضرة، ولا تستمر أكثر من بضع دقائق، ثم تختفي من تلقاء نفسها في وقت قصير، ولذلك لا تعتبر حالة طبية، بل أحد الأعراض التي قد تسبب بعض التشنج في البطن والصدر والحلق. ويمكن أن تستمر إلى ساعة، وهو ما قد يشير أحيانًا إلى وجود حالة أكثر خطورة.
التسمية
يطلق أهل الشام ومن شاركهم في لهجتهم على هذه الحالة “الحازوقة” لما فيها من معنى التضييق على النفس وحزق جوانبه عن المرور. ويترادف نفس الاسم في حواضر عربية أخرى، ليقولوا عنها “الحزَق” و”الحزْقة” و”الحزاق” و”التحزيق”. أما أهل الحجاز فيسمونها “الفُهّيقة”، مستمدين هذا المصطلح من الاسم العربي الأصلي “الفواق”، مضيفين له حرف الخاء الذي هو من أشهر حروف الهواء عمقًا في المجرى التنفسي. وأما أهل مصر، فالأمر عندهم مرتبط بالأكل والنفس معًا بإضافة قليل من الماء، لينتج عن ذلك اسم جميل هو “الزُّغُطّة”. وفي الغرب العربي، هناك من يسميها “الشُّهيقة” متماثلين في وزن الكلمة مع أهل الحجاز، مستبدلين الفاء بالشين. ولعل عربًا آخرين تعددت تسمياتهم لها ابتداءً من “أبو فهاق” و”أبو فواق” و”الزقزوقة” وغير ذلك من التراكيب اللغوية التي لا تخرج عن الامتداد الطبيعي للحروف عبر القصبة الهوائية والحلق وانتهاء باللسان العاجز عن تحديد مصدر هذه الانقباضات اللاإرادية في الجهاز التنفسي للإنسان.
ما هي الحازوقة؟
هي عبارة عن انقباضات سريعة لا إرادية تحدث في الحجاب الحاجز، وتتزامن هذه الانقباضات مع رد الفعل العكسي بإغلاق لسان المزمار في الحلق. وعند حدوث ذلك، ينتج صوت الحازوقة. والسبب في ذلك أنه عند تقلص الحجاب الحاجز يدخل الهواء بشكل قسري عبر الأوتار الصوتية، فيؤدي ذلك إلى حدوث الاهتزاز العنيف فيها وصدور صوت الحازوقة المميز، والذي يسبب الإحراج للبعض.
أسباب الفواق
من أهم أسبابها أن تناول الطعام أو الشراب أكثر من اللازم يؤدي إلى تمدد المعدة وانتفاخها، مما يضغط على الحجاب الحاجز. وأحيانًا يكون السبب المشروبات الغازية، فضلاً عن أسباب أخرى مثل التهاب الحنجرة والرئتين، التدخين، جفاف الجسم ونقص السوائل، نقص في الفيتامينات. وهي بالمجمل حالة عرضية قد تكون مرضية. ولهذا السبب، إذا كنت من الذين يصابون دائمًا بالزغطة، فمن الأفضل الانتباه إلى العناصر الغذائية المذكورة آنفًا. أيضًا هناك حالات نفسية عديدة -من قبيل التوتر والخوف- يمكن أن تسبب هذه المشكلة، كما قد تؤدي التغيرات المفاجئة في الحرارة، أو استهلاك بعض أنواع الأدوية على غرار مضادات الاكتئاب والالتهاب وبعض المضادات الحيوية والمهدئات، إلى الإصابة بالفواق. وحتى هذه اللحظة لم يتم التوصل إلى سبب ظهور الفواق عند بعض الأشخاص، كما أنه عادة ما يختفي بنفس الطريقة الغامضة التي ظهر بها.
فوائد الزغطة
لا يعرف الكثير عن فوائد الزغطة للجسم ولا زال أهميتها يشكل لغزًا إلى وقتنا الحالي. ولكن هناك بعض النظريات التي قد تفسر ذلك، أحدها أنها تقوي عضلة الحجاب الحاجز، مما يساهم في إعداد الطفل للتنفس بمجرد ولادته. يشير هذا إلى احتمالية تطور الحازوقة خلال فترة التطور الجنيني أثناء تطور الرئة والعصب العاشر. أيضًا توصلت دراسة حديثة إلى أن الفواق قد يلعب دورًا في نمو أدمغة الأطفال، واستندت هذه الدراسة إلى مسح أدمغة الأطفال حديثي الولادة. ومن المرجح أن يكون هناك سبب تنموي، من شأنه أن يفسر سبب إصابة الأطفال حديثي الولادة بالفواق في كثير من الأحيان. وخلصت الدراسة إلى أن الفواق يمكن أن يساعد دماغ الطفل على تعلم التحكم في عضلات التنفس.
أضرار الزغطة
يمكن أن تكون نوبة الزغطة الطويلة ضارة بالصحة إذا تركت دون علاج، فقد تصيب الفرد بالأرق والإجهاد، أو التعب الشديد، أو سوء التغذية، وفقدان الوزن، والجفاف، أو التأثير على الكلام، وطريقة التحدث، وعدم انتظام نبضات القلب، أو الإصابة بارتجاع المريء.
طرائف عن الحازوقة
- يعتقد بعض الأشخاص ممن يؤمنون بالخرافات أن التلويح بحدوة الحصان في وجه الشخص المصاب بالفواق يمكنه أن يعالج تلك النوبة.
- تم تسجيل أول حالة من الفواق عام 1899 لجنين داخل رحم أمه في الشهر الخامس من الحمل عندما أصبح استخدام أجهزة الموجات فوق الصوتية أمرًا شائعًا في عيادات الأطباء.
- سجل الأمريكي “تشارلز أوزبورن” أطول فترة حازوقة في التاريخ، التي بدأت معه منذ عام 1922 وانتهت بعد 68 عامًا. وبلغ متوسط ما عانى منه في حياته من عدد مرات للحازوقة 595,680,000 حازوقة! وبذلك تم تسجيله في موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
- لا يقتصر الفواق على الإنسان فقط، وإنما يمكن أن يصيب الحيوانات أيضًا مثل القطط والكلاب، ولكن لا يصدر منها نفس الصوت الذي يصدر من الإنسان عند حدوث الحازوقة نظرًا لأنها لا تتمتع بوجود الأحبال الصوتية.
- أيضًا إصابتك بالحازوقة في الهند تعني أن هناك شخصًا ما من عائلتك يفكر فيك.
- حصلت مراهقة أمريكية من ولاية فلوريدا تدعى جنيفر مي عام 2007 على شهرة إعلامية واسعة بعد تعرضها لنوبة فواق بلغت ما يقرب من 50 مرة في الدقيقة الواحدة على فترة امتدت لأكثر من خمسة أسابيع، حسب موقع “بلاي باز”.
علاج الحازوقة
في معظم الحالات، يشفى المريض من الفواق من تلقاء نفسه. لا توجد طريقة مؤكدة لوقف الزغطة، لكن هناك عددًا من الاقتراحات الشائعة التي يمكن تجربتها:
- التنفس بشكل متكرر في كيس ورقي.
- أخذ شهيق وزفير بعمق.
- شرب كوب من الماء البارد أو الغرغرة به.
- تناول ملعقة صغيرة من السكر.
- حبس الأنفاس.
- الاسترخاء وتدليك الحنجرة بمكعبات ثلج.
اتصل بالطبيب إذا استمر الفواق لأكثر من بضعة أيام. إن حدوث الفواق لفترة قصيرة شائع جدًا، ولا يحتاج عادة إلى فحوص طبية. أما إذا ما استمر الفواق لمدة عدة أيام، أو عنّد الفواق على العلاج، فينبغي حينئذ إجراء فحوص طبية للتعرّف على سببه وتحديد خطة العلاج.
في الختام
على الرغم من أن الفواق استحوذ على اهتمام الفلاسفة منذ أيا م (أفلاطون)، فإن الوظيفة الفسيولوجية للزغطة لم تحدد بدقة بعد، ولا يعرف بالضبط الهدف منها حتى الآن رغم أنه نشر خلال العقود الثلاثة الأخيرة أكثر من مائتي بحث طبي عنها.