كيف نتخلص من رفة العين؟

رفة العين أو رفرفة العين؛ هي ومضات أو تشنجات لا إرادية وطارئة في جفن العين، تكون أحيانًا قوية تتسبب في إغلاق الجفون تمامًا ثم فتحها من جديد، ويستمر التشنج لدى بعض الناس طوال اليوم، وقد يمتد أيامًا أو أسابيع وربما شهورًا. ولا شك أن استمرار رفة العين مزعج، وتقلصات العضلات المحيطة بالعينين تتسبب في حدوث غمزة أو حدوث حَوَل لا إرادي، وهو ما يزيد من صعوبة إبقاء العين مفتوحة، وقد يؤدي إلى ضعف في الرؤية. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: لماذا ترف العين؟

تأتي رفة العين نتيجةَ اضطراب العصب المغذِّي لعضلات الجسم، ويَحدث هذا الاضطراب لأسباب كثيرة، على رأسها التوتر العصبي الزائد والأرق، إذ إن عدم أخذ قسط كافٍ من النوم يعتبر من أهم الأسباب التي تؤدي إلى إجهاد العين وعضلاتها والجفون، خصوصًا إذا قلَّت ساعات النوم اليومية عن سبع ساعات متواصلة. ومن ضمن الأسباب أيضًا، الزيادة في تناول المشروبات التي تحتوي على مادة الكافيين، كالقهوة والشاي والمشروبات الغازية. أثبتت الدراسات أنه من الممكن أن تكون رفة العين ناتجة عن اضطراب عاطفي شديد أثَّر على عضلات الجفون وتسبب بحركة لا إرادية مؤقتة. كما تَحدث رفة العين نتيجةَ وجود عيب من عيوب الإبصار، مثل قِصَر النظر، وطول النظر، أو نتيجة الاستجماتيزم. أيضًا يُمكن حدوث رفة العين مع التركيز الشديد، خاصة في الأشياء القريبة، كاستخدام أجهزة الكمبيوتر أو القراءة، وذلك دون منح فترة راحة للعين. وينصح للمريض الذي يعاني من رفة العين استشارة الطبيب لا سيما إذا استمرت فترة طويلة، حيث يستطيع الطبيب استبعاد الأمراض العضوية، مثل حساسية العين، وجفاف العين، وعيوب الإبصار.

أنواع رفة العين

لرفة العين ثلاثة أنواع: رفة العين الثانوية ويُربَط سبب حدوثها غالبًا بعوامل نمط الحياة، كالإعياء، والضغط العصبي، وقلة النوم، واستخدام الكحول أو التبغ أو الكافيين، أو يمكن أن ينتج أيضًا عن تهيج سطح العين، أو الأغشية التي تبطن منطقة الجفون.

تشنج الجفن الحميد، ويظهر عادة في منتصف مرحلة البلوغ إلى أواخرها، ثم يزداد سوءًا تدريجيًّا. وتكون احتمالية الإصابة به عند النساء ضعف احتمال الإصابة به عند الرجال، وهذه الحالة عادة غير خطيرة. تبدأ هذه الحالة عادة بوميض دون توقف أو تهيج في العين، وعندما يزداد الأمر سوءًا قد تكون العين أكثر حساسية تجاه الضوء، وتصبح الرؤية غير واضحة، ويحدث تشنج في الوجه. وفي الحالات الخطيرة يمكن أن تصبح تشنجات العين شديدة، ما يؤدي إلى بقاء الجفون مغلقة مدة تصل إلى عدة ساعات. وتشمل الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بتشنج الجفن الحميد، الإعياء، والضغط العصبي، والضوء الساطع، أو الرياح، أو تلوث الهواء.

التشنج الوجهي، هو نادر ويحدث في كل العضلات الموجودة حول الفم والجفن، ويكون السبب غالبًا تأثير الشريان الذي يضغط على العصب الوجهي. وعلى عكس النوعين السابقين، يؤثر التشنج الوجهي في جانب واحد فقط من الوجه.

رفة العين والفأل السيئ

هناك اعتقادات خاطئة حول مسألة رفة العين، إذ تفسَّر هذه الحالة عند بعض الناس أنها نذير شؤم، وأنها فأل سيئ على صاحبه.. وما زال يصدح في عقول الكثيرين، أن مَن يشعر بطنين في أذنه اليمنى فإن أحدًا ما يَذكره بخير، وإذا شعر بالشعور نفسه في أذنه اليسرى فإن أحدًا ما يَذكره بسوء، وكذلك حينما ترفُّ العين اليسرى فإنه سيرى شيئًا سيّئًا (فأل شر). في حين وقف الإسلام عند بعض المسائل، وبيّنها ووضّح تفاصيلَها استنادًا إلى ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة؛ إذ جاء في هذا على لسان الكثير من العلماء والمفسرين، الذين اعتمدوا القرآن والسنة مرجعًا أوليًّا لهم، أن لا علاقة لرفة العين بفأل الشر والمصيبة، بل هي مجرد أقوال مشؤومة، ويجدر بالمسلم الحذر منها، فلم ترد حجة من القرآن أو السنة تقرُّ هذا وتقبله. وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام من هذا، حيث ثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: “لا عَدْوى ولا طِيَرَة” (رواه أبو داود).

رفة العين جـرس إنـذار

إنْ كانت رفة العين غير مؤلمة وغير مضرة وغالبًا ما تزول بمفردها، إلا أنها مزعجة إلى حد ما، خصوصًا إذا كانت التشنجات قوية بما يكفى لإغلاق الجفون بشكل كامل ثم إعادة فتحها.

وقد حذرت الدراسات من أن يتحول الإزعاج المؤقت إلى تشنجات متكررة على مدار اليوم، يمكن أن تستمر لأيام أو أسابيع أو شهور، ويمكن أن يسبب ذلك اضطرابًا عاطفيًّا كبيرًا. وأحيانًا تصبح حالة رفة العين مزمنة، وذلك في معظم صورها الخطيرة وإن كانت غير شائعة نسبيًّا؛ إذ يمكن أن تسبب الغمز والتحديق المستمر، وفي حال تطور الحالة ووصولها إلى مرحلة صعوبة إبقاء العين مفتوحة، يمكن أن تسبب ضعفًا شديدًا في الرؤية.

ولفتت الدراسات إلى أن رفة العين في بعض الأحيان تعدُّ دليلاً على وجود حالة مرضية خاصة بالعين، مثل التهاب جفن العين أو جفاف العين أو الحساسية تجاه الضوء أو التهاب ملتحمة العين، كما يمكن أن تكون في بعض الحالات النادرة علامة على اضطراب في الأعصاب أو الدماغ، علمًا أنها قد تكون أحد الأعراض الجانبية لأدوية معينة، أكثرها شيوعًا العقاقير التي تستخدم في معالجة الذهان والصرع.

كيفية التخلص من رفة العين

لعلاج هذه الحالة لا بد من تقليل المشروبات المحتوية على الكافيين، وتقليل التوتر العصبي، ولا يُنصَح باستخدام أدوية إلا في الحالات المَرَضية التي تؤدي إلى انغلاق العين، بحيث يَحدث تشنج في عضلات الجفون، مما يؤدي إلى انغلاق العين وتأثر الرؤية، وفي هذه الحالة قد يلزم حقن الجفون بمادة البوتكس، أو إجراء جراحات مختلفة للجفون في الحالات الشديدة.

– إن السهر والإرهاق عدوَّان حقيقيَّان لعينيك؛ لذلك لا تُجْهِد عينيك بالانهماك في القراءة، أو الرسم، أو مشاهدة التلفزيون، أو العمل على جهاز الحاسب الآلي، أو استخدام شبكة الإنترنت لفترة طويلة؛ لأن هذا يضر العين ويسبب إجهادها.

– اعطِ جسمَك القسط الكافي من الراحة والنوم.

– ضرورة الإكثار من أكل الفاكهة والخضروات الطازجة، ومنتجات الألبان والأسماك؛ لأن مِثل هذه المأكولات، لها فائدة عظيمة في المحافظة على سلامة العينين وصحتهما.

– أمّا إذا كان سبب رفة العين سببًا مرضيًّا ناجمًا عن مرض معين، فإنه يتم معالجة المرض واستخدام الأدوية للتخلص من الرفة.

الخلاصة أنه لا يوجد تفسير طبي للربط بين رفة العين وحدوث شيء مستقبلي، ولكن قد يكون هذا الارتباط نتيجةَ التوتر العصبي الذي يعاني منه هذا المريض. هذا عن رفة العين، فماذا عن رمش العين أو بَرْبَشتها؟

رمش العين أو بربشة العين

الرمش عبارة عن عملية نصف لا إرادية تظهر في صورة إغلاق جفن العين بسرعة، تتم عن طريق تثبيط عمل عضلة رافعة الجفن العلوية مع تنشيط عمل العضلة الدائرية حول العين، وهي عملية هامة للعين حيث إنها تساعد على انتشار الدموع عبر العين، كما أنها تزيل المواد المهيجة من على سطح القرنية. وقد يكون لها وظائف أخرى، حيث إنها تحدث باستمرار وبمعدل عال، وذلك لإبقاء على العين في حالة تشحيم دائم.

يعتقد الباحثون أن الرمش قد يساعد على فك أو فصل التركيز، حيث وُجد أنه مع بداية الرمش يقل نشاط قشرة المخ في الشبكة الخلفية، ويزداد نشاطها في شبكة الوضع الافتراضي المختص بالمعالجة الداخلية. وهناك نوعان من الرمش: التلقائي ويحدث دون الحاجة إلى مؤثر خارجي أو مجهود داخلي (تلقائيًّا) مثل التنفس والهضم، والرمش المنعكس ويحدث كاستجابة لمؤثر خارجي مثل لمس القرنية وظهور شيء أمام العين بسرعة، ويحدث بسرعة تفوق سرعة الطَرْف التلقائي.

ورمشة العين هي أسرع حركة يمكن أن يقوم بها جسم الإنسان، حيث يقوم الإنسان بنحو ١٣,٥٠٠ رمشة في اليوم، ما يعادل ١٠-١٥ مرة في الدقيقة الواحدة. وهذه الحركة المألوفة والغامضة في الوقت نفسه، ليست كما كان يُعتقد سابقًا، مجرد نشاط شبه تلقائي وغير واع لترطيب قرنية العين، فالرمش لا يزال لغزًا فسيولوجيًّا لمعظم علماء اليوم.

الأبحاث العلمية حول رمش العين

لقد تكثفت الأبحاث العلمية حول رمش العين في الآونة الأخيرة نتيجة أهميتها في تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات وغيرها.. وعلى سبيل المثال، أدخلت برمجيات “أدوبي فوتوشوب” في عام ٢٠١٧م ميزة “عيون مفتوحة مغلقة” إلى عناصرها الأخرى، لتتناسب مع رمش العين، ويدرس مهندسو “فيسبوك” إدخال هذه التقنية أيضًا في المستقبل. كما أن ازدياد استخدام لغة الصور على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم -مثل الإيموجي وغيرها- دفع في الاتجاه نفسه. ويعتقد كثير من الباحثين أن الربط بين رمش العين وبعض التطبيقات الذكيـة، سيتعزز أكثر فأكثر في المستقبل.

والرمش هو أداة تواصل غير لفظي، حيث كشفت دراسة حديثة أن رمشة العين هي عبارة عن اتصال غير شفهي مهم، وأنه عندما نتحدث إلى شخص ما، فإننا نستجيب دون وعي لرمشة العين.

وفي بحث أجراه “بول هومك” وزملاؤه من معهد ماكس بلانك الألماني، قسم علم اللغة النفسي في أواخر عام ٢٠١٨م، ظهر أن الرمش هو إشارات غير لفظية عند الدخول في محادثة، وغالبًا ما يحدث عند التوقف الطبيعي خلالها. وتساءل “هومك” عما إذا كانت حركة صغيرة وشبه واعية مثل الرمش، يمكن أن تكون بمثابة تفاعل مع المتكلم، تمامًا مثل الإيماء بالرأس.

الرمش والابتسامة

جاء في دراسـة قامت بها مجموعة من العلماء من معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات الأمريكي عام ٢٠١٣م، أن هناك دليلاً على وجود علاقة مؤقتة بين رمش العين وديناميكيات بداية الابتسامة ونهايتها، حيث تحدث الابتسامات والرمش بتكرار عال أثناء التفاعل الاجتماعي، ولكن لا يُعرف كثيرًا عن تكاملهما الزمني.

ومن طرائف رمش العين، أن مخترع ماسحات السيارة المتقطعة “روبرت كيرنز”، كان خلال ليلة زواجه عام ١٩٥٣م، يفتح زجاجة تحتوي على سائل مضغوط، فانطلقت سدادتها وضربت عينه اليسرى مسببة لها ضررًا دائمًا تمثل برمش غير منتظم، وقد شغل هذا الإزعاج مخيلة “كيرنز”: لماذا لا تكون هناك ماسحات تعمل بشكل متقطع كل بضع ثوان تمامًا كرمش العين الطبيعية؟ وتقدَّم بفكرته هذه إلى شركة “فورد” للسيارات، وتقاضى نتيجة ذلك عدة ملايين من الدولارات.

هل الرمش استراحة ذهنية؟

قبل بضع سنوات لاحظ الدكتور “جون ستيرن”، رائد أبحاث رمش العين والأستاذ الفخري في علم النفس بجامعة واشنطن في سانت لويس، أننا “عندما نحمل في ذهننا معلومات مهمة أو نكون في حالة انتباه شديد، فإننا نرمش أقل. فالطيارون (الحربيون) الذين يحلقون فوق منطقة صديقة -على سبيل المثال- يرمشون أكثر مما لو كانوا يطيرون فوق أرض العدو، لأن هناك معلومات أقل أهمية يجب التنبه إليها”. لذلك خمّن الباحثون أننا قـد نرمـش من دون وعي للحصول على نوع من استراحة ذهنية، وذلك بإغلاق المنبهات البصرية في الدماغ لفترة قصيرة، لنتمكن من التركيز بشكل أفضل في اللحظة التالية. 

(*) استشاري في طب وجراحة العيون / مصر.

المراجع

(١) كتاب كلام في العيون، د. محمد السقا عيد، تحت الطبع.

(٢) مجلة القافلة السعودية، رمش العين لا يزال لغزًا، العدد: يوليو-أغسطس ٢٠١٩م.

(٣) رغم محاولات فكّها.. ألغاز رمش العين لا تزال مستعصية، العربية.

(٤) رفـة العيـن.. جـرس إنـذار، جريدة الصباح، ١٣ديسمبر ٢٠١٧م.

(٥) رفة العين ما بين العلم والخرافات، سطور.