يطل علينا العدد الجديد (92) من مجلة حراء بموضوعات متنوعة فكرية وأدبية وعلمية وثقافية وتربوية، ليشكل منها وحدة موضوعية تعالج كثيرًا من القضايا الآنية المتعلقة بالفرد والمجتمع.
تسلط الضوء فيه على مزيد من الحلول لمعالجة كثير من القضايا المطروحة على الساحة الفكرية، بأقلام نخبة من الكتاب المتميزين من مشارق الأرض ومغاربها.
تفتتح المجلة عددها بمقالها الرئيس “الأرض” للأستاذ فتح الله كولن المتصدر هذا العدد من حراء، والذي استهل كلامه فيه بـ “الأرض من حيث سطحها الخارجي وبنظرة سطحية؛ تذخر بأســرار شــتى بفضــل تلامس الغــلاف الجــوي مع القشــرة الأرضية”.
إنه “الموضوع الرئيس للعلوم الطبيعية، لأن الأرض مصــدر حيــاة شــديد الــدفء والوفاء والرحمــة”. وإذا كان الأستاذ كولن أكّد على أن الأرض هــي العنصــر الأكثر قيمة، والمادة الأكثر أهميــة لجميــع المخلوقــات وخاصــة للكــرة الأرضية، فقد تناول الدكتور “نبيل سليم” جانبًا محوريًّا آخر وهو “قصر القامة”، وذلك من خلال مقاله الموسوم ب “قِصَر القامة سبب لأمراض القلب” والقائل فيه “إنه كلما ازداد الرجل قِصرًا ازدادت مخاطر أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم”. أما الدكتورة “هدى الميموني” فتحدثنا في مقالها “العبقرية هل هي حالة مرضية؟” عن “أن العبقري هو الذي يسعـى بالإبداع إلى اكتشاف نظام جديد يمنح الوحدة والانسجام لكل ما بدا في الطبيعة مختلفًا أو متناقضًا لزمن طويل، والمبدع وهو يمارس إبداعه يعشقه ويتمادى فيه، وقد ينعزل عن المجتمع الذي ربما ينظر إليه كشخص غير طبيعي باعتباره يختلف عن الناس العاديين في الحياة الاجتماعية”. ويستعرض الدكتور “عماد عبد الرازق” في مقاله “الترجمة وجدلية التواصل بين الأنا والآخر”، أن الترجمة تمثل جوهر أي تواصل حضاري بين الشعوب، فهي بمثابة الجسر الذي تعبر عليه جميع الحضارات وتتلاقى، وتتفاعل وتتلاقح في حوار حضاري. كما سنتعرف على أن أول ما يُخلق في الجسم البشري هو القلب وأنه ليس محل الإدراك أو الفهم والتعقل فحسب، بــل مركــز العاطفة؛ وله القدرة على أن يبعث ذبذبات تمكنــه من تآلف القلوب بعضها ببعض وذلك في مقال الدكتور “إبراهيم عبد الباقي أبو عيانة” الموسوم ب “القلب محل الإيمان والتفكير”.
وفي مجال العلوم يطلعنا الدكتور “محمد السقا عيد” من خلال مقاله” هل السرطان يعني الموت المحتوم؟” على أنه لم يعد السرطان حكمًا بالإعدام كمــا ظــن النــاس في السابق، فقط نحتاج إلى الصبر قليلاً.. فيومًا بعد يوم تظهر طرق جديدة للعلاج، بعضها يستهدف المناعة، والبعض الآخر يســتهدف بيئة الســرطان، وغيرها يستهدف الوقاية منــه. ويدعو الدكتور “محمد عباس عبد المغني” من خلال مقاله “أثر فقه المقاصد الدعوية في تجديد الخطاب الديني المعاصر” إلى أن المقصد العام للشريعة الإسلامية هو عمارة الأرض، وحفظ نظام التعايش فيها، واســتمرار صلاحها بصلاح المستخلفين فيها، وقيامهم بـمـا كلفوا به من عدل واســتقامة، ومن صلاح في العقــل وفي العمل، وإصلاح في الأرض، واستنباط لخيراتها، وتدبير لمنافع الجميع.
هذا إلى جانب عدد آخر من المقالات الأدبية والعلمية والثقافية التي ذخر بها هذا العدد من حراء، والتي نرجو أن يجد فيه قراؤنا الأعزاء ما يمدهم بالفكر الواسع، ويدفعهم إلى تنمية ملكات الإبداع والتأمل لديهم، وبالله التوفيق.