أهم اختراع طبي لعلاج السكري

أصبحت طرق العلاج بالخلايا الجذعية “أكبر اختراع طبي” في قرننا الحالي، وأصبحت دراسات وتطبيقات هذه الطرق ذات صدًى كبير في العالم بأسره، إذ أثارت اهتمام العلماء والمرضى معًا، في السنوات الأخيرة، وأصبح العلماء يجرون أبحاث مكثفة على الخلايا الجذعية، خاصة في الجراحات التجميلية والأمراض الجلدية، والآن تمكن العلماء من اختراق الأمراض المزمنة التي لا علاج لها كمرض السكري.

تعد جروح القدم السكري من أهم أسباب دخول مرضى السكري إلى المستشفى على المدى الطويل، حيث خطر البتر بنسبة أعلى 15- 40 مرة في مرضى السكري من الأفراد العاديين، وفي حوالي 8 بالمائة من إصابات القدم السكرية التي لوحظت في ربع مرضى السكري، قد تؤدي إلى جروح مستعصية بالقدم أو الأصابع.

تعتبر تطبيقات العلاج بالخلايا الجذعية لشفاء الجروح طريقة جديدة وفعالة، فأصبح علاج جروح القدم السكرية بالخلايا الجذعية أمرًا ممكنًا، فإن إمكانية تطبيقه في الجروح المزمنة أو الحادة لها أيضًا إمكانات كبيرة.    

حيث إن جزء الأوعية الجذعية “SVA” عبارة عن مزيج من الخلايا الغنية بالخلايا الجذعية، ويتم  الحصول عليه عن طريق التحلل الإنزيمي للدهون من البطن بطريقة شفط الدهون، وتساهم هذه التطبيقات الغنية بالخلايا المتجددة في التئام جروح القدم السكرية، من خلال آليات مختلفة مثل تثبيط موت الخلايا وتخليق الكولاجين وإطلاق عامل النمو وتكوين الأوعية الدموية وتكاثر الخلايا.

في سابقة فريدة عالميًّا، نجح فريق من العلماء والأطباء الصينيين في علاج مريض مصاب بالسكري من النوع الثاني باستخدام العلاج بالخلايا، ولأن مرض السكري من النوع الثاني حتى هذه اللحظة، لم يتم شفاء أي شخص منه على الإطلاق، إلا أن العلماء الصينيين اكتشفوا كيفية علاجه بالخلايا الجذعية،  هذا الاكتشاف الذي قد يعطي الأطباء طريقة جديدة كلية في علاج المرض الذي كان مستحيل الشفاء منه تمامًا.

يقول الأطباء الصينيون إنهم نجحوا في علاج مرض السكري لدى رجل يبلغ من العمر (59 عامًا)، باستخدام العلاج بالخلايا الجذعية لأول مرة في العالم، وأجرى الدراسة باحثون بقيادة الدكتور يين هاو، ونشرت في مجلة “سيل ديسكفري”، وكتب عنها عدة مواقع أخرى، وقد خضع المريض لعملية زراعة خلايا في عام 2021، ولم يتناول الأدوية منذ عام 2022.

شمل العلاج التجريبي إنشاء نسخة اصطناعية من الخلايا الموجودة في البنكرياس التي تنتج الإنسولين، وتحافظ على مستويات السكر في الدم تحت السيطرة، وكان الرجل يعاني من مرض السكري من النوع الثاني لمدة 25 عامًا، وفقد تقريبًا كل وظائف هذه الخلايا، المعروفة باسم جزر البنكرياس “لانجرهانز”. وكان المريض معرضًا لخطر كبير للإصابة بمضاعفات مميتة، مما يتطلب حقن عدة إنسولين كل يوم لمنعه من الدخول في غيبوبة سكري.

ولأن البنكرياس هو العضو الذي من بين وظائف أخرى ينتج الإنسولين، وهو هرمون طبيعي يستخدمه الجسم للتحكم في كمية السكر في مجرى الدم، ويعاني مرضى السكري من صعوبة في تنظيم نسبة السكر في الدم، بسبب خلل البنكرياس فيتم تحويله إلى حالة كمون، وهذا يتطلب من المريض الحفاظ على نظام غذائي صارم نسبيًّا وبرنامج تمارين رياضية، لوقف عودة مضعفات السكر في الدم.

فاعلية العلاج الجديد

على الرغم من أن الاختراع الجديد نجح بامتياز، إلا أن الباحثين بحاجة إلى بعض الوقت وإجراء التجربة واختبارها على المزيد من الأشخاص، لضمان فعالية ونجاح التجربة بنسبة 100%، وذلك للموافقة عليها، واعتمادها للعامة جميعًا، والجدير بالذكر أن تلك التجربة تقتصر على مرضى السكر من النوع الثاني فقط، فلا يمكن إجرائها على مرضى السكري من الدرجة الأولى.

هذه هي المرة الأولى في العالم التي يتم فيها علاج مريض من السكري باستخدام العلاج بالخلايا، يذكر أن الفريق بقيادة “يين هاو” الباحث البارز بمستشفى “شنغهاي تشانغجتشينغ”، استخدم خلايا الدم وحيدة النواة المحيطية الخاصة بالمريض وأعاد برمجتها، وقد تم تحويلها لـ”خلايا بذرية” وإعادة تشكيل أنسجة جزر البنكرياس في بيئة صناعية، ويؤكد “هاو” أن هذا الإنجاز تقدُّم آخر بمجال الطب التجديدي، الذي يعزز قدرات الجسم على التجدد لعلاج الأمراض.

وعلى الرغم من خضوعه لعملية زرع كلية عام 2017، إلا أنه فقد معظم وظيفة “الجزر” بالبنكرياس، وهو أمر بالغ الأهمية لتنظيم مستويات الجلوكوز في الدم، وكان يعتمد على حقن الأنسولين اليومية المتعددة.

وشمل العلاج التجريبي إنشاء نسخة اصطناعية من الخلايا الموجودة في البنكرياس، التي تنتج الأنسولين وتحافظ على مستويات السكر في الدم تحت السيطرة.

تعليقًا على هذا الإنجاز الكبير، قال “تيموثي كيفر” الأستاذ بقسم العلوم الخلوية والفسيولوجية بجامعة كولومبيا البريطانية، في تصريح لصحيفة “South China”: (أعتقد أن هذه الدراسة تمثل تقدمًا مهمًّا في مجال العلاج بالخلايا لمرض السكري)، وذلك وفق ما نشر في المواقع العلمية.

ويدرس الباحثون العالميون زراعة الجزر كعلاج بديل واعد، مع التركيز في المقام الأول على إنشاء خلايا تشبهها من مزارع الخلايا الجذعية البشرية، وبعد أكثر من عقد من الجهد، حقق الفريق الصيني تقدمًا كبيرًا.

وفي يوليو 2021، خضع المريض لعملية زراعة الخلايا المبتكرة، وبعد 11 أسبوعًا فقط لم يعد بحاجة إلى الإنسولين الخارجي، وفي غضون عام، اختفت تمامًا حاجته لتناول الدواء عن طريق الفم للتحكم بمستويات السكر في الدم. وهذه هي المرة الأولى في العالم التي يتم فيها علاج مريض من مرض السكري باستخدام العلاج بالخلايا.

يذكر أن الفريق بقيادة “يين هاو” الباحث البارز بمستشفى “شنغهاي تشانغتشينغ”، استخدم خلايا الدم وحيدة النواة المحيطية الخاصة بالمريض وأعاد برمجتها، وقد تم تحويلها لـ”خلايا بذرية” وإعادة تشكيل أنسجة جزر البنكرياس في بيئة صناعية.

ويؤكد هاو أن هذا الإنجاز “تقدم آخر بمجال الطب التجديدي، الذي يعزز قدرات البنكرياس على إفراز الإنسولين بشكل طبيعي، بل والجسم على التجدد لعلاج الأمراض”.

ولا شك أن علاج السكري بالخلايا الجذعية وصل إلى مراحل تبشر المرضى بمستقبل جديد، فالخلايا الجذعية تعرف بأنها الخلايا الأولية في الجنين، وتتطور لتكوِّن الأعضاء الحيوية بالجسم، لا سيما البنكرياس.

لكن ندرة خلايا الأجنة دفعت الباحثين إلى العمل على تحويل خلايا الجسم العادية إلى خلايا جذعيه، وبرزت إسهامات العلماء الأمريكيين في هذا المجال البحثي، وأوضح أن العلماء في الولايات المتحدة استطاعوا منذ عدة سنوات تحويل بعض الخلايا البشرية من الجلد أو الدهون إلى خلايا جذعيه، حيث تم اختبارها على عينة من مرضى السكري من النوع الأول، لكنها لا تزال قيد الدراسة. 

الأطباء الصينيين اعتمدوا على خلايا مختلفة بجسم الإنسان للحصول على الخلايا الجذعية وهي “خلايا الدم أحادية النواة”. وقام الفريق الطبي بالصين بتطوير الخلايا الجذعية إلى خلايا تشبه خلايا “بيتا” التي تفرز هرمون الإنسولين بالبنكرياس، وزراعتها في وريد الكبد، هذه الطريقة الواعدة تم تجربتها في البداية على عينة من الفئران والقرود، وحققت نجاحًا كبيرًا، مما دفع الفريق الطبي لاختبارها لأول مرة على شخص مصاب.

بعد عامين من زراعة الخلايا الجذعية، وجد الأطباء أن المريض لم يعد بحاجة إلى حقن الإنسولين، مع انتظام مستويات سكر الدم لديه، وأشار الفريق إلى وجود طريقتين لحماية الخلايا الجذعية المزرعة في البنكرياس من هجمات الجهاز المناعي، هما:

– تناول الأدوية المثبطة للمناعة.

– وضع الخلايا الجذعية في كبسولة قبل زرعها في الجسم.

هذه التجربة ما زالت بحاجة لمزيد من الأبحاث، قبل اعتمادها كعلاج رسمي لداء السكري بنوعيه، بالإضافة إلى أن الدم المراد تحويله إلى خلايا جذعيه يحتاج إلى عملية تنقية معقدة، لتطهيره من العوالق والميكروبات.

العلاج بالخلايا الجذعية ما زال في المراحل المبكرة جدًّا، ومن يزعم علاج السكري من النوع الأول بالخلايا الجذعية يجب أن يتم مساءلته قانونيًّا، أما العلاج الجيني، فلم يتم التعرف على الجين المسبب لمرض السكري حتى الآن، ولا وجود علاج جيني حالي لمرض السكري.

الطرق الحديثة في العلاج

الفرق بين النوع الأول والثاني من مرض السكري، هو أن النوع الأول أقل من 10% وهم فئات صغار السن ووزن نحيل، وسبب الإصابة غير معلوم طبيًّا، لكن هناك نظريات أرجعته إلى مشاكل مناعية، وهذا النوع يحتاج إلى تناول الإنسولين منذ البداية.

أغلب مرضى السكري من النوع الثاني مصابون بالمرض دون شكوى أو أعراض، مثل التبول بكثرة وجفاف الريق وفقدان الوزن، وهنا تكون أهمية الكشف والتشخيص المبكر للمرض خصوصًا مع بداية سن 36 عامًا.

زراعة البنكرياس من التدخلات الجراحية القديمة في علاج المرض، ولكن مضاعفات استخدام أدوية مثبتات المناعة لمنع مقاومة الجسم للبنكرياس المزروع أسوأ من مضاعفات السكري، فالقرار العالمي لا يتم زراعة البنكرياس إلا لمريض سيقوم بزرع عضو آخر.

هناك طرق حديثة في العلاج منها إعادة النظر في علاج مريض السكري، فلم يعد الأمر يستهدف من علاج مرضى السكري “ضبط مستوى السكر في الدم فقط”، بل انصب الاهتمام على حماية المريض من المضاعفات، إلى جانب أن علاج السمنة أصبح جزءًا أساسيًّا في علاج المرضى.

 كما أن اعتلال الكلى لمريض السكري يرجع لعدم ضبط السكر لفترات طويلة، فارتفاع السكر بالدم مرتبط بمضاعفات على الشرايين الدقيقة وهي الاعتلال الشبكي والكلوي، والتهابات الأعصاب الطرفية، ويجب الوقاية ومنع حدوث زلال البول أو الاعتلال الكلوي، من خلال كشف دولي كل 3 أشهر في البداية من خلال تحليل زلال بول مجهري، للتدخل المبكر والعلاج.

لأن هناك مرضى بالسكري ولا يعلمون بمرضهم وعددهم يساوي عدد المرضى المشخصين، ما يؤكد على أهمية الوعي الصحي للمرضي والكشف المبكر، في ظل وجود أفكار ومعلومات خاطئة يروج لها على مواقع التواصل الاجتماعي في العلاج، دون خضوعها لرقابة ومحاسبة، تسبب تأثيرات ومضاعفات خطيرة على المريض.
أيضًا هناك حالات يمكنها وقف علاج السكري لبعض المرضى، وهم أشخاص خضعوا لعمليات تحويل مسار وعمدوا إلى خفض وزنهم أكثر من 15%، ولكن هذا لا يعد شفاء من المرض بل اختفاء، ففي حال زيادة الوزن يعود السكري مرة أخرى، أو حالات كان السكري وجوده عرضي فيمكنها التوقف عن العلاج، مثل بعض حالات سكر الحمل حيث يتم وقف العلاج بعد الولادة.

ولأن السكري ينجم عن زيادة استهلاك البنكرياس والعادات غير الصحية والسمنة، فللوقاية من الإصابة بالسكري، يجب تناول أكل صحي غني بالألياف والخضراوات مع خفض النشويات والسكريات، والوصول بالجسم إلى الوزن المثالي، وتفادي القلق والتوتر، كل تلك الأمور تقي من الإصابة بالسكري.

المصادر:

موقع- Interesting Engineering

-Patel, P (1 Apr 2024). “A natural stem cell therapy? How novel findings and biotechnology clarify the ethics of stem cell research”. Journal of Medical Ethics

Ian Murnaghan for Explore Stem Cells. 2023 Why Perform a Stem Cell.

Cummings BJ، Uchida N، -Tamaki SJCell Basics: What are the potential uses of human stem cells and the obstacles that must be overcome before these potential uses will be realized. 2023